الأمطار تحوّل حياة المهاجرين على حدود صربيا جحيماً

يفوق المشهد على الحدود المقدونية – الصربية أي وصف وتعجز الكلمات كما عدسات الكاميرات عن ترجمة حجم المأساة. هنا طفل يركض خلف والدته، فتطلب منه النهوض ومتابعة المشي، فهي عاجزة عن حمله أو احتضانه، خارت قواها لشدة التعب. وهناك أب يحمل واحداً من طفليه على الكتفين والثاني على صدره، والوالدة تتولى حمل الماء وبعض علب الطعام وما تيسر من حاجات ضرورية.
على الطريق المؤدي من النقطة الحدودية المقدونية الاخيرة والنقطة الصربية الأولى، سار الآلاف من موجات بشرية لا تتوقف، وقد تحولت هذه المساحة ذات الكيلومترات الثلاثة، مستنقع وحول بعد هطول امطار غزيرة، لكن المهاجرين مصرون على مواصلة السير، يسقط الأولاد الراكضون خلف الامهات ثم ينهضون وقد غطى الوحل وجوههم.
وكانت القطارات والباصات الآتية من الحدود المقدونية – اليونانية قد أوصلت نحو خمسة آلاف مهاجر خلال ساعات النهار. وأكدت السلطات الحدودية المقدونية أن آلافا أخرى منتظرة في الساعات المقبلة، وهذه الآلاف جزء من أكثر من 40 ألفا قررت اليونان اجلاءهم عن جزرها خلال ايام قليلة لا تتعدى الخمسة، وهؤلاء يستعجلون الوصول الى محطتهم الاخيرة قبل رفع مستوى الاجراءات المجرية وتردي أحوال الطقس.
وقد فاجأت هذه الاعداد السلطات المقدونية التي لم تنته بعد من اقامة مخيمات الاستقبال الحدودية، فغاب الحد الادنى من الخدمات، حتى المنظمات الدولية التي شيدت لها خيما قرب محطة القطارات غاب ممثلوها ومساعداتهم، واقتصر الحضور على بعض عمال الصليب الاحمر المقدوني وامكاناتهم المتواضعة، وقد قاموا بعمل جبار لاحتواء الكم الهائل من الوافدين ومنحهم بعض الماء وأكياس التشيبس وبعض الاسعافات الاولية كتضميد جروح الاقدام نتيجة السير الطويل، أو تقديم أدوية لأمراض نتجت من الامطار والبرد، وبعض الثياب القديمة التي تخلى عنها سكان المدينة الحدودية.
وينزل معظم المهاجرين من القطارات او الباصات من غير ان يعرفوا وجهتهم المقبلة، ويعتقد البعض انهم وصلوا الى الحدود المجرية، التي يحسبون لها ألف حساب بعد وصول الاخبار عن ممارسات الشرطة هناك في حق اللاجئين، وقد تدفقت اعداد هائلة من الواصلين الى صربيا والمجر التي اعتقلت نحو 3500 مهاجر دخلوا البلاد خلال الساعات الـ24 الاخيرة.
وفيما توقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دخول 42 الفاً الى المجر الاسبوع المقبل، أعلنت شركة القطارات النمسوية تعليق رحلاتها امس بسبب "الاكتظاظ الهائل"، ودعت شركات الحافلات والمتطوعين الى التوقف عن جلب المهاجرين الى المحطات.
وفي برلين (رويترز) تفقدت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل مخيما للاجئين السوريين قرب المكتب الفيديرالي للهجرة واللاجئين في منطقة شبانداو ببرلين أمس.