رأس السنة الهجرية عند السُنّة والشيعة

يحتفل المسلمون اليوم برأس #السنّة_الهجرية، لكن ليس جميعهم، فكما جرت عادة اختلافهم على تحديد بداية شهر رمضان وأول أيام الأعياد ووقفة عرفات وغيرها من الأيام، فإنهم يختلفون على تحديد رأس السنّة الهجرية.

فيعلنه البعض منهم يوم الاربعاء والبعض الآخر الخميس. حتى مظاهر الاحتفال تختلف، السنّة يعتبرونه مناسبة فرح في حين أن الشيعة يحزنون لتزامن الذكرى مع بداية شهر محرم الذي شهد واقعة كربلاء. لكن الثابت الوحيد يبقى وجود أشهر قمرية ورأس سنة هجرية تعتمده دول اسلامية تختلف طرق حسابها وعدد أيامها عن تلك المتعلقة بالشمسية.
فكيف ينظر السنّة والشيعة إلى هذا اليوم؟ وما هي أوجه الشبه والاختلاف بينهما حوله؟

بين الرؤيا والحساب
"رأس السنّة الهجرية هو بداية شهر محرم الذي هاجر فيه النبي محمد من مكة الى المدينة سنة 622 ميلادياً، وهو يحدّد على أساس رؤية الهلال، لا بل كل الأشهر العربية لا يثبت أولها إلا برؤيته، وهذا هو التقويم القمري"، بحسب مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار الذي لفت الى انه "لم يكن هناك أي خلاف في تحديد الأشهر العربية بين السنّة والشيعة، فالأشهر العربية 12، لكن الخلاف يقع في تحديد بداية الأشهر، والبعض يعتمد التقويم الحسابي في حين أننا مأمورون في الشرع برؤية الهلال"، مذكرًا "بقوله تعالى: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".

وفي حين رأى الناظر العام لمعهد الشرع الاسلامي في مؤسسة السيد فضل الله الشيخ زهير قوصان أن "المتفق عليه بين المسلمين ان الواحد من محرم هو بداية للسنة الهجرية، عند السنّة والشيعة لكن في اي يوم يقع الواحد من محرم هذا مردّه الى إثبات الهلال الذي يختلف بحسب اختلاف مبنى الفقهاء. هل نعتمد الرؤية البصرية الفعلية في البلد؟ ام يكفي ان يُرى في بلد نشترك معه في جزء من الليل حتى يكون بداية للشهر في كل بلدان العالم، أو نعتمد الحسابات الفلكية وما إلى ذلك، هذه محلّ جدل ونقاش بين المسلمين عموماً سنّة وشيعة، تماماً كما نلاحظ الخلافات في بداية شهر رمضان ويوم وقفة عرفات ويوم العيد، على سبيل المثال قرّر الافتاء الرسمي في لبنان أن الاربعاء هو الواحد من محرم ورأس السنة الهجرية وكذلك مكتب السيد حسن فضل الله، لكن عند فقهاء آخرين من الشيعة يعتبرون يوم الخميس هو بداية شهر محرم، والسبب في ذلك الاختلاف هو مسألة رؤية الهلال".

يعتمد الرأي السائد الرؤية البصرية بحسب قوصان وشرح: "السيد فضل الله والبعض من الفقهاء المعاصرين يقولون بالحسابات الفلكية، فاذا أكد علماء الفلك أن الهلال ولدَ وأصبح على نحو يمكن رؤيته حتى لو لم تتحقق الرؤية الفلكية بالفعل يكتفى بهذه الحسابات العلمية وعلى ضوئها يتم اعلان بداية الشهور القمرية، ليس بالضرورة ان نراقب الأفق ونرى الهلال، اذ يكفي ان نرجع الى المؤسسات الفلكية التي تتابع المسألة وعلى ضوء التقارير العلمية الصادرة عنها نطبقها على المقايس الشرعية ونعلن بداية الشهر".

اختلاف في عدد الايام
تنقص السنة الهجرية عن السنة الميلادية بعشرة أيام، وشرح قوصان "أشهر السنة الميلادية إما 30 يوماً أو 31 يوماً، شهر شباط 28 وإذا كانت السنة كبيسة 29 يوماً ،أما بالنسبة للسنة الهجرية فعدد أيام الشهر 30 أو 29 يوماً، وليس هناك أشهر محددة اي هذا الشهر 29 أو 30 كما حال الاشهر الميلادية التي تبقى ثابتة"، وأضاف: " في الشهر الهجري نراقب ونترقب حالة الهلال فقد يكون الشهر 29 وقد يكون 30 يوماً ولكن لا يزيد عن 30 ولا ينقص عن 29 يوماً".

اختلاف مظاهر الاحتفال
في الوقت الذي يحتفل فيه السُنّة بهذه المناسبة التي تعتبر عطلة رسمية في العديد من الدول الاسلامية، يقول الشعار: "نحتفل بقدوم عام جديد، نتذكر فيه حياة النبي وهجرته من مكة الى المدينة ودعوته الناس الى الله، فتقوم الاحتفالات على إحياء تلك الذكريات والمحطات الايمانية في الدعوة إلى الله"، وكذلك فإن الشيعة بحسب قوصان "يعتبرونه مناسبة يتذكرون فيها هجرة النبي وانتقاله من #مكة الى المدينة وبداية التأسيس لدولة ومجتمع إسلامي جديد مبني على منطلقات الوحي والرسالة، وهذا يوم نعتز ونفتخر ونحتفل به تماماً كسائر المسلمين غاية ما في الأمر انه ارتبط بمأساة الامام الحسين فنغتنم الفرصة ونقيم مجالس العزاء ولكن ليس محاربة لحالة الفرح والبهجة التي تكون".

واستطرد: "نتذكر المجزرة التي وقعت في سنة 60 للهجرة على #الامام_الحسين ومن كان معه من أهل بيته وأصحابه، نتيجة المعركة التي دارت بينه وبين أنصار الخليفة الذي كان متسلطاً على الحكم آنذاك يزيد بن معاوية ومن كان يمثله، وإذا كان يوم وقوع المجزرة هو العاشر من محرم، فإن المسلمين الشيعة اعتادوا في كل بلاد المسلمين أن يقيموا مجالس العزاء تخليداً لهذه الذكرى من بداية محرم حتى اليوم العاشر وأحيانا في بعض البلاد يستمر العزاء الى 20 من شهر صفر الذي هو ذكرى الأربعين".