السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هل الفلسطينيون على مشارف انتفاضة ثالثة؟

المصدر: "النهار"
رندة حيدر
هل الفلسطينيون على مشارف انتفاضة ثالثة؟
هل الفلسطينيون على مشارف انتفاضة ثالثة؟
A+ A-

تصاعد المواجهات في #القدس الشرقية والضفة الغربية وازدياد حدة التوتر بين اليهود والعرب ينذر هذه المرة بنشوب #انتفاضة_فلسطينية ثالثة لا احد يستطيع التنبؤ بما قد تسفر عنه، لا سيما في ظل الجمود الكامل للعملية السلمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وبعد خطاب الرئيس محمود عباس امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتلويحه بعدم التزام الاتفاقات السلمية الموقعة مع إسرائيل، ودعوته اياها الى تحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال، واعتباره فلسطين ضمن حدود 1967 دولة واقعة تحت الاحتلال مثلما كان حال العديد من الدول خلال الحرب العالمية الثانية.


ان ما يجري الآن في مدن الضفة والقدس هو رد فعل من الفلسطينيين الذين يئسوا انتظار الدولة الموعودة، ولم يعد في استطاعتهم السكوت على الغبن والظلم اللاحق بهم ولا تحمل تدهور اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وتغاضي السلطات الإسرائيلية عن جرائم المستوطنين وعن تعدياتها على املاكهم.
فبعد مرور شهرين على مقتل عائلة الدوابشة في قرية دوما حرقاً لم تعتقل السلطات الإسرائيلية المسؤولين عن هذا الهجوم، في حين استطاعت قوى الامن الإسرائيلي القاء القبض على قاتلي عائلة المستوطنين هانكين في اقل من 48 ساعة.


لا يهم ما اذا كانت الاحداث في القدس والضفة هي بداية انتفاضة ثالثة، أوكانت هبّة شعبية واسعة النطاق، ام مجرد موجة احتجاج شعبي قد تختفي بعد وقت، فهي في النهاية تعبير عن سخط وغضب حقيقيين وعن يأس واحباط لا حدود لهما. لكن الأخطر من ذلك كله هو ردة فعل الحكومة الإسرائيلية اليمينية على هذه الأحداث، واعتقاد نتنياهو ان ما لم يحل بالقوة يُحل باستخدام المزيد من القوة. وان الرد الملائم على ما يجري هو في زيادة الاعتقالات الإدارية، وتشديد العقوبات بالسجن لمدة 3 سنوات او اكثر على راشقي الحجارة، وهدم منازل المتورطين بهجمات، وفرض حصار على القدس الشرقية، وتخصيص طرق التفافية يستخدمها الإسرائيليون وحدهم دون الفلسطينيين. ان هذه الاجراءات التعسفية ليست الحل الفعلي للخروج من المأزق العميق الذي يسود القدس الشرقية ومدن الضفة الغربية، بل هي مجرد محاولة يائسة من نتنياهو لارضاء اليمين وجمهور المستوطنين الذين يتظاهرون امام مكتبه ويطالبونه بانتهاج سياسة اكثر تشدداً مع الفلسطينيين تصل الى حد القيام بعملية عسكرية ضد مناطق السلطة الفلسطينية شبيهة بعملية "السور الواقي" التي نفذها رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل أرييل شارون سنة 2002.


لا يهم اليمين اليهودي المتطرف ولا جمهور المستوطنين انفجار العنف من جديد. فقد شهد هذا الجمهور في الفترة الاخيرة تصاعداً كبيراً في المواقف المتطرفة تجلت من خلال العمليات الانتقامية وبروز الارهاب الجديد للحركات الجهادية اليهودية المتطرفة ضد الفلسطينيين. وهؤلاء هم الجمهور الاساسي الذي يشكل القاعدة الشعبية التي يعتمد عليها نتنياهو والذي عليه اليوم ان يصغي الى مطالبها التي ستؤدي الى كارثة محققة.


طوال السنوات الماضية أوهم الإسرائيليون أنفسهم انهم نجحوا في تحييد السلطة الفلسطينية من خلال اتفاقات التعاون الامني معها، ودجّنوا سكان الضفة الغربية من خلال سياسة العصا والجزرة، فمن يتمرد يعاقب بصرامة، ومن يتعاون تقدم له التسهيلات، واعتقدوا انهم خلقوا جيلاً فلسطينياً جديداً هو جيل "المصلحجية" الذين تهمهم مصالحهم الشخصية قبل المصلحة الوطنية. لكن ما تشهده شوارع الضفة والقدس الشرقية اكبر دليل على ان الفلسطينيين لم يستسلموا ولم يرضخوا.


عدد كبير من المعلقين الإسرائيليين نصح نتنياهو بالاقدام على خطوة سياسية جريئة مثل الدعوة الى لقاء مع أبو مازن، ومنهم من ذهب الى ابعد من ذلك ودعاه الى القبول بقيام دولة فلسطينية موقتة كسبيل نحو الحل الدائم، لان استخدام القوة ليس الحل. لكن لا يبدو ان نتنياهو بصدد التجاوب مع هذه الدعوات، وهو على الارجح سيبقى اسيراً لدى اليمين والمستوطنين وحتى لو ادى هذا الى كارثة وخيمة العواقب.


Randa.haidar.com.lb

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم