السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هذه التحديات التي تواجه حراك المجتمع المدني

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
هذه التحديات التي تواجه حراك المجتمع المدني
هذه التحديات التي تواجه حراك المجتمع المدني
A+ A-

السياج الشائك والقنابل المسيلة للدموع، واعتقال عشرات المتظاهرين لم تردع شباب #المجتمع_المدني من الاستمرار في تحركاتهم التي مرَّ شهران على انطلاقتها. فاتُّهم الحراك بدغدغة مشاعر الشيوعيين القدامى ليطغوا على المشهد الشعبي، ومن ثمَّ جاء الاتهام عبر بث أخبار عن انتماء بعض شباب الحراك إلى سفارات وتنفيذهم أجندات إقليمية ودولية. إلاَّ أنَّ المؤكد في ظل كل هذه الاتهامات خوف السلطة السياسية من هذا الحراك، الذي وجدت فيه منافساً وخصماً مهدداً وجودها، فحاولت الالتفاف عليه تارةً باستخدام العنف وضرب المتظاهرين وطوراً من خلال طاولة الحوار التي تبدو مضيعةً للوقت.


 


الحراك أربك السلطة


تعتبر زينة المُشاركة في تظاهرات حراك المجتمع المدني في حديث لـ"النهار" أنَّ "المجتمع اللبناني وصل إلى درجة من الوعي لا يمكن التراجع عنها أو قياسها بتحركات الشارع فقط. هذا الوعي موجود ونتج من سنوات من الحرمان الممنهج الذي اتبعته الحكومات المتعاقبة مما أدى إلى شلل في قطاعات الماء والكهرباء والاستشفاء والضمان الصحي، وإلى مماطلة في معالجة #الأزمات ليس أقلُّها أزمة #النفايات. وفي القريب العاجل أزمة مياه الأمطار والمجارير. الحراك بدأ أقوى مما هو عليه الآن وذلك صحيح، إنما لننظر إلى الأسباب وهي ضرب السلطة له عبر مجموعات "زعران" حزبية، ثم اللعب على وتر الفتنة المحتملة جراء رفع صورة زعيم ثم نشر المعلومات المضللة عن أبرز ناشطي الحراك كأنهم أزرع استخبارية غربيَّة. لكن يبقى الأهم أن هذا الحراك أربك السلطة وجعلها تأخذ حذرها من الشعب، وهو يحتاج إلى مزيد من التنظيم والأهداف المحددة التي إن حققناها ستكفل إعطاء الزخم للحراك". من جهته، يشير شربل إلى أنَّ "الحراك كان لا بدّ أن يحصل والنفايات كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، بعدما تمادت السلطة في فسادها وضربها القوانين بعرض الحائط. لكن على الحراك التأني في خطواته التي يجب أن تصب في خانة بناء النظام لا إسقاطه، آخذين في الاعتبار الأخطار التي تحوطنا والوضع الدقيق للبلد".


النفايات ليست قضية وطنية


"الهدف الحقيقي للتحرك الشعبي بات مشرذماً وغير واضح، فلم يعُد لدى هذا الحراك ما يقوله. بدأ بمطالب وانتقل إلى مطالب أخرى" هذا ما يشرحه أحد المحللين السياسيين في حديث لـ "النهار". إذ من وجهة نظره، "الحراك الذي انطلق احتجاجاً على أزمة النفايات، استغله أشخاص يضمرون أهدافاً أخرى سياسية أبعد مما هي إصلاحية ما تجلَّى ارتباكاً واشتباكاً حول دور هذا الحراك وأهدافه. أما المطالب فمتفاوتة، منهم من يسعى إلى تغيير النظام، ومنهم من يطالب بمحاربة الفساد والبدء بالإصلاح، بينما يطالب آخرون بانتخاب رئيس للجمهورية، في حين أنَّ المطلوب كان إزالة النفايات من أجل صحة الناس. وهذا ما جعل المطالب غير متجانسة لأنَّ المتظاهرين يأتون من خلفيات وأفكار وعقائد مختلفة وأحياناً متناقضة".


ولكن ماذا عن الحوار أليس التفافاً على الحراك؟ يجيب: "الرئيس نبيه بري كان يسعى إلى الحوار قبل شهرين من انطلاق الحراك بغية إعادة أجواء #الحوار إلى البلد بعيداً من الجفاء، ولكسر الجمود السياسي، وتقريب وجهات النظر في مكانٍ ما. ولكن الحراك نبَّه السياسيين والزعماء إلى أنَّ الناس باتت أكثر وعياً وهي غاضبة حقاً وغير قادرة على الاحتمال. ولكنَّ اللبناني لا يملك الباع الطويل للمغامرات النضالية، كما أنَّ الناس خائفة في ظل عدم وجود خريطة طريق واضحة للحراك، وغياب الحكومة وشلل #المجلس_النيابي. لذا، يكمن الحل الأوَّل في انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثمَّ الانتقال إلى المطالب الأخرى بغية البدء بإصلاحات في الإدارات، عبر الدعوة إلى انتخابات نيابية مُبكرة وتشكيل حكومة. أما النفايات فليست قضية وطنية بل اجتماعية معيشية كان يجب على #وزير_البيئة محمد المشنوق إيجاد حل سريع لها، وأضعف الإيمان مُطالبته بالاستقالة".


كسر حاجز الخوف


حقق الحراك بفترة قصيرة إنجازات اختصرها ربيع الشاعر رئيس جمعية "سكر الدكانة" في حديث لـ"النهار" بـ 6: "إنجاز كسر طوق #الفساد ومنع قيام صفقات جديدة كبرى أبرزها صفقة "سوكلين"، جعل أقصى طموح السلطة السياسية ليس التمديد بل المحافظة على ما تملك. إلى ذلك، حضّ الأحزاب السياسية على وضع المطالب الأساسية للناس على سُلَّم أولوياتها وتغيير قيادتها وتجديد نخبها. كما أنَّه كسر ثنائية واستئثار العمل السياسي بين 8 و14 آذار، ودفع بشكل كبير نحو اللامركزية حيث نصَّ اتفاق الطائف في التسعينات على اللامركزية الإدارية وبدأ تنفيذها من خلال إعادة الأموال للبلديات التي تعتبر إحدى ركائز اللامركزية التي تتطلب استقلالية مالية وإدارية. وطرح إنجازاً غير ملموس بعد، ولكنه محتمل يكمن في التوصل إلى قانون انتخاب قد تتفق عليه السلطة السياسية ينص على نوع من النسبية".


التحديات التي تواجه الحراك


ولكن على الرغم من إنجازات الحراك في وقتٍ قصير، إلاَّ أنَّ استمراره يواجه تحديات تنقسم إلى 3، بحسب الشاعر وهي "صحة التمثيل والتنسيق، أي من يمثل هذا الحراك وكيف ينسق مع غيره، ثانياً، انتشار شائعات عن بعض المجموعات مثل "#طلعت_ريحتكم" و"#بدنا_نحاسب" وهي كانت متوقعة، ثالثاً محاولة احتكار تمثيل هذا الحراك. هناك انطباع عن غياب استراتيجية فعلية لهذا الحراك، لذا عليه وضعها بطريقة تراكمية تدريجية بغية تحقيق المطالب، أما إذا بقي رافعاً شعارات كبرى فهذا سيشكل خوفاً وتردداً لدى البعض ويضعفُ الثقة به. ولكنَّ الخطر الأكبر يكمن في انزلاق الحراك إلى دوامة العنف، إذ إن الاحتكاك الخفيف مع السلطة يشعل الحراك وكانت السلطة المسؤولة عنه أولاً، فهي بادرت بالرد العنيف على المتظاهرين".


ما هي الحلول؟


يؤكد الشاعر أنَّ "عدد المشاركين في الحراك ليس معياراً إذ أثبت زخمه ومشروعيته في مواجهة فشل السلطة السياسية في إيجاد حلول، إذ لا تزال النفايات على الطرق وطاولة الحوار التي تختصر المؤسسات بطريقة غير دستورية مُهدَّدة جراء عدم التوصل إلى أي نتيجة، لأن قرار هذه السلطة مرتبط بالخارج. من هنا، وجب على منظمي الحراك استعطاف "الأوادم في الأحزاب" من أشخاص ومناضلين، المطلوب من هؤلاء المناصرين الضغط على مسؤوليهم وحثِّهم للإفصاح عن ذممهم المالية، والكشف عن السرية المصرفية للسياسيين وزوجاتهم وأولادهم، ما يبرهن عدم إهدار المال العام والشفافية في تمويل الأحزاب. تحرك "سكر الدكانة" أتى ببعض المفاعيل حيث صرح بعض السياسيين وكشفوا عن ذممهم المالية، وبدأت بعض الأسرار تتكشف تحت سؤال "من أين لك هذا؟" وهذه الخطوة يجب أن تستمر للضغط على السلطة السياسية، والحكم عليها أمام #الرأي_العام على الأقل إذا لم نستطع الحكم عليها أمام القضاء اللبناني. لذا، يجب ربط مسار الحراك بـ"الفساد" كعنوان شامل لننطلق من بعده إلى بقية العناوين، وإلاَّ لن تنزل أعداد كبرى من الناس إلى الشارع".


الطابة في ملعب الشعب وعليه اقتناص الفرصة لتسجيل الأهداف بحق السلطة الحاكمة، أما التخاذل عن المطالبة بأبسط الحقوق المعيشية سيفجّر حتماً أزمة يوماً ما.


 


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم