الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

تعليق - الرائحة

سناء الجاك
A+ A-

اذا اعتمدنا حسن النية، على أساس أن "بعض الظن إثم"، يمكن أن نستنتج أن توسيع التحرك في اتجاه الاملاك البحرية الخاصة بـ"سوليدير" فقط، أو وفق إحياء الاختراع الجديد- القديم المعروف بـ"الحريرية السياسية"، بدأ يتحول الى ما يشبه فرع النشاطات غير الدراسية التي تلتزمها المدارس من دون أن تمنح التلاميذ نقاطاً لدى إتمامها، تالياً لا تؤثر في نتائجهم النهائية وإن وسّعت آفاقهم.
لكن التجارب اللبنانية علّمتنا ان سوء الظن من حسن الفطن، ولا سيما عندما يختلط الحقد بالمطالب المحقة فيلوّثها، بحيث تطغى على رائحة النفايات وصفقاتها غيوم ثقيلة من الغرضية ستطيح الحراك الشعبي وتشرذمه. فالعلة والغرضية في المقامات الممانعة، أصبحت مدرسة سياسية- اعلامية في ذاتها. ومع تعاقب فصول مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان واضحاً أن رائحة مشروع المحور الايراني واتباعه لا تخمد وإن تعرضت الى أوقات فرضت أن تخبو قليلاً، لتعود وتفوح وتفحّ كالأفعى.
وكي لا ننسى، نذكّر بأنه في مقام العلة والغرضية تمت تصفية كل حركة مقاومة لا تنخرط حتى التلاشي في المحور الإيراني. وتم تناسي كل ما انجزه رفيق الحريري ليمنح "حزب الله" شرعية دولية لمقاومة المحتل الاسرائيلي وصولاً الى التحرير، وذلك بالتزامن مع كل ما انجزه لتحديث الدولة على رغم الانتقادات الحادة التي يمكن أن توجَّه الى رؤيته الاقتصادية. ولكن من المستحيل إنكار وجود مطار كان حدثاً وحداثة في عهده وتحوّل الى معقل للارهاب والفساد والفوضى بعد وضع الممانعة يدها عليه. ومن المستحيل إنكار تأسيس جامعة وطنية ومستشفيات حكومية وشبكة طرق وهواتف، وإنجازات في الاتصالات والكهرباء كان يمكن أن تثمر لولا فرض الوصاية السورية فريقاً بعينه لإدارة هذا القطاع. كذلك من المستحيل إنكار تردي كل القطاعات الخدماتية التي بدأت خطواتها نحو الازدهار، مع تحكم المحور الممانع بمفاصل الدولة، بعد العام 2005.
اليوم، وفي المقام نفسه، لا يسلَّط الاتهام بالفساد الاّ على "الحريرية السياسية"، مع التشهير الدائم بالأزمة المالية التي تعانيها هذه "الحريرية" في تناقض فاضح، وكأن المطلوب غسل أدمغة اللبنانيين وصرف أنظارهم عن مَواطن الفساد الفعلية التي أنهت الدولة ومؤسساتها.
حتى "سوليدير" المتهمة بأنها معقل هذه الحريرية، تتعرض لخطة اغتيال ممنهجة منذ الاعتصام الشهير في وسط بيروت مع كل روائح الحقد التي تصاعدت للإمعان في التغطية على جرائم الاغتيال وتفريغ المحكمة الدولية الخاصة بهذه الجرائم من محتواها، وقد اصبحت نسبة كبيرة من أملاكها التي عرضت للبيع نتيجة مواصلة اغتيال الاقتصاد اللبناني، ملكاً لعائلة أحد المحسوبين على الممانعين، الموصوفين بالحنكة واللعب على حبال التغييرات التي تسود المنطقة. حتى "سوليدير" المتهمة بأنها معقل الحريرية، شكّلت لدى انطلاقتها بقرة حلوباً للفريق السياسي المحنك ذاته، لينهل من منهل التعويضات ثروات عبر الفساد، ربما اعتبرها الرئيس الشهيد رفيق الحريري ضريبة في اتجاه تحويل قلب بيروت الى مشروع مستقبلي ريادي وناجح، ورشةً لتحقيق هذا المشروع رأس الهرم السلطوي وقاعدته، مع الاشارة الى أن هذا المشروع أقرّته الدولة اللبنانية منذ أيام الرئيس الراحل فؤاد شهاب، مطلع الستينات. ومنذ ذلك الحين مُنع البناء في وسط بيروت. وتجدد المشروع أيام الرئيس الراحل الياس سركيس، ولهذه الغاية عيّن القاضي الراحل فريد مطر رئيساً للجنة التخمين، لنزاهته التي لا غبار عليها آنذاك. لكن الحرب اللبنانية المستمرة أبقت المشروع مشلولاً، ليتحرك مع انجاز اتفاق الطائف ويتولى الرئيس الحريري دوره في لبنان.
هي الرائحة الخبيثة التي تسمم التحرك، والتي تتغذى من الملحقين بالمحور الممانع الذين يرفضون الاعتراف بأن غيرهم يحب لبنان ويحب جيشه، وبأنهم أبناء فساد في الكهرباء والنفط والمياه والاتصالات وغيرها من القطاعات التي وصلت الى أيديهم.
بصراحة، لقد أصبحت "الحريرية السياسية" "Old fashion" قياساً الى الفساد "New Collection" الذي طلعت ريحته على رغم مزيلات الرائحة القمعية التي يستخدمها محور الممانعة وملحقاته في ولاية لبنان.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم