الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هذه الأمراض التي تسببها "أمطار النفايات"... والمسؤولون يتقاذفون المسؤولية

المصدر: "النهار"
زينة ناصر
هذه الأمراض التي تسببها "أمطار النفايات"... والمسؤولون يتقاذفون المسؤولية
هذه الأمراض التي تسببها "أمطار النفايات"... والمسؤولون يتقاذفون المسؤولية
A+ A-

لدى الحديث الى مسؤولين معنيين بالمشهد البيئي الكارثي الذي شاهده اللبنانيون صباح اليوم في مناطقهم وأحيائهم، من سيول جرفت النفايات المكدسة الى زحمة السير الخانقة في أكثر من تقاطع حيوي بفعل تجمع المياه، نكاد نسمع النقمة عينها التي يرددها المواطنون، لتتماهى المسافة بين المواطن والمسؤول الذي يقرّ بتحمل المسؤولية عن العجز من دون أن تحملنا المحاسبة الى خطى عملية تغيّر شيئاً في الواقع، أو من دون أن نرى مسؤولاً يعتذر لشعبه عن العجز في  أداء المهمة ويغادر كرسيه.


وزير الزراعة أكرم شهيب بعث برسائل مباشرة بأنه لن ينتظر كثيراً قبل أن ينفض يده من الخطة التي حملت اسمه ما لم يلمس إرادة سياسية جدية بحل الأمور والمقصود طبعاً مساعدة الأطراف الرئيسة في إيجاد المطمر الثاني في البقاع، الى فعل ما يجب لتمهيد الطريق كلياً أمام العمل في مطمر سرار العكاري.


 وزير الإتصالات بطرس حرب دق ناقوس الخطر ودعا الجميع إلى تحمل مسؤولياته تجاه شعبه، ملوّحاً أنه "إذا لم يحصل هذا التجاوب بالسرعة سنضطر إلى إطلاع الرأي العام على كل الحقائق والعقبات والجهات التي تقف وراءها كما سنبادر إلى اتخاذ الموقف السياسي الحاسم من هذه القضية"، مستخدماً عبارة "لقد طفح الكيل".


اما وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور فكشف انه "سيكون لشهيب جولة تداول أخيرة سيكشف بعدها المستور، اذا لم تسر الخطة"، مضيفا "اننا وصلنا الى المحظور الذي طالما حذرنا منه والمخاطر الصحية ازدادت، خاصة على المدى البعيد نتيجة الترسبات والأولوية لإعادة جمع النفايات التي تبعثرت".
ولفت الى انه "سيكون على وزارة الصحة القيام بالكثير من الاجراءات لتفادي الأسوأ، وهناك أضرار صحية وبيئية لم يعد يمكن تداركها بل التخفيف من ضررها نتيجة الترسبات والتأثير على المياه والمزروعات".
ولا يبدو أن شهيب وحده يخطط "لتسمية الأشياء بأسمائها"، فوزير النقل والأشغال العامة غازي زعيتر قال لـ"النهار": "سأسمي الأشياء بأسمائها اليوم"، لدى سؤاله عن عدم تدارك الوزارة لمنع حصول السيول التي ملأت الشوارع ما إن أمطرت لنحو نصف ساعة متواصلة. وشدّد زعيتر على أنه حذّر من هذه "الكارثة الوطنية"، كما أسماها، مشيراً إلى أنه تمّت مراسلة البلديات، إلى جانب إنذار وزارات عدّة معنية، البيئة خصوصاً في ما يتعلّق بترك الأتربة عند القيام بمشاريعها، والصناعة لمعالجة نفايات المصانع. كما أشار إلى الأبنية المخالفة من خلال طريقة تجميع مواد البناء.


 


" مسؤوليتنا جميعاً"
أما عن الخطوات العملية التي تتّخذ إلى جانب التحذير، فيؤكّد زعيتر أنها "ليست جميعها من مسؤولية وزارة الأشغال وحدها"، مشيراً إلى ان الوزارة قامت بتنظيف الأقنية على كل الطرق الدولية، لكن "عندما نرمي النفايات بالأطنان على الطرق، من الطبيعي ان تُسدّ المجاري". ودعا إلى تشكيل خليّة طوارئ لمعالجة موضوع إزالة النفايات من الشوارع بأسرع وقت ممكن.
ورأى ان ما جرى "من مسؤوليتنا جميعاً وزارات وبلديات"، داعياً إلى "فتح تحقيق لمحاسبة كل من أخطأ، ومن ارتكب"، وفي ما يتعلّق بوزارة الأشغال، قال ان هناك لجاناً و24 مهندساً مختصاً يراقبون سير الأعمال، داعياً الى "محاسبتهم كذلك في حال ثبت أي تقصير". ويبدي زعيتر استياءه من ان قرار الحكومة لم يطبّق بعد "لأنها تتعامل مع الأمور على أساس طائفي لا وطني"، وختم: "هذه ليست دولة"، شاكراً المواطن اللبناني على "تحمّل المسؤولين".


 


"الكوليرا في انتظارنا"


اذاً بعد أشهر من مطالبة اللبنانيين المسؤولين بالإسراع في معالجة النفايات الموجودة في الشوارع قبل هطول الأمطار وتفاقم المشكلة، حصل ما كان في الحسبان. استقظ اللبنانيون على ذعر الأمطار الغزيرة، التي غيّرت في طلّتها هذه السنة، حيث سبحت النفايات في الشوارع، حاملةً معها السموم والأمراض، وهو ما كان يتخوّف منه الجميع منذ بداية #أزمة_النفايات .
فما هي الأمراض والأوبئة التي قد يصاب بها اللبنانيون، المستاؤون من الإهمال في حقّهم، على المديين القريب والبعيد؟


تحدّثنا الى الطبيبة في الأمراض الداخلية باسكال أبو سليمان، التي أكدت ان "الأمطار ليست وحدها التي تحمل الأمراض، إذ انّ حرق النفايات مستمر، وهو بدوره يحمل سموماً ومعادن ثقيلة (أرسنيك، بلوم، الزرنيخ، الرصاص، وغيرها..." .
أما عن الأمراض التي يحملها المطر المتساقط على أكوام النفايات، فقالت أنها "ستزيد من نسبة تلوّث المياه الموجودة أساساً، عند اختلاطها بالمياه الجوفية والمياه السطحية"، مشيرة إلى "أننا لا نعرف إن كانت نفايات المستشفيات تُعالج بالشكل المطلوب كذلك". كما تحمل الفيضانات والمستنقعات معها الحشرات التي يمكن ان تلسع القوارض (الجرذان، الكلاب والهررة الشاردة)، والتي بدورها قد تنقل لنا الأمراض".
وأضافت أبو سليمان ان من الأمراض المحتمل الاصابة بها، "الطاعون، ومرض الكوليرا الذي يبدو أقرب إلينا، والذي قد يقتل المصاب فيه خلال أيام قليلة إن لم يُعالج كما يلزم"، بحسب أبو سليمان، "خصوصاً أنه وصل إلى العراق، والعائدون من العراق يمكن أن ينقلوه في البيئات غير المعقّمة خصوصاً، وتكون الإصابة بالكوليرا أسرع للأشخاص ذوي المناعة الضعيفة (الأطفال الصغار والمسنّين)".


 



 


تلوث التربة والمياه الجوفية


وفي رأي أبو سليمان، ان الازمة تتفاقم اليوم أكثر فأكثر، إذ إنّ الحلول المطروحة مجرّد حبر على ورق، وصحّة اللبنانيين في دائرة الخطر. ومع هطول الأمطار، يزداد التلوّث نتيجةً عوامل عدة:
-انسداد المجاري نتيجة تراكم النفايات وتكوّن المستنقعات. وهذه البيئة حاضنة للقوارض والحشرات، ممّا يهدّد بانتشار أمراضٍ جرثومية واوبئة عدة، كالكوليرا والطاعون.
- انجراف الرماد الذي يحتوي على مواد سامة ومعادن ثقيلة، واختلاطه بالمياه.
- اختلاط المياه بالنفايات وما تحويه من موادٍ عضويةٍ وغير عضوية وكيميائيةٍ الخ، في شكل مباشر أو غير مباشر.
- إمتصاص التربة للمواد السامّة والمعادن الثقيلة التي استقرّت عليها وعلى النبات، بعدما حملها الرماد المتطاير من حرق النفايات، ودخولها سلسلتنا الغذائية.
- تلوّث المياه الجوفية بسبب المكبّات العشوائية التي استُحدِثَت، من دون أيّة دراسات جيولوجية أو بيئية.


لكن هل يمكن ان ينخفض احتمال إصابتنا بالأمراض إن أُزيلت النفايات من الشوارع الآن؟ "الأذى لا يمكن إلاّ ان يحصل"، تجيب الطبيبة، "فعلى المدى القريب، نحن معرّضون للإصابة بالتهابات في العيون والتهابات جلدية (لأن المياه التي نستخدمها في منازلنا غير معقّمة كما يجب)، أما على المدى الطويل، فيلاحقنا كابوس السرطانات".


 



 


هكذا نخفف من الأخطار


وتعدد أبوسليمان بعض الخطوات التي يمكن اتّباعها للتخفيف من خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة:


- استخدام المياه المعقّمة، وبما أننا لا نعلم مدى نظافة المياه التي تصل إلى المنازل يمكن شراء "المرشحات الميكانيكية" Ultraviolet filters""، لكي يعقّم المواطن مياهه بنفسه.


- التخفيف من تناول الطعام خارج المنزل (لأننا لا نعرف مدى تعقيم الطعام، ومدى نظافة المياه المستخدمة).
- يمكن غلي المياه، فبهذه الطريقة تخفّض نسبة كبيرة من الجراثيم التي تسبّب الأمراض ولكن ليس كلّها.


 







شو منقول لولادنا بكرا؟ ايه نحنا الجيل اللي شاف اول طوفان زبالة؟ ايه نحنا الجيل اللي اجت الكوليرا عايامه؟ولمن يسألونا ليه صار هيك؟ شو منقلهم؟ ما تواخذونا كنا ملتهيين بمشاكل السياسيين بين بعضهم وقنعونا أنها مشاكلنا وما خلونا نتوحد؟ شو منقلهم؟ نزل كم شاب وصبية آدمي بس ما خلينا عصاية غير ما حطيناها بدولايبهم؟ #مستمرون #طلعت_ريحتكم


Posted by ‎طلعت ريحتكم‎ on Sunday, October 25, 2015



 


الأمطار الغزيرة تستمر حتى الثلثاء ليلاً


على الصعيد المناخي، تستمر الأمطار اليوم، والهواء سيبقى قوياً حتى المساء، بحسب رئيس الفرع المناوب في مصلحة الأرصاد الجويّة وسام أبو خشفة. على أن تخف الأمطار خلال الليل وتتجدّد غداً من الساعة الثامنة صباحاً، وتستمر خلال النهار، مع تسجيل تراجع في حركة الهواء. ولن تتوقّف الأمطار الغزيرة قبل بعد ظهر الثلثاء، حيث ستشهد انفراجات، وتتوقّف كلياً يوم الخميس.


لا شكّ ان المواطن اللبناني سئم من الإهمال المستمر والاستخفاف الممارس تجاه حقوقه الأساسيّة، والجميع يذكر ان ما زخّم المشاركة الشعبية في التظاهرات الأولى للحراك الشعبي كان أزمة النفايات، فهل يُواجَه استسلام الدولة باستسلام المواطن مرة أخرى للعجز كقدر؟


 


 


[[video source=youtube id=yTQEvEsjz9U]]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم