الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

منازلة علمية حول مطمر المصنع...العجمي: لا نبدل ماس مياهنا الجوفية بذهب مطمر

المصدر: زحلة - "النهار"
منازلة علمية حول مطمر المصنع...العجمي: لا نبدل ماس مياهنا الجوفية بذهب مطمر
منازلة علمية حول مطمر المصنع...العجمي: لا نبدل ماس مياهنا الجوفية بذهب مطمر
A+ A-

تحول الاجتماع الذي دعت اليه دار الفتوى في البقاع في ازهر البقاع في مجدل عنجر، للتشاور حول المطمر المزمع انشاؤه لنفايات بيروت وجبل لبنان في منطقة المصنع الحدودية في سلسلة جبال لبنان الشرقية، الى منازلة علمية بين فريق اللجنة الفنية الحكومية المعنية بملف النفايات من جهة، والتي حضر منها كل من الصحافي بسام القنطار، المهندس البيئي مازن مكة والخبير الهيدرولوجي صفوت سعيد وكلاهما من من الشركة الاستشارية رفيق خوري وشركاه، المهندس البيئي نقولا غريب عن برنامج الامم المتحدة الانمائي، ومندوب عن الجمعية اللبنانية للشفافية "لا فساد"، ومن جهة ثانية فريق من خبراء الائتلاف المدني الرافض للخطة الحكومية للنفايات، الذي حضر بدعوة من حملة #عالطريق لانو #مجدل_عنجر_مش_مزبلة، وضم كل من منسق الحملة المدنية رجا نجيم، الباحث في حقل المياه الجوفية الهيدرولوجي سمير زعاطيطي، والاستشاري المهندس راشد سركيس.


وكان مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ خليل الميس، قد ترأس الاجتماع الذي شارك فيه نواب اقضية زحلة والبقاع الغربي وراشيا، وبلدياتها واختيارييها وائمتها الى المجتمع المدني ممثلا بحملة #عالطريق، على ان يصوغوا معا الموقف المناسب تجاه هذا المطمر الذي حوّل المنطقة الى صفيح نار من التظاهرات والاجتماعات خشية على المياه الجوفية التي تزخر بها المنطقة المعنية بموقع المطمر ورفضا له.
بعد كلمة ترحيبية تمهيدية اعطى المفتي الميس الكلام للجنة شهيب، فاستهل القنطار الكلام، واسهب في شرح خطة النفايات الحكومية، فيما الحضور يتحرق لمعرفة اسباب اختيار منطقتهم موقعا للمطمر. وفي هذا الاطار لفت القنطار الى المواقع الثلاثة التي اختارتها اللجنة "لادارة النفايات المنزلية الصلبة"، في سرار بعكار حيث يوجد مكب عشوائي ل400 طن من النفايات يوميا، استحداث "مطمر صحي للنفايات" بين الحدود اللبنانية- السورية عند ما يعرف بنقطة المصنع، واعادة تأهيل مكب برج حمود العشوائي على البحر ليتلقى بعد 6 اشهر من اليوم قرابة الف طن من النفايات. مشيرا الى ان "مجموع هذه الكميات التي تقترح الحكومة طمرها هي قرابة 3 آلاف طن. على ان تكون معدلات الطمر الى تناقص الى ان نصل في مرحلة قريبة جدا الى ان ينتظم هذا القطاع ويسمح لكل منطقة ان تعالج نفاياتها، وتسترد القيمة الاكبر، وتطمر القسم الاقل" بحسب طموح الخطة. لافتا في المقابل الى انه "لا يوجد شيء اسمه التخلي الكامل والنهائي عن منشأة تتعلق بطمر النفايات التي هي عوادم".


وهو اذ اعاد التذكير بان "مجمل ما تقترحه الخطة الانتقالية هو 18 شهرا" وان اللجنة "اعطت مهلة شهرين لكل بلدية لكي تقرر المنطقة الخدماتية لمعالجة نفاياتها". قال: "على اهالي عنجر ومجدل عنجر الا ينتظروا 18 شهرا لكي يخلصوا الى استنتاج، ما اذا كان المطمر الصحي المقترح عليهم هو مؤقت او دائم. بامكانهم بعد شهرين من الآن التلمس وبوضوح كامل ما اذا كانت الدولة تمارس خديعة او انها تقوم بعملية انتقال". واضاف محاولا طمأنة الحضور "اعمال الرقابة المقترحة من الخطة ثلاثة: رقابة مركزية للاشراف على جميع اعمال المنشآت التي اقرتها الحكومة المركزية، ورقابة مرتبطة بالمنشأة نفسها ورقابة محلية من البلديات والجمعيات الاهلية".
وانتهى اخيرا الى اعلان بان "مجموع ما سوف يتلقاه الموقع المقترح في نقطة المصنع هو 650 الف طن، وفق السيناريو الاسوأ. وطموحنا ان يتلقى ما حدوده 550 الف الى 600 الف طن، اي 7,6 في المئة مما تلقاه مطمر الناعمة على مدى 17 عاما".
تكلم للمهندس نقولا غريب الذي شرح الفرق بين المكبات العشوائية والمطامر "الصحية" وكيف تنشأ الخلايا في المطامر وتجهز. فاستاء الحضور لانهم رأوا في هذا الشرح محاولة لتسويق المطمر، قبل ان يعرفوا حتى موقعه. فاعطي الكلام لهيدرولوجي الفريق صفوت سعيد الذي سبق وزار المنطقة برفقة مخابرات الجيش والامن العام، من دون ان يتمكن من الوصول الى موقع وادي عنجر بسبب الالغام، وفق ما سبق واشارت له "النهار" في تقارير سابقة. ومما قاله سعيد بانه أجري "مسح جيولوجي دقيق من المصنع لغاية الحدود السورية، فتبين لنا بانها تشكيلة جيولوجية مقسمة الى 3 نطاقات: النطاق العلوي، وهي طبقة كلسية مشققة، كارستية، تتغذى منها مياه شمسين وينابيع عنجر، الطبقة الوسطى طبقة مارلية كتيمة، اي ذات نفاذية ضعيفة، لا تسرب المياه ابدا. الطبقة السفلية هي طبقة كلسية كارستية مشققة تتغذى منها عدة آبار من بينها بئر مجدل عنجر وهناك آبار كفير يابوس التي تغذي دمشق. موقعنا يقع على الطبقة الوسطى، وهي الطبقة التي يسمونها c4b طبقة مارلية كتيمة، لا علاقة لها بانتقال جوفي بينها وبين الطبقات الكلسية التي تغذي شمسين وعنجر، وهذا واضح بالخرائط والمقطع الجيولوجي". مبرزا صور وخرائط مطبوعة على ورق مشيرا الى ان الخرائط قد ارسلت الى "خبراء ايطاليين ويونانيين لبنانيين ومنهم من اتى الى الموقع". واضاف ردا على الاسئلة "يقع موقعنا 800 مترا شمالي طريق الشام الدولية، وسماكة الطبقة المارلية فيه 150 مترا".


ومع انتهاء الفريق الاول من عرض الخطة الحكومية، انتقل الكلام الى ضفة خبراء الحراك المدني فتحدث زعاطيطي اول، وابرز خريطة اقمار صناعية بموجة الرادار، وتقريرا للامم المتحدة يعود للعام 1970 قال بانها "الوثيقة الرسمية العالمية الوحيدة عن المياه الجوفية في لبنان" وخريطة عن الامم المتحدة، ليخلص الى انه لا يمكن تقسيم المنطقة التي تحدث عنها هيدرولوجي لجنة شهيب الى 3 اقسام، بل هي بمجملها "مخازن جوفية كارستية". واضاف: "صحيح ان هنالك بضعة مقاطع مارلية، انما هو تتابع صخر كلسي مارلي، وليس فقط مارل، وهو ليس مانعا ابدا للنفاذ، بل يمرر المياه بمسامية، والكارست يمرر بحسب الشقوق والتفسخات والقشور". وتحدث عن دراسة للدكتور مسعد حكيم عن القدرة التخزينية لعنجر يقول فيها بان "المياه عندما تمطر تحتاج المياه الى سنتين وثلاثة سنوات لتعود وتخرج من النبع، اي ان هناك قدرة تخزينية في قلب هذا الخزان الجوفي، لو كانت نفاذيته عالية كانت المياه تدخل وتخرج، لكن الله وهبنا هذه الطبقة المارلية لتبطىء المياه، لذلك نجد ان تدفق نبع شمسين ونبع عنجر يستمر لغاية نهاية الصيف". وكذلك استعان برسم للفرنسي آلان مانجان، يظهر فيه تركيبة "الكارست" ليشرح للحضور كيفية امتصاصه لمياه الامطار ولذوبان الثلوج، قبل ان يسألهم ان كانوا قد شهدوا يوما سيولا في المنطقة المقترحة لاقامة المطمر، فاجابوا بالنفي. مشيرا الى انه "لا تحدث سيول، لان المياه كلها تسحبها الصخور". ويخلص متوجها الى خبراء لجنة شهيب: "لا يمكن ان تبني لا سد ولا مطمر في تلك المنطقة. تريدون اقامة مطمر على ارتفاع 1300 مترا، والينابيع تبعد عنها اقل من كيلومتر، هذا شرعا حرام".
انتقل بعدها الكلام الى المهندس سركيس الذي لفت الى ان "بيروت تنتج ما بين 600 طن و620 طن من النفايات، وبان معمل الكرنتينا قادر على فرز 1800 طن اي ضعف ما تنتجه العاصمة، وبالتالي فان بيروت قادرة على معالجة نفاياتها، ولا تحتاج ان تتحمل جميل اي منطقة لاجل ان ترمي نفاياتها. كما انه ليس مقبولا ان ترزح تحت "ثقل نفايات جبل لبنان، فليعالج جبل لبنان نفاياته". واضاف بانه ليس "للنفايات ان تطمر، لاسيما العضوية. لها ان تعالج. واذا احتجنا مطامر للعوادم، لن نحتاج الى مطمر في البقاع". لافتا الى "مطمر بصاليم، في المتن الشمالي، هو مطمر سليم لكونه فقط للعوادم". داعيا اخيرا الى التمييز بين "بيروت وجبل لبنان، وبين معالجة النفايات وطمرها".


وتحدث رجا نجيم اخيرا، فلفت الى ان لجنة شهيب اعطت في غضون يومين موقعين مختلفين للموقع المقترح للمطمر في المصنع. الموقع الاول اعطى احداثياته لحملة #عالطريق عضو اللجنة الفنية الحكومية ابرهيم شحرور، وعرض نجيم صورة لهذا الموقع اظهرت وجود "آبار وينابيع، ومحمية" حوله، واصفا اياه بانه "كارثي". ومن ثم عرض صورة للموقع الذي تحدث عنه فريق اللجنة المشاركة في اجتماع الازهر وقال نجيم بانهم "يسمونه موقع رقم 4" مشيرا الى ان بلدة عنجر تقع تحته الى جانب محمية عالمية بتنوعها الايكولوجي، وبالتالي بحسبه فانه "كارثي اكثر". مغالطا هيدرولوجي لجنة شهيب قال نجيم: "لا يمكن ان اقول بانني ساعمل فقط على هذه الطبقة المارلية التي هي 120 مترا، وكأنها عملية جراحية، وليست جرافات تحفر. في وقت نحن لا نعرف ما هي الحاجة لان مساحة المطمر وعلوه مرتبطان بالحاجة". وخلص مستندا الى صور لارتفاعات المنطقة "تحت الجبل خزان مياه جوفية، تأتيه المياه من فوق، والمارل هو من احد حسناتها، لانه يوصل المياه الى الخزان الجوفي، وبالتالي اذا ما عبثت بتلك الطبقة، اكون اغيّر معاكسا الطبيعة ولا احد ينجح اذا سار عكس الطبيعة".


كل هذه المنازلة العلمية، حسمت بتصريح لرئيس بلدية مجدل عنجر سامي العجمي، الذي كان قد انتخب قبل انعقاد الاجتماع رئيسا لـ"اتحاد بلديات البقاع الاوسط". اذ قال، ناعيا المطمر الحدودي " المطمر الصحي ذهب خالص، لكن نحن عندنا الماس تحت الارض، لا نبدل الالماس بالذهب. المطمر لا يتم الا بالتوافق مع الناس، والناس غير موافقة، اذا لا شيء سيتم".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم