الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صفقة للناتو وصفعة للروس ... "إستفزاز" موسكو مجدّداً

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
صفقة للناتو وصفعة للروس ... "إستفزاز" موسكو مجدّداً
صفقة للناتو وصفعة للروس ... "إستفزاز" موسكو مجدّداً
A+ A-

في الوقت الذي تحلّق فيه الطائرات الروسيّة في الاجواء السوريّة حيث تصول وتجول تحت أنظار الغرب وأحياناً فوقه، يناقش الأخير خيار توجيه ضربة ولو معنويّة للرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين في ردّ على سلوك #الكرملين مؤخّراً أكان في شرق #أوكرانيا أم في غرب #سوريا.


في خطوة لافتة، يحتمل أن يتّجه #حلف_شمال_الاطلسي (الناتو) الى التوسّع عبر ضمّ وافد جديد الى حلفه، وافد كان يعدّ حتى الأمس القريب ذا أهواء سلافيّة روسيّة. إنّه #مونتينيغرو (الجبل الاسود) الدولة التي نالت استقلالها سنة 2006 والتي ترتبط بعلاقات مهمّة مع الروس.


خطوات ثابتة نحو العضويّة


ينقل موقع "ديفنس نيوز" أنّه على رغم الاعتراضات العنيفة لروسيا، يبدو المسؤولون في #مونتينيغرو متفائلين في قضيّة انضمام بلدهم الى حلف شمال الاطلسي المرجّح في أواخر هذه السنة. ويشير الموقع الى أنّ هذه الخطوة قد تشكّل التوسّع الأوّل للناتو في الفلك السوفياتي السابق لدول شرق أوروبا بعد انضمام ألبانيا وكرواتيا في العام 2009. وسيأتي ازدياد أعضاء الحلف للمرّة الأولى بعد تدخّل #روسيا في أوكرانيا. ويقول ديبلوماسيّ من بروكسل للموقع نفسه أنّ روسيا "لا تستطيع إيقاف توسّع الحلف الاطلسي".


الاثنيّة الصربيّة التي تشكّل 28% من مواطني تلك الدولة ترفض بشدّة الانضمام الى الناتو، حيث تتذكّر منذ 16 سنة كيف هاجم الحلف القوّات الصربيّة لإخراجها من #كوسوفو. وفي وقت يصف فيه #الكرملين تمدّد الحلف الى دول البلقان "بالاستفزازي"، لم تكن العلاقات بين #موسكو والعاصمة #بودغوريتشا سهلة خصوصاً بعد موافقة الأخيرة على العقوبات الاوروبية التي فرضت على #روسيا بعد أحداث القرم.


وذكر الموقع الرسمي للحلف أنّ أمينه العام #ينس_ستولتنبرغ شجّع مونتينيغرو أمس على الاصلاحات الشاملة التي اعتبرها المفتاح المساعد على الدخول الى نادي الدول الاعضاء في شمال الاطلسي. وفي نهاية زيارة العمل التي قام بها رسميّون من مجلس الحلف الى تلك الدولة قال ستولتنبرغ:"مونتينيغرو أدخلت فعلاً إصلاحات جوهريّة. أحرزتم تقدّماً مهمّاً في تثبيت مفهوم سيادة القانون، وأشجّعكم على الذهاب قدماً في بناء دعم شعبي لاكتساب العضويّة". ومع إشارته الى أنّ الانضمام الى الحلف هو بمثابة نصر مزدوج للدولة وللناتو أضاف:" الدول التي دخلت الى الحلف استطاعت أن ترسّخ ديمقراطيّتها، وتدعم أمنها وأمن مواطنيها".


رأي غربيّ متخوّف


روبرت هانتر عضو مجلس إدارة المعهد الاوروبي، لا يبدو متحمّساً لهذا الامر. فهو يبدأ بطرح أسئلة للمدى البعيد عن إمكانيّة جعل الاوضاع أسوأ إذا دُفعت روسيا كي "تلعب بحسب القواعد" في حال أصرّ الناتو على عبارة "فلتكن روسيا ملعونة" عبر المضيّ قدماً في مسألة توسيع عضويّته.


فهانتر يشير الى أن مونتينيغرو أبدت التزاماً بالمعايير الغربيّة للحكم الديمقراطي واقتصاد السوق وهي بالتالي تستوفي الشروط الشكليّة والموضوعيّة للانضمام الى #الناتو. ويؤكّد على أنّ هذه الدولة الصغيرة لن تساهم بالكثير في مسائل إدارة النزاع او التعاون الامني، وهذا ينطبق على دول أخرى، إلّا أنّه يثق بقدرات اللاعبين الكبار على تولّي المسألة. لكنّ المشكلة تكمن أوّلاً في البيروقراطيّة التي تصبح مع الوقت متحمّلة لأكثر من طاقتها. وثانياً يتحوّل الحلف بالنسبة اليه الى تحالف بين "القادر" و"المريد" عوضاً عن كونه تحالفاً بين القادرين فقط.


ويلاحظ هانتر أنّ #فرنسا و#ألمانيا أشارتا الى أنّهما غير مستعدّتين لادخال مونتينيغرو الى النادي. وقد ينطبق عدم الاستعداد هذا على دول أخرى داخل الحلف. ويعتقد الكاتب أنّ بعضاً من أسباب الرفض يعود الى تجنّب "التضخيم المبالغ فيه" للحلف. أمّا الاسباب الاكثر أهمّية بالنسبة إليه فتعود الى رغبة بعدم تعقيد الامور أكثر مع بوتين. ومع أنّ #الولايات_المتّحدة قد تملك نظرة تشجيعيّة لدخول مونتينيغرو إلّا أنّ تأثيرها في هذه المسألة هو أقل من تأثيرها في أيّ وقت مضى.


هانتر، وهو أيضاً سفير سابق لواشنطن داخل الحلف، يعيد التذكير بأنّ هذا الأخير أنشئ لإبعاد أوروبّا الوسطى عن طاولة الشطرنج الجيوسياسيّة وفي نفس الوقت لعدم إبعاد روسيا عن الساحة الدوليّة، كي لا يتكرّر الخطأ نفسه الذي حصل مع ألمانيا بعد الحرب العالميّة الأولى. لكنّ الناتو عاد وضمّ بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا فألبانيا ثمّ كرواتيا، ممّا ساعد السياسيّين الروس على تسويق فكرة في الاوساط الشعبيّة مفادها أنّ الناتو يواجه روسيا. ولهذا فإنّ توسيع الحلف لن يؤدّي إلّا الى جعل أمور الادارة واتخاذ القرار وبناء التحالفات أكثر صعوبة ممّا هو عليه الآن بحسب الكاتب.


خطوة رمزيّة ولكن ...


إيغور لوكسيتش أخبر وكالة "رويترز" الاميركيّة أنّه واثق من تطبيق الشروط من اجل نيل دولته لعضويّة حلف شمال الاطلسي. لكن من أجل تغيير قواعد اللعبة، يلزم تلك الدولة أكثر من مجرّد التزام ببضعة شروط. كتب الصحافي آدام تايلور في صحيفة "الواشنطن بوست" الاميركيّة أنّ مونتينيغرو دولة صغيرة لا يتوقّع لها أن تقدّم الكثير للحلف. فعدد سكّانها يتجاوز بالكاد النصف مليون وموازنتها العسكريّة لا تتخطّى ثلاثين مليون دولار مقارنة مثلاً مع 55 مليار دولار لموازنة الدفاع في #بريطانيا. كما أنّ القدرات العسكريّة لتلك الدولة بحاجة ماسّة للتطوير في حين أنّ عدد جنودها لا يتجاوز ألفي جنديّ في أوقات السلم. ولكن على رغم تلك الارقام، يرى الكاتب أنّ أوروبيين عدّة سيراقبون الوضع لتعلّقه مباشرة بالازمة مع روسيا. فانضمام مونتينيغرو الى الحلف سيكون رمزيّاً، لكن لهذا الرمز أثره الكبير داخل اروقة الكرملين. وينقل عن أحد الخبراء في "مجلس العلاقات الخارجيّة" تأكيده أنّ انضمام تلك الدولة سيرسّخ مصداقيّة الناتو كتحالف هدفه تثبيت الامن الاوروبّي.


ويشير تايلور الى نقطتين مهمّتين في هذا المجال: الاولى تتلخّص في تحوّل شاطئ البحر الادرياتيكي، ما عدا قسماً صغيراً منه، الى أرض للناتو في حال الحصول على عضويّة الحلف. أمّا الثانية فهي العلاقات التي تجمع مونتينيغرو بروسيا حيث زار تلك الدولة سنة 2013، 300000 روسي. بالاضافة الى أنّ الروس يملكون 40% من سوق العقارات في تلك الدولة، ممّا يعني أنّ الخسارة جرّاء الانضمام الى الحلف لن تكون تفصيليّة.


ويمكن إضافة ما أشارت اليه المحلّلة في الشؤون الاستراتيجيّة الأوروبيّة جودي ديمبسي في معهد "كارنيغي" عن أنّ القبول بعضويّة هذه الدولة سيضع حدّاً للنوايا الروسيّة بإقامة قاعدة بحريّة على شواطئها، من للتشديد على أهميّة الجبل الاسود الاستراتيجية لكلا الطرفين.


يبدو أنّ هناك انقساماً "مرناً" في الغرب تجاه مسألة انضمام مونتينيغرو الى حلف شمال الاطلسي، والانقسام هذا يسري على الشعب المونتينيغريّ أيضاً، حيث في العام 2014 تخطّى مؤيّدو الانضمام معارضيه، لكن بغير أريحيّة. ويوافق المحلّلون الغربيّون على أنّ تلك الدولة تستوفي أو على وشك أن تستوفي جميع الشروط القانونيّة التي تخوّلها نيل عضويّة الحلف. إلّا أنّ القانون ليس المعبر الوحيد الى الناتو ولا إلى أيّ حلف أو تكتّل، إقليميّاً كان أم عالميّاً. لذلك تتّجه الانظار الى الاسابيع القادمة كي تتبدّى أكثر اتّجاهات السياسة الدوليّة والتوتّر القائم بين الغرب والروس بشكل عام. إن اتّجهت العلاقات إلى مزيد من التشنّج فسيُرشَّح ازدياد فرص #بودغوريتشا للانضمام الى الحلف. وإلّا فالفرص ستظلّ قائمة، لكن مع انتظار أشكال التسوية بين الطرفين ومضامينها السياسيّة والميدانيّة.


فهل يسرّع الغرب عمليّة انضمام مونتينيغرو الى الحلف أم تدخل العمليّة برمّتها في "ثلّاجة" الانتظار ريثما تخفّ "حماوة" الكباش الروسي-الاطلسي؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم