الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

اللبناني والشتوة الأولى: أبشروا فهذا ما ينتظركم!

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
اللبناني والشتوة الأولى: أبشروا فهذا ما ينتظركم!
اللبناني والشتوة الأولى: أبشروا فهذا ما ينتظركم!
A+ A-

قصّة الطرقات والشتوة الأولى لن يفهمها إلّا اللبناني الذي لا يملّ من سماعها سنوياً، بل يشارك في تجسيد فصولها مشاهدَ بالصورة الحيّة. مع تساقط أمطار الشتاء الأولى، تطوف الطرقات بالمياه، وتغرق السيّارات فيها، ويعلق المواطن ساعات في مشهد مضحك مبكٍ، فتكثر عندها التحليلات وتقاذف المسؤوليّات؛ تتهمّ البلديات شركات لم تنفّذ واجباتها، يسخر المواطنون من وزارة الأشغال لغياب رقابتها، تغمز الشركات من قناة بلديات مقصّرة وغائبة عن السمع، وتحمّل الجهات المعنية المواطن مسؤوليّة افتقاده ثقافة بيئيّة. اتهامات ما بعدها اتهامات فيما الحلول تبقى بعيدة المنال.


مساء الأربعاء غمرت المياه القليلة المتساقطة أوتوستراد جلّ الديب، مذكّرة بالمأساة التي عاشها اللبنانيون في سنوات ماضية على الأوتوستراد الساحلي، وفي نفق المطار، وداخل شوارع البلدات، وأثارت ذعراً مما قد ينتظرهم خصوصاً أن العام الحالي، إضافة إلى الأتربة ورمال الورش وأوساخ المعامل، يحمل معه نفايات مكدّسة منذ تموز الماضي.


استعدادت وقائيّة


تعدُّ مناطق بيروت والمتن وكسروان الأكثر اكتظاظاً بالسكّان، وطرقاتها هي الأكثر سلوكاً يومياً، فما هي الاستعدادات التي قامت بها البلديات المعنيّة لتفادي أزمات متوقّعة؟ يؤكّد رئيس بلدية بيروت بلال حمد لـ"النهار" أن الإجراءات والتحضيرات تبدأ خلال الصيف لاستقبال الشتاء، وتشمل تطبيق عقود صيانة الطرقات والمجاري والأقنية الموقّعة مع شركات المقاولة، وتنظيفها وإزالة الأتربة المجمّعة في البنى التحتيّة. ويتابع حمد: "السنوات الأربعة الأخيرة دليل على حسن إدارة هذا الملف في بيروت التي أصبحت عصيّة على أي تجمّع للمياه في الشتاء وخلال أعتى العواصف، نظراً للبنى التحتيّة المتطوّرة القادرة على استيعاب المياه".


في السياق نفسه، يؤكّد رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح نهاد نوفل لـ"النهار" أن الإجراءات الوقائيّة انطلقت منذ فترة وتقضي بإزالة الردميّات عن الطرقات وفتح العبّارات وصيانتها وتعزيل أقنية المياه. ويتابع: "لقد استفدنا من أخطاء السنوات الماضية، ونعدُ المواطنين أن لا يغرقوا على الطرقات أو أن تعوم سياراتهم على الأوتوستراد الذي يدخل ضمان نطاقنا الجغرافي".


تندرج عمليّة تنظيف وصيانة الطرقات الدوليّة والرئيسيّة ضمن صلاحيّات وزارة الأشغال، فما هي الإجراءات المتبعة استعداداً للشتاء وتسهيلاً لتنقلات المواطنين؟ يجزم وزير الأشغال العامّة والنقل غازي زعيتر لـ"النهار" أن "الإجراءات مستمرّة ومتواصلة على مدار السنة، ولا تنحصر فقط في أشهر قليلة تسبق فصل الشتاء، وهي تتمّ من خلال شركات متعاقدة مع الوزارة وتشمل أوتوسترادات بيروت – الشمال، بيروت – الجنوب، بيروت – البقاع، الحدود السوريّة من كلّ الجهات، وتقضي بتنظيف أقنية ومجاري المياه تحت إشراف ورقابة لجان الوزارة. إن الإدارة مستنفرة وهناك إصرار لمتابعة هذا الملف، كي لا يتكرّر سيناريو نفق المطار والأوتوسترادات العائمة".


النفايات والأمطار


هذا العام تبرز أزمة النفايات المكدّسة على الطرقات، والعاصية عن الحلّ، بفعل التجاذبات السياسيّة وتقديم المحصاصات والمصالح الضيّقة على المصلحة العامّة، فهل يتحرّك المعنيون قبل تنامي الأزمة بفعل الأمطار؟ يردّ زعيتر بأن "حلّ مشكلة النفايات التي كدّستها البلديات بطريقة عشوائيّة على الطرقات الرئيسيّة والدوليّة وفي الشوارع متعلّق بالحكومة واللجنة الوزاريّة المتابعة للملف. صحيح أنني جزء من هذه الحكومة ولكنني لا أتحمل وحدي المسؤوليّة. لكننا على الرغم من ذلك، طلبنا من الشركات المتعاقدة مع الوزارة إزالة النفايات المرمية التي تعيق مجاري وأقنية المياه".


وعمّا حصل يوم الأربعاء الفائت على أوتوستراد جلّ الديب، يقول زعيتر: "تقع المسؤوليّة على المعامل التي تخالف شروط التراخيص الممنوحة لها، وعلى البلديات التي ترمي النفايات بطريقة عشوائيّة، وعلى ورش بعض الإدارات والوزارات. هؤلاء يرمون نفاياتهم وبقاياهم على الطرقات، ويتركون الرمال من دون حماية، ما يؤدي إلى انجرافها وإغلاق المجاري والأقنية وطوفان الطرقات".


أمّا البلديات التي وجدت نفسها فجأة أمام أزمة النفايات، فبادرت إلى اتخاذ الحلول الممكنة والطارئة، جمعت بلدية بيروت نفاياتها في عقار تابع لها في الكرنتينا، ونظّفت طرقاتها وشوارعها. أمّا بلديات كسروان فتعمل كلّ على حدة، ضمن الإمكانات المتاحة لها، على إزالة النفايات من شوارعها، فيما يسعى الاتحاد إلى إيجاد حلّ مستدام يقضي بإنشاء معامل لمعالجة النفايات في شكل مستدام ونهائي وفق ما يؤكّد نوفل.


تأكيدات يقابلها تشكيك


تأكيدات المعنيين توحي بأن البلد بألف خير، وبأن الدولة العاجزة عن إنجاز أي ملف ستؤمّن راحة مواطنيها أقلّه في موضوع الطرقات. فأين المنطق من هذا الكلام؟ وأين يكمن الخلل طالما الإدارات والوزارات المعنية تدّعي إتمام وظيفتها؟


خلال اليومين الماضيين أدّت كمّية الأمطار القليلة المتساقطة إلى إغراق الأوتوستراد الساحلي والتسبب في زحمة سير خانقة، وفق ما يشير عضو الهيئة الإداريّة في جمعيّة يازا الياس مكاري لـ"النهار"، ويتساءل عمّا كان سيحصل لو استمرّ تساقط الأمطار لأكثر من ساعة، ويردّ السبب إلى الإهمال الذي ينخر جسم المؤسّسات العامّة، ويضيف: "أولاً من المفترض أن تنجز أعمال صيانة وتنظيف الأقنية ومجاري المياه والصرف الصحي قبل منتصف أيلول، ولكن الوزارات والإدارات المعنية لم تباشر بها إلّا بعد العشرين من أيلول الماضي لأسباب ماليّة وسياسيّة. ثانياً إن تنظيف أجزاء من الأقنية ومصّبات المياه لا يفيد بشيء بل يزيد الكارثة إذ ينقل المشكلة من مكان إلى آخر. ثالثاً يجب أن يكون هناك رقابة وزاريّة على أعمال الشركات المتعاقدة لتنظيف الطرقات. رابعاً تأمين الاعتمادات لهذه الأعمال. خامساً هناك أزمة النفايات المكدّسة في الشوارع التي ستجرفها الأمطار إلى مجاري المياه والصرف والأقنية ما سيفاقم المشكلة".


هل تنظيف الأقنية والمجاري كافٍ أم أن طبيعة الطرقات والبنى التحتيّة وعدم صلاحيتها تعدّ من العوامل التي تسهم في تجدّد الأزمة سنوياً؟ تؤكّد مصادر في وزارة الأشغال لـ"النهار" أن حال الطرقات اللبنانيّة سيئة، وهي تعاني من مشكلات عدّة أبرزها الحفر والمصبّات غير المصانة والطرقات غير المرمّمة بعد وقوع الحوادث، إضافة إلى مرور شاحنات بحمولات زائدة تؤثّر عليها وعلى بنيتها التحتيّة وتؤثّر في قدرتها على تصريف المياه. لذلك تبقى عمليّة التنظيف ضرورة أوليّة في طريق حلّ المشكلة.


في المقابل، يؤكّد مكاري أن "طبيعة البنى التحتيّة مدروسة بحيث تكون قادرة على استيعاب النسبة المتوسطة لتساقط الأمطار سنوياً، باستثناء بعض المناطق المنخفضة والقريبة من الأنهر والبحر والأنفاق. لكن عندما تزيد النسبة عن المعدل العامّ تبرز صعوبة في استيعاب الأمطار وتطوف الطرقات، ولكن هذه الكميّات لا تتساقط إلّا نادراً، وتالياً لا يمكن تفسير طوفان الطرقات بعد تساقط القليل من الأمطار إلّا بالإهمال الكامن وراء عمل الإدارات سواء في التنظيف أو الصيانة أو المتابعة والرقابة".


 [email protected]


Twitter: @VIVIANEAKIKI

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم