الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الانتفاضة عزلت عباس .. من هو البديل ؟

المصدر: "النهار"
امين قمورية
الانتفاضة عزلت عباس .. من هو البديل ؟
الانتفاضة عزلت عباس .. من هو البديل ؟
A+ A-

مع تفجر الغضب الفلسطيني في #القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، صار رئيس السلطة الفلسطينية في وضع لايحسد عليه ، فهو رئيس بلا دولة وبلا تفويض شعبي ، وبينما يهاجمه الاسرائيليون بصفة كونه ضعيفا او محرضا، يتحول عنه ابناء شعبه لاسيما الشباب منهم بسبب الاحباط وخيبة الامل.


وبعد اعتصامه بحبل الصمت منذ فتحت اسرائيل ومستوطنيها جحيمها على الفلسطينيين، نطق عباس مساء الاربعاء "خطابه الى الامة" الذي دعا فيه الى مواصلة "الكفاح الوطني المشروع للدفاع عن النفس" وخلا خطابه من الاشارة الى المفاوضات مع اسرائيل، الا ان اصراره على "مقاومة شعبية سلمية" زادت وتيرة الغضب ليس فقط لدى الشباب المنتفضين في الشارع انما ايضا لدى المناضلين المخضرمين الذين تخلوا عن الكفاح المسلح وجربوا "السلمية" مرارار وتكرار لكنها لم تعيد اليهم الوطن ولم تجلب لا الحرية ولا استقلال ولا الامن ولم تخرج حتى قدامى المناضلين من سجون الاحتلال. وبات الشارع الفلسطيني يرفض باعلى الصوت استراتيجية ديبلوماسية الخطوة خطوة، وخذ وطالب، ونبذ العنف، واليد الممدودة، وهي استراتيجية لم يحد عنها عباس يوما ولم تقدم شيئا للفلسطينيين.


وعلى عكس موقفه تماما، لا ينفك الشبان المنضوون تحت لواء حركة فتح، حزب الرئيس عباس، يدعون الى انتفاضة جديدة وتجديد شباب الحركة التي شكلت العمود الفقري للنضال الوطني الفلسطيني طوال عقود. وصار الحراك الشعبي متقدما باشواط على الفصائل والاحزاب. كما ارتفعت اصوات داخل الحركة تعارض سياسته، ومن ابرز هؤلاء المعارضين محمد دحلان المقيم في المنفى ومروان البرغوثي السجين في اسرائيل.
وفي الفترة الأخيرة، وجدت استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن ثلثي الجمهور الفلسطيني يريدون من عباس أن يستقيل. وهذا رقم مذهل بالنسبة لأي سياسي، لاسيما وان الفلسطينيين لم يشاركوا في أي انتخابات رئاسية منذ عام 2005. ومع ذلك، وصف الوزراء الاسرائيليون عباس بأنه "إرهابي في بدلة"، وسخروا منه ووصفوه بأنه ضعيف، وبأنه "المحرض الأكبر"، وطالبوه بأن يوقف -أو أن يدين علناً على الأقل- عمليات إطلاق النار و"ثورة السكاكين" التي يشنها شبان فلسطينيون ضد جنود ومستوطنين.
ويقول خبير استطلاعات الرأي الفلسطيني البارز خليل الشقاقي، ، إن عباس صار الآن في موقف صعب. ويضيف: "الناس غاضبون عليه، لأنهم غاضبون من الوضع، والوضع لم يتغير".
الخلفاء المحتملون ؟
لكن اذا تخلى عباس عن موقعه واستقال فمن هو الشخصية القادرة على تولي هذه المهمة الصعبة في هذه الظروف بالذات وخصوصا مع عدم تعيين نائب له حتى الآن ؟
من دون الغرق في التفاصيل التاريخية، يمكن القول بأن تولّي السلطة في الساحة الفلسطينية منذ إنشاء منظمة التحرير عام 1964 ، مرتبط بعنصر مركزي يتمثل في درجة الالتزام "الكفاح المسلح" و"الالتزام بالثوابت الفلسطينية"، وحيث يغيب هذا الثابت المركزي في توجهات أي شخصية فلسطينية أو تنظيم فلسطيني تهتز درجة مشروعية هذا التَبَوؤ. فمنذ أحمد الشقيري مروراً بيحيى حمودة فياسر عرفات فعباس، كان تبني "الكفاح المسلح" هو المدخل الوحيد لتأسيس مشروعية تولّي السلطة، وهو ما ينطبق على بروز حركة فتح على حساب منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الشقيري، التي اتهمتها حركة "فتح" في حينها بمجاراة السياسات العربية في النصف الأخير من ستينيات القرن الماضي. كما أن تنامي شعبية حركة المقاومة الاسلامية "حماس" منذ الثمانينيات من القرن الماضي على حساب حركة "فتح"، كان بعد نزوع الأخيرة التدريجي نحو التسوية السلمية والتراجع عن بعض الثوابت الفلسطينية.


وبحسب التقدير الاستراتيجي لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تتمثل أبرز الشخصيات المرشحة للخلافة سواء بدعم من داخل فتح أم بدعم إقليمي أم دولي في كل من: صائب عريقات، ومروان البرغوثي، ومحمد دحلان، ومحمد اشتية، وسلام فياض وماجد فرج.
من بين هؤلاء جميعا فقط ، مروان البرغوثي لديه الكاريزما والشرعية النضالية والقدرة على توحيد الفلسطينيين، لكنه يقبع في سجون الاحتلال. اما الطامح الكبير والمنافس الالد لعباس محمد دحلان فقد فصل من فتح عام 2011 واحيل الى القضاء . كذلك اتهم فياض بفساد مالي على رغم توليه رئاسة الوزراء لمدة طويلة من 2007-2013. ويعاني محمد اشتية من محدودية دوره بحكم عضويته الحديثة في اللجنة المركزية لحركة فتح (عام 2009) وعضوية المجلس المركزي الفلسطيني (2014)، ويرتبط ماجد فرج بالمؤسسات الأمنية بما يتناقض مع التوجه الغربي نحو عدم عسكرة السلطة، ونفور قطاعات واسعة من الفلسطينيين من الدور الأمني للسلطة الفلسطينية. وهكذا فإن صائب عريقات الذي يحظى بقدر من القبول الدولي والإقليمي ، ازدادت حظوظه بعد توليه امانة سر منظمة التحرير في اعقاب عزل ياسر عبد ربه . لكن مشكلة "فتح" وعريقات تحديداً تكمن في أنهما ليسا على توافق مع الاتجاه التاريخي القائم على تبني المقاومة وثوابت المشروع الفلسطيني، وهذا يعني احتمال انتقال الانتفاضة الى داخل "فتح" لا سيما من الاطر الشبابية المناضلة . وقد يجد مثل هذه التحرك تأييداً من قيادات تاريخية في الحركة والتنظيمات الفلسطينية الأخرى ومن ضمنها "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية"، ناهيك عن بعض المساندة الإقليمية من بعض القوى.وهذا الاحتمال لا يجوز استبعاده، لا سيما أن هذه الحركة تضم تيارات عدة وتوق الى الانعتاق من القيود.
واذا تولى السلطة احد رموز اتجاه التسوية فإن ذلك سيكون تجريبا للمجرب اي عودة الى المفاوضات بلا افق تترافق مع استمرار الاستيطان في الضفة وتهويد القدس مايقود الى انفجار شعبي جديد ، اما اذا انتقلت القيادة الى احد رموز المواجهة والمقاومة فإن مشروع الدولة الفلسطينية سيتعرض من الناحية القانونية لضغوط ديبلوماسية دولية واقليمية هائلة. وهكذا سيكون على الفلسطينيين احد خياريين : بقاء الاحتلال وهو مكلف، اوالنضال من اجل الحرية وهي مكلفة ايضا!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم