بالفيديو- من هو الأعرج في فيينا؟

على رجل واحدة سار وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد #ظريف الى مؤتمر فيينا . حضر ممثلاً بلاده التي دعيت للمرة الاولى الى مؤتمر في شأن الأزمة السورية. في الواقع، لم يكن هو الأعرج الفعلي في المؤتمر، بل صاحب الدعوة وزير الخارجية الاميركية جون كيري، الذي اصبحت ادارته "بطة عرجاء" مع قرب انتهاء الولاية الثانية للرئيس باراك #أوباما. لم يُفهم ماذا اعدّ كيري في الورقة التي وضعها لجمع وزراء خارجية الدول المعنية بالأزمة السورية ، ولم يُفهم كيف انطلقت الدعوة بداية من الدول الاربعة اي روسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية ، اضافة الى الولايات المتحدة الاميركية ، ثم كيف توسٰعت الى دول الجوار مع سوريا تالياً لتشمل ايران فدعي معها لبنان والاردن والعراق، ولاحقاً كيف بدأت تتوالى الدعوات الى ان وصل عدد المنخرطين في ملف الازمة السورية الى ١٧+ منظمتي الامم المتحدة من خلال الموفد الخاص للامين العام للأمم المتحدة ستيفان دومستورا والاتحاد الاوروبي. 

[[video source=youtube id=E862iDC2M3s]]

بعض الدول الخليجية دعيت وحضرت ، ومنها سلطنة عمان التي تضطلع بصمت بدور وساطة بدأ مع خرق وزير خارجيتها يوسف بن علوي المقاطعة الخليجية بزيارته المفاجئة لدمشق الاثنين الماضي لنقل الأفكار المطروحة إقليمياً ودولياً،لإيجاد حل للأزمة في سوريا.

غاب النظام السوري وحضرت ملائكة الدفاع عنه. غابت المعارضة السورية وحضرت مملكة الدفاع عنها. جلس الإيراني بوجه السعودي على الطاولة الموسٰعة وتواجها بأعنف الهجومات الكلامية والاتهامات برعاية وارتكاب الارهاب والقتل. تسلّلت تسريبة عن قبول الوفد الإيراني برحيل الأسد بعد ستة اشهر، اعتبرها الوفد الإيراني مكمناً للتصدي لها باعتراض عنيف داخل القاعة وصل الى حدٰ التهديد بمغادرة المؤتمر، كما بنفي رسمي خارج القاعة.

لم ينزع الإيراني ولا الروسي ولا السعودي قفازات الملاكمة على طاولة التفاوض. بقي كل فريق على سلاحه. دخلتالدبلوماسية الدولية في متاهة النقاش العقيم حول مسارالحل السياسي في سوريا،ومدة المرحلة الانتقالية، واختلفواعلى دور الرئيس بشار الأسد ومصيره.

ثلاثة دافعوا عن الأسد وتمسكوا بمشاركته في الحل، وهمالروسي والايراني والعراقي. والباقي خاض حملة لتحديد مدة وآلية المرحلة الانتقالية ومسار الحل من دون الاسد.

خرج سيرغي لافروف مراراً من القاعة،مرات لإجراء مشاورات جانبية، وأبرزها مع وزير خارجية الصين، ومراتعدٰة ضبط امام المدخل الخلفي لفندق إمبريال يُدخّنسيجارته. رفيقه في التدخين المتواصل كان وزير خارجية الاْردن ناصر جوده المتكتٰم على كل ما يدور في الاجتماع المغلق قبل الاتفاق على بيانه المتعثٰر.

العلم اللبناني توسّط مجموعة أعلام الاطراف المشاركة، تصدّر خلفية صورة كيري ولافروف ودومستورا الذين جلسواعلى رأس الطاولة المستطيلة. ولكن لبنان بأزمته الكبرى،(وهي بمعظمها ناتجة عن الحرب السورية) لم تكن لتذكر لولا مداخلة لوزير الخارجية اللبنانية كانت كلمة مطبوعة وتتضمن مقترحات لخريطة طريق الى الحل. كادت هذه الكلمة ان تضيع وسط السجالات المشتعلة حول الجبهة السورية،

ولذلك اختصر الموقف اللبناني واقتصر على التزام النأي بالنفس . الانقسام الحاد اطاح بمعظم بنود مسودة البيان الختامي وكاد ان يطيٰر المؤتمر. مشاورات مكثفة داخل القاعة وعلى جوانبها انقذت بعد ساعات من الأخذ والرد بعض العموميات في "بيان اللحظة الاخيرة". وقع الاختلاف حتى على الموعد المقبل للاجتماع، وتقرّراخيراً ان يعقد خلال اسبوعين. مصير الاسد بقي لبّ الخلاف فتقرّر اخيراً "الاتفاق على عدم الاتفاق"، وفقتوصيف كيري. مخاض الساعات الطويلة أنتج اخيراً "تفاهم النقاط التسعة" التي هي جميلة في الشكل وغير واضحة في التطبيق.

قيل ان الاميركي أراد من المؤتمر اطاراً دولياً لتكريس خريطة النفوذ الجديدة التي يتقاسمها مع روسيا في المنطقة، وفيها تشريع الدخول الروسي على سوريا عسكرياً ثم سياسياً. وقيل ان روسيا ارادت المؤتمر لحاجتها الى مخرج سياسي لدخولها العسكري الميداني.

وقيل انها هي التي ستتولى مصير الأسد في المرحلة المقبلة. وقيل إن ايران ارادت ان تكرّس بهذا المشهد الدولي دورها في سوريا والمنطقة بما يشبه المنتصر ب " اتفاق نووي آخر". وقيل ان الاتفاق على مستقبل سوريا منجز والمؤتمر لم يكن الا اخراجاً لتظهيره وإعطاء الإشارة لانطلاقه.... الا ان النتيجة خالفت التوقعات، فشدٰ الحبال ما زال في بداياته وقد يأخذ وقتاً طويلاً، والجولة الأولى من العدّ تنطلق من الميدان السوري في أسبوعيه المقبلين ،لاسيما في الايام الفاصلة عن الموعد المقبل للقاء فيينا في جزئه الثاني.

على رجل واحدة يقاتل ظريف، وعلى رجليه يعرج كيري، وعلى كيري يتكئ لافروف . ورهان روسيا وإيران على عاملي الوقت والميدان فهما على رجل واحدة يقاتل ظريف من يرسم المسار ويحدٰد المصير.