الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مصر..."خد فكرة وانتخب بكرة"

المصدر: "النهار"
أمين قمورية
مصر..."خد فكرة وانتخب بكرة"
مصر..."خد فكرة وانتخب بكرة"
A+ A-

عندما سئل رئيس نادي القضاة في مصر المستشار فتحي عبد الله عن الخروقات في العملية الانتخابية التي جرت قبل يومين، أجاب ساخرًا انه "لا توجد خروقات ولا تعديات ولا ناخبون"، في اشارة واضحة الى عزوف المصريين عن الادلاء بأصواتهم في اول انتخابات اشتراعية مصرية بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى سدّة السلطة.


وتحول الاقبال الضعيف على صناديق الاقتراع الى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما ان السلطة الجديدة كانت تعلق عليها آمالا كبيرة، خصوصا انها المحطة الاخيرة في خطة خريطة الطريق التي رسمتها ثورة #30_يونيو، وكتب مغرد على "تويتر" معلقًا: "معليش أصل الانتخابات كانت عائلية، واتعملت على الضيق كده، ومعزموش فيها غير أهالي المرشحين بس... توفيرًا للنفقات". بينما اعتبر بعض المستخدمين، أن نسبة التصويت في المرحلة الأولى لا تعبّر عن إجمالي نسبة التصويت في المراحل المقبلة، وكتب مغرد آخر: "المرحلة التانية هتتعمل في الإمارات وبجمهور". بينما كتبت مروة الحسيني: "الصناديق بتنادي عالصعيدي والبورسعيدي، مفيش ناخب بيتنخب"، بينما جرى تداول صورة لأحد الجنود أمام لجنة انتخابية. وعَلَّقَ أحد المغردين عليها: "قرب قرب يا جدع أوكازيون الانتخابات، خد فكرة وانتخب بكرة".


 


فراغ اللجان


وعبّر المستخدمون عن سخريتهم ايضًا من فراغ اللجان الانتخابية بالنكات، بقولهم: "المفروض كل قاضي يتصور سيلفي مع الناخب اللي يروح اللجنة، أهو تبقى حاجه يفرجها لأحفاده"، و"واحد كان متضايق فخرج من بيتهم، أبوه بيقول له: رايح فين، قال له: أي لجنة انتخابية، سأله أبوه ليه؟ اجاب: مفيش... عاوز أقعد مع نفسي شوية" في إشارة إلى فراغ اللجان. ورفع المغردون شعار: "محدش راح واللجان الانتخابات البرلمانية براح"، بينما تساءل أحد المغردين: "هي دي انتخابات برلمانية ولا حظر تجول؟" وسخر الكاتب والناشط إبرهيم الجارحي، من ضعف الإقبال الانتخابي بقوله: "وزارة الصحة أعلنت وفاة شخص واحد في اليوم الأول للانتخابات... ده غالبا مات من الوحدة".


وبسخريته المعهودة، غرد الإعلامي باسم يوسف أنه "للسنة الرابعة على التوالي يتم (التهويش) بفرض غرامة خمسمئة جنيه على من يتخلّف عن التصويت، ده مصدر الدخل الوحيد اللي فاضل". واضاف: "عدم الإقبال على اللجان سببه استراتيجية عبقرية، إننا نثبت للعالم أننا بلد مش زحمة، وأننا حلينا مشاكل المرور والتلوث". وختم في تغريدة عن الإعلاميين، قائلا: "المذيعين كالعادة بيقطموا في الشعب ويشخطوا فيهم عشان ما نزلوش، تقولش ماسكين عليهم ذلة؟"


 


النتائج الاولية
وكانت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر شهدت إقبالاً ضعيفًا وغيابَا ملحوظًا لفئة الشباب على رغم الإجراءات الحكومية لحمل الناخبين على التصويت، على عكس الصفوف الطويلة التي شهدتها لجان الاقتراع في انتخابات عام 2012 التي أجريت بعد ثورة 25 يناير 2011. وكتبت وكالة "رويترز" إن أغلب الناخبين من كبار السنّ ومؤيدي الرئيس السيسي. وكانت مراكز الاقتراع شبه خالية إلا ‏من الجنود الذين كانوا يطلّون من خلف أكياس الرمل على ساحات المدارس الفارغة، بينما كان القضاة المكلفون الإشراف على ‏اللجان الانتخابية يلهون بهواتفهم الخليوية.‏
بيد ان نسبة المشاركة الهزيلة ليست هي المفاجئة الوحيدة على اعتبار أن نتائج الانتخابات التي ستنتهي بإجراء ‏الدورة الثانية، محسومة مسبقًا ومجرد مسرحية هزلية، لعدم وجود أي مرشحين من المعارضة، ‏ولمقاطعة أغلب من شاركوا في الثورة المصرية عام 2011 لها، بل كانت في النتائج الاولية حيث لم ينل حزب النور السلفي ايّ مقعد في حين حصدت قائمة في حب مصر الموالية للنظام غالبية مقاعد القوائم الحزبية في مشهد يعيد للاذهان آخر انتخابات في عهد حسني مبارك.


 



 


عزوف المواطنين
وفي رأي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، ان الدوافع التي منعت الشعب المصري من التوجه إلى صناديق الاقتراع خلال الجولة الأولى، وهي الدوافع نفسها التي ستمنع المصريين من التوجّه خلال الجولة الثانية. ومن أحد الأسباب، بحسب نافعة، أن الجميع توقع أن يرى معارضة حقيقية تحت قبة البرلمان، وشباباً وقامات علمية من أساتذة جامعات لكونه مجلساً اشتراعياً، لكن للأسف كل ذلك كان أوهاماً، مؤكداً أن عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية رسالة احتجاجية للنخبة السياسية تؤكّد عدم رضى الشعب عن الأوضاع.



وقال خبير الانتخابات في مركز دراسات "الأهرام"، يسري العزباوي، إن الشعب كان ينتظر من الحكومات المتتالية في عهد السيسي تغييرات سياسية واقتصادية، إلا أن تراجع التنمية وزيادة نسبة الفقر وارتفاع الأسعار وقلة الموارد المالية أصابت المواطنين بالإحباط ودفعتهم إلى العزوف عن المشاركة.
وفي اي حال فإن هذه الانتخابات كانت بمثابة استفتاء حقيقي على شعبية السيسي، والتي بدا واضحاً أنها تراجعت لدرجة كبيرة، وهو إنذار من الشعب المصري. فالسيسي يواجه ضغوطاً كبيرة بسبب تردّي الوضع الاقتصادي بينما الوعود التي أطلقها الرجل لم يتم تحقيق بعضها، فلم يشعر الشعب المصري بتغيير حقيقي أو أمل في التغيير. وبما ان الشعب المصري اعتاد ان يرسل إشارات ذات دلالات كبيرة في أوقات حرجة؛ فهل ان تجاهله للانتخابات الحالية، نذير ثورة جديدة آتية؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم