الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مجلس الامن مقفل أمام سوريا حتى اشعار آخر... ما الحل؟

المصدر: النهار
جورج عيسى
مجلس الامن مقفل أمام سوريا حتى اشعار آخر... ما الحل؟
مجلس الامن مقفل أمام سوريا حتى اشعار آخر... ما الحل؟
A+ A-

تركّزت الاضواء الاعلاميّة خلال الجلسة العموميّة السبعين للأمم المتّحدة على كلمتي الرئيس الاميركي #باراك_أوباما والرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين. وبما أنّ الأزمة السوريّة تحوّلت إلى مشكلة إقليميّة ثمّ عالميّة، كان من الطبيعي أن تتّجه الانظار الى هذين الرئيسين من أجل استشراف سيرورة الأحداث السياسيّة والعسكريّة بعد الجلسة.


لكن على خطّ موازٍ، طرح رئيس جنوب أفريقيا #جاكوب_زوما في نفس الدورة ما يوجب على قادة الدول وديبلوماسيّيها دراسته بتأنٍّ وجدّيّة أكبر:"إصلاح وإعادة هيكلة مجلس الامن من أجل حلّ النزاعات في #الشرق_الأوسط والدول الافريقيّة". وأكّد زوما أنّه من غير المبرّر إستبعاد مليار مواطن إفريقي عن بنية اتّخاذ القرار الاساسيّة في الامم المتّحدة، فيما "قارّة تعدادها السكّاني أقل بكثير ممثّلة بثلاثة مقاعد في مجلس الامن". واعتبر أنّ مبدأ "مسؤوليّة الحماية" لم يتمّ استخدامه بشكل يتطابق مع الأهداف الحقيقيّة القاضية بمنع حصول جرائم وفظائع جماعيّة.


مطلب إصلاح مجلس الامن ليس جديداً بل يعود الى سنوات عدّة خلت. ولعلّ الشلل الذي يعاني منه المجلس تجاه الاحداث السوريّة، يشرّع الباب مجدّداً أمام الحديث عن تعديل في هيكليّته. أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة سابقاً الى أنّ قراراً بسيطاً بإرسال مبعوث خاص الى سوريا تمّ تحويله الى الجمعيّة العموميّة لتفادي الاصطدام. وأوضحت أنّ هذا المجلس ما زال يواجه مشكلتين: التمثيل والشرعيّة. ففي سبعين سنة، تضاعف أربع مرّات عدد الدول الاعضاء في الامم المتّحدة في حين بقي عدد الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن كما هو، فيما ارتفع عدد الدول غير الدائمة العضويّة من ست الى عشر دول. وهنا تبرز مشكلة أفريقيا مجدّداً: 85% من المسائل الشائكة على جدول أعمال المجلس تخصّ القارّة السمراء، ومع ذلك لا تتمتّع هذه القارّة بتمثيل دائم في ذلك المجلس.


المجموعة الافريقيّة تطالب بمقعدين دائمين في المجلس، ومجموعة الدول الاربع المؤلّفة من #اليابان و#البرازيل و#المانيا و#الهند تطالب بتمثيلها أيضاً، بناء على عملها من أجل السلام والتنمية وحقوق الانسان. وبالفعل فإنّ الدول اللاتينيّة غير ممثّلة في المجلس، ما يضيف مشكلة تمثيليّة كبرى اليه، فيما تغيب عنه دول صناعيّة واقتصاديّة كبرى كألمانيا.


لكنّ الواقعيّة من جهة أخرى تفرض النظر الى الآليّة المطلوب اعتمادها من أجل تغيير هيكليّة هذا المجلس. فقوانين #الامم_المتّحدة تشترط تعديل شرعتها من أجل الوصول الى هذا المطلب، وهذا بدوره يتطلّب دعماً من ثلثي أعضاء الجمعيّة العموميّة بما فيها أعضاء مجلس الامن. ويَذكر موقع "أوبن ديموكراسي" أمثلة حول التوتّر بين #الصين و#اليابان الذي سيمنع الاولى من القبول بجارتها دولة دائمة العضويّة في #مجلس_الامن. ويذكر أيضاً عدم حماسة مبطّنة أقلّه لدى #فرنسا للجلوس جنباً الى جنب مع #ألمانيا في المجلس نفسه. علماً أنّ ألمانيا، نسبة إلى اقتصادها، تعدّ المساهم الخامس في موازنة #الأمم_المتّحدة.


وإذا نجحت المساعي في توسيع #مجلس_الامن، فمن الصعب أن تقبل الدول الاعضاء المنضمّة حديثاً اليه أن تتخلّى عن عضويّتها في حال تغيّرت موازين القوى. والخلاف بين الجمعيّة العموميّة ومجلس الامن يقوى ويخبو بحسب الظروف: فالاولى ترتاب من "نقص في شفافيّة" المجلس، وحتى بالنسبة للدول غير الدائمة العضويّة في المجلس، فهي تشعر بأنّ الدول الخمس تدفع بها الى الخارج في حال أرادت فتح النقاش حول موضوع حسّاس.


كارا ماكدونالد وستيوورت باتريك المتخصّصان في الشؤون الدولية في موقع "كاونسيل أون فورين ريلايشنز" يريان ضرورة أن تقود #الولايات_المتّحدة التغيير في مجلس الامن وإدخال دول جديدة إليه، انطلاقاً من معايير محدّدة كالاستقرار السياسي والقدرة الى جانب الرغبة في الدفاع عن الأمن الدولي والقدرة على التفاوض، بالاضافة الى قبول الدول الجديدة بالمساهمة في إصدار قرارات قد تكون غير شعبيّة. وهما يعتبران أنّ المشاكل التي تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين مثل التغيّر المناخي ومكافحة الارهاب والتنمية الاقتصاديّة وغيرها تتطلّب نظاماً متعدّد الاطراف، يكون فيه مجلس الأمن فعّالاً أكثر عبر إدخال تعديلات على بنيته تسمح بتوسيع دائرة المنتسبين إليه ليشمل لاعبين دوليّين جدداً.


#الولايات_المتّحدة لم تكن بالعلن معارضة لإجراء تعديلات على مجلس الأمن. فالرئيس السابق #بيل_كلينتون دعم #اليابان و#المانيا للحصول على مقاعد دائمة، أمّا خلفه #جورج_بوش الابن فركّز أكثر على اليابان، فيما شدّد أوباما على ضرورة دعم الهند للحصول على مقعد دائم سنة 2010. لكنّ مجلّة "الفورين بوليسي" لا ترى هذا الامر أكثر من مجرّد كلام بدون نوايا حقيقيّة لتطبيقه. فحالة الدوران في الدول غير الدائمة العضويّة تتيح للآخرين التحكّم اكثر في جدول أعمال المجلس. والحديث عن انضمام دول جديدة اليه، يبدّده ما قالته المندوبة السابقة لواشنطن في الامم المتّحدة سوزان رايس عن تلك الدول:"لقد تعلّمنا الكثير عن ديبلوماسيّة الدول الصاعدة. ليست كلّها مشجّعة".


خطوة بسيطة لكن كافية ... ربّما


يطرح الكاتب ديفيد بوسكو في المجلّة نفسها، حلّاً يقضي بإدخال ستّ دول "شبه دائمة العضويّة" الى المجلس، حيث تكون مدّة عضويّة تلك الدول من أربع الى خمس سنوات مع إمكانيّة لإعادة انتخابها فور انتهاء ولايتها، فيما يستمرّ انتخاب الدول الاخرى غير الدائمة لمدّة سنتين بدون تغيير عمّا هو حاصل الآن. وبما أنّ #الصين ستعترض على دخول #اليابان وباقي دول العالم ستعترض على إيلاء ألمانيا مقعداً دائماً، "يصبح بإمكان الديبلوماسيّين الاميركيّين إقناع #طوكيو و#برلين بأنّ هذا الحلّ هو أفضل الخيارات المتوفّرة حتى الآن". ومن إيجابيّات هذا الطرح بحسب الكاتب عدم التطرّق الى مسألة حقّ النقض (الفيتو) الذي يعتبر غير قابل للتفاوض بالنسبة لواشنطن و#بيجينغ و#موسكو. ويبقي عدد أعضاء المجلس ضمن حدود المعقول بواحد وعشرين عضواً.


ويأتي هذا الطرح حلّاً وسطاً بين مطالب الدول التي تريد أن تحتلّ مقاعد دائمة في مجلس الامن متمتّعة بحق النقض وبين الدول الخمس الكبرى التي تريد الحفاظ على "الستاتيكو" داخل المجلس. وبما أنّ الدول الكبرى مصرّة على الاحتفاظ بصلاحيّاتها في إدارة الشؤون الدوليّة، علماً أنّها فشلت في معظم الملفّات الحسّاسة التي استلمتها، فإنّ تغييراً كبيراً في هيكليّة المجلس وآليّات عمله بات أكثر من ملحّ. وفي النهاية، سيلقى هذا الطرح على الرغم من جدّيّته ومعقوليّته، الكثير من الانتقادات. لكن وبحسب بوسكو "هذا الحلّ لن يرضي الجميع، لكن بإمكان الجميع التعايش معه".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم