الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

في قراءة حقوقية... هل أحرج الحراك الشعبي الطبقة السياسية؟

المصدر: "النهار"
نيكول طعمة
في قراءة حقوقية... هل أحرج الحراك الشعبي الطبقة السياسية؟
في قراءة حقوقية... هل أحرج الحراك الشعبي الطبقة السياسية؟
A+ A-

مع انطلاق التحركات الشعبية المتعدّدة الشهر الفائت، الرافضة واقع الفساد المستشري منذ عقود في الدولة اللبنانية، واحتجاجاً على ما آلت إليه ممارسات الحكومات المتعاقبة من فشل في معالجة ملفات حياتية تُهدّد حياة المواطنين وسلامتهم، استفاق حزب الكتائب أخيراً وأنشأ "المرصد اللبناني لمكافحة الفساد"، فضلاً عن الشكوى التي رفعها النائب سامي الجميل إلى المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بشأن اختلاس وإهدار الأموال العامة في ملف #النفايات. وصدر أيضاً قرار عن النائب العام المالي علي ابرهيم بقطع #الكهرباء عن سياسيين لم يسددوا فواتيرهم المستحقة... فهل أحرج الحراك أو حرّك ضمائر المسؤولين باتجاه اتخاذ قرارات إصلاحية؟ وهل بات لبنان حقاً على طريق تغيير بنية السلطة الحاكمة في محاربة الفساد أم إنه يدخل "همروجة شعبوية" قد لا تُحقق مع الوقت النتائج المرجوة؟


"الشطارة في النظام نفسه"
استهل وزير المال الأسبق والأستاذ في العلوم السياسية والاقتصادية في الجامعة اليسوعية الدكتور جورج قرم، حديثه عبر "النهار" قائلاً: "لولا هذا الحراك لما حصل شيء، وما أراه هو أن هذا النظام يُشاطر نفسه ويعمل على تجميل صورته حالياً، في محاولة لتخفيف الاحتقان في الشارع". وفي رأيه، "أخذ الحراك الشعبي مبادرات مواطنية مهمة كالتي تُرجمت في نزع التصوينات التابعة للأملاك البحرية على الروشة، وتلك المحتكرة التي حرمت الشعب من الوصول إلى البحر".


لا شك في أن هذه التحركات الشعبية المتعددة الجوانب والتي تصب في شكل رئيسي على المحاسبة ومكافحة الفساد وطلب حصول المواطن على الحد الأدنى من الخدمات العامة الأساسية والجوهرية في حياة أي مجتمع، مثل الكهرباء، المياه، معالجة النفايات، نظام السير والتنقل، يقول قرم، "هي بالتأكيد مطالب شرعية للغاية، وكان مستغرباً سكوت الناس طوال هذه السنين على ما يجري في الدولة من تفشّي الفساد على نحو متسارع".
يعتقد قرم أن سوء تطبيق اتفاق الطائف أدى إلى توسيع وتكريس ما سُمي بالمحاصصة، ومعناه "تقسيم الأرباح، واستغلال الشعب اللبناني وخيرات البلاد، من الكسارات إلى الأملاك البحرية، فأملاك الدولة الخ...".


خبرة قرم في العمل السياسي تُؤكد صعوبة فتح ملفات الفساد "وما نشهده في ملف النفايات ومدى تورّط شركة "سوكلين" فيه يدلان على ذلك"، ويشير الى مرحلة التسعينات "كان هناك أشخاص ينتقدون غياب الدولة أو تقصيرها في معالجة النفايات من جراء العقود الخارقة التي تم التعاقد معها من مجلس الإنماء والإعمار مع #سوكلين ولم يصغِ أحد".


في المرحلة الأولى من الحراك، بدا أركان النظام مرتعبين إلى حد ما من الحراك الشعبي، وفق قرم، "مع أنه في تاريخ لبنان ومنذ بداية القرن التاسع عشر مع العاميات، وُجدت مثل هذه التحركات الشعبية العابرة للطوائف"، ويعلّق، "يبدو أننا أمام عامية جديدة"، ويتابع: "إذا نظرنا إلى تاريخ لبنان والعاميات، نرى في كل مرة النظام الطائفي الإقطاعي يتمكّن من تحريف سير العاميات باصطدامه بالطابع الطائفي". وتمنى قرم على المواطنين المساهمين بالحراك الشعبي، وهم ينتمون إلى كل الطوائف والطبقات الإجتماعية والمناطق الجغرافية، أن يتحلوا بالوعي لئلا يُسمح للقوى السياسية الإقطاعية في البلاد بأن تحرّف معناه الجوهري".


"قراءة حقوقية لا غوغائية"
ما هي قراءة الأستاذة في العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتورة فاديا كيوان من إقدام بعض المسؤولين على خطوات تصب في مكافحة الفساد؟
تقول كيوان لـ"النهار": "من الطبيعي أن يسجّل الحراك الشعبي نقاطاً عدّة أعتبرُها انتصارات أكيدة ونحن ندين لقادتها بها"، وتضيف: "لقد أوجد هذا الحراك شعوراً لدى اللبنانيين بأنهم يؤثرون في القرار العام وقد ساهموا في إيقاف مناقصة ملف النفايات غير السليمة، وفتحوا نقاشاً حول سلامة البيئة والطرق المستدامة لمعالجة النفايات للحفاظ على البيئة وسلامة الناس، وضغط الحراك أيضاً باتجاه إعادة أموال البلديات المختلسة من الدولة وفتح ملف شركة "سوكلين" بكل مفاصله".
ومع أنها لا ترى الحملة ممنهجة على نحو كافٍ، إلا أنها مهمة جداً، مبدية خشيتها من "ألا تصل إلى النتيجة المرجوة في حال استمرت تسير باتجاه غوغائي".
من وجهة نظرتها الحقوقية، ترفض أن تبقى الأمور في دائرة الرمادية، "ما أريده أن يُفتتح ملف "سوكلين" من ألفه إلى يائه"، متسائلة، "من صاحب "سوكلين"؟ ومن كان المستفيد منها؟ وماذا عن الشركة الوهمية التي كانت مهمتها الإشراف على عمل "سوكلين" وما يُحكى عن شخص من محيط أحد السياسيين يملكها، فمن حقنا معرفة معلومات دقيقة في شأنها".
لا تخفي كيوان أن هذا الحراك أحرج البعض ودفعهم نحو اتخاذ مواقف إيجابية لمحاربة الفساد، وتشير إلى أن "ثمة أطرافاً تنزل الى الحراك وتنادي بمكافحة الفساد وهي من أكبر الفاسدين"!
ومن زاوية حقوقية أيضاً تقول: "ينبغي الابتعاد عن الغوغاء ومتابعة الملفات على نحو قانوني وبشفافية حتى النهاية وبحكم من القضاء، على أن تكون البداية من ملف النفايات الذي مرّ عليه 18 سنة من دون مساءلة أو محاسبة".
ونوّهت كيوان ببعض الممارسات التي يُفترض أن تشمل كل الطبقة السياسية، وخصت النائب سامي الجميل والنائبة بهية الحريري لعدم تقاضيهما راتبهما الشهري من مجلس النواب.


ورداً على سؤال، أجابت: "إذا اُستكمل الملف للنهاية، سينهار الفاسدون، وبذلك قد لا تتغيّر هيكلية السلطة بل يتغيّر أشخاص جراء ما نشهده من رأي عام مستنفر جداً لواقع الفساد، والذي يريد معلومات لا شائعات. لذلك، يُحتم أن تكون المتابعة هادئة وحقوقية تحترم الأشخاص، المقامات وسمعة المؤسسات، وفي الوقت نفسه نعرّي كل الأمور بوضوح كامل".


في موازاة ذلك، تخشى كيوان إلهاء الشعب بمسألة السياسيين الذين يمتنعون عن تسديد فواتير الكهرباء، ونسيان ملف النفايات. ولاحظت أن "الإعلاميين هم ضحية الإضاءة على مسائل حديث الساعة والتركيز عليها بدل استمرار متابعتها ملفات سبق وأُثيرت ولها أهمية بالغة في البلد".


[email protected]
Twitter: @NicoleTohme


 


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم