الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عن حوار خشبي!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
عن حوار خشبي!
عن حوار خشبي!
A+ A-

ثمة كثير من اللامنطقي الذي لا يبرر مما يطغى غالباً على كل تمرد غاضب كذاك الذي يتصاعد حالياً في شوراع بيروت وساحات وسطها، ولا غرابة في الأمر أمام تحرك احتجاجي لم يبلغ من نشأته شهراً ولا يملك سلاحاً امضى من الرفض للرفض. ومع ذلك ترانا نحار اكثر أمام مشهد الحواريين في مجلس النواب وهم يخرجون على الناس عقب انفجار العنف بالطريقة التي حصلت الأربعاء الماضي بلغة خشبية تستفز أي لبناني، متظاهراً كان أم قابعاً في بيته متوجساً من منقلب يجتاح البلاد بلا أي أفق. بصراحة، لم يعد ممكناً احتمال تلك القواعد المتكلسة في سلوكيات سياسية تتفرج على الانهيارات المتدحرجة بعقل القواعد الكلاسيكية السائدة وترفض الالتفات إلى الغليان المتصاعد مهما ساد التحرك الاحتجاجي من شوائب واندساسات مزعومة أو حقيقية. الأمر يتصل بالتخاطب مع العقل العاقل للبنانيين الذي لم يعد يحتمل بدوره هذا الاستعلاء الفارغ في اللغة السياسية. كل ما صدر عن جولتين للحوار حتى الآن لا يقيم أي اعتبار للعقل الرازح تحت وطأة الخوف من انهيار لبنان بكل مقوماته. فماذا تراهم قالوا ويقولون حين يستفزونك بأنهم مارسوا العصف الفكري العقيم في أزمة الفراغ الرئاسي فيما تدور على بعد امتار منهم معارك زجت فيها القوى الأمنية والجماعات الاحتجاجية في الموقع الخاطئ والهدف الخاطئ. ماذا تراهم سيتكلفون لو تتنازلوا وارسلوا رسالة إلى الناس تنبئ برفضهم تحويل محطات الحوار مواعيد للمواجهات بين لبنانيين، امنيين ومدنيين؟ "لاقيني ولا تطعميني" يقول المثل القروي فكيف بزحف الفقر والافقار والغضب الذي بدأ يتساوى معه جميع اللبنانيين بكل قطاعاتهم؟ ألم تسمعوا صرخة الهيئات الاقتصادية بالأمس ومدى الذعر الذي يتملكها على وسط بيروت الذي يتهدده اليباس والهجرة؟ وما الفارق بين صرخة الاقتصاديين والناشطين الاحتجاجيين، وحتى من موقعين متصادمين، حين لا يجمع بينهم سوى الصراخ على السياسيين؟ وهل تراه احد يتملكه الوهم في ان الانهيارات لن تأتي الا تسلسلية متعاقبة صارخة متى افلت زمام الاستقرار من آخر معاقله؟
هذا الحوار الجاري في ساحة النجمة قد يكون امراً لازماً ما دام الموقع الطبيعي للحوار في عمل مجلس النواب وانتظامه معطلاً وما دامت الحكومة شلت تماما. ولكنه محكوم حتماً بالعقم ما دام لا يتفاعل مع اللحظة الحارة الشديدة التوهج والخطورة. هذا الحوار يختصر المؤسسات ما دام يقيم نفسه بديلاً من مؤسسات عطلت بفعل فاعلين يجلسون وراء طاولة الحوار اياها. ولذا من غير المقبول أو المسموح ان يصم آذانه عن قرقعة المواجهات المؤلمة والمؤسفة والمرفوضة بين لبنانيين. هذا الاعتمال هو البند الاستثنائي الأول في حواركم وإلا فاعفونا من محطات العراك على الأقل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم