الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أكاديمي وفاسد... لا يجتمعان!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

عندما تقرر القوى السياسية تقاسم الحصص في مؤسسة عامة وتوزيعها وفق المصالح، يعني أنها فتحت الطريق لممارسة مختلف أنواع الفساد. يعني ذلك أن المحسوب على قوة سياسية يستطيع تجاوز القانون، كونه محمي بالمحاصصة التي أوصلته الى موقعه الوظيفي. وإذا كانت الأمثلة كثيرة في مؤسسات القطاع العام، ونماذجها معروفة وواضحة، فإن أخطرها يبقى في الوسط الأكاديمي، حيث تظهر روائح الفساد سريعاً وتؤثر في البنية الأكاديمية ومستوى مؤسسات التعليم العالي، فلا يمكن أن يكون الأكاديمي أكاديمياً وتفوح منه رائحة الفساد في ملفات كثيرة. ولعل ما شهدناه في محاصصة تفرغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية العام الماضي، وإن كان لا يجوز التعميم، يؤدي الى مخالفات ومشكلات والى مزيد من انحدار المستوى الأكاديمي.


ليس القصد من الكلام على الفساد في مؤسسات للتعليم العالي، محتكمة الجامعة اللبنانية، فهذه المؤسسة الوطنية لا يزال فيها من الطاقات العلمية والاكاديميين ما يجعلها قادرة على تخريج طلاب بمستويات مرموقة في كليات عدة، لكن طالما بقيت المحاصصة والتدخلات السياسية في شؤونها يدخل الفساد بوجوه مختلفة لينال من قيمتها وتاريخها، فكيف يسمح لمدير أو لعميد أو رئيس قسم أو أستاذ أن يمارسوا أدواراً مخالفة لقوانين الجامعة أو يتصرفوا فوقها، ولا من يحاسب، طالما أنهم محميون سياسياً وطائفياً؟ وكيف يمكن لمجلس الجامعة أن يمارس مهماته ما لم يتشدد في تطبيق القانون؟ علماً أن أعضاء مجلس الجامعة قد اختارتهم القوى السياسية، وإن كانوا يستوفون الشروط الأكاديمية والعلمية والتمثيلية. هنا يترك مجلس الجامعة ورئيسها الأمر، ويتغاضى مع الرئيس عن مخالفات كثيرة، ويلجآن الى تسوية الأمور، فقط لأن القيّمين سياسياً على الجامعة يريدون أن تبقى الأمور على النحو الذي تسير عليه.
سنسأل كيف لعميد أن يضع اسمه على لوائح مراقبة الامتحانات في مواد عديدة؟ وكيف لعميد أن يرفع طلباً ببدلات مراقبة وتصحيح تزيد 300 مليون ليرة عن البدلات الطبيعية في كلية واحدة؟ كيف يستطيع أستاذ برتبة عميد أن يحصل سنوياً على مبلغ يفوق المئة مليون ليرة بدل تصحيح؟هذا حصل في سنوات سابقة ولا تزال الأمور على حالها، على الرغم من أنه بات للجامعة مجلسها المكتمل، فتستمر ممارسات الفساد لدى البعض، طالما ان الأمور متاحة والطريق مفتوحة لجني المال، فيما التدخل السياسي يغطي الكثير من التجاوزات، لعل آخرها تجاوز الأساتذة في كثير من الاختصاصات قانون التفرغ والعمل في مؤسسات مختلفة وفي المهن الحرة، بدلاً من أن يكونوا متفرغين للتعليم والبحث العلمي في الجامعة التي تحتضنهم.
لا يمكن أن يكون الاستاذ أكاديمياً وفاسداً. مواصفات الأكاديمي تعني أن الفاسد لا يمكن أن يكون أكاديمياً أبداً!


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم