الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الشكوك بصدقية كلينتون تفقدها هالتها

المصدر: "النهار"
هشام ملحم
هشام ملحم
الشكوك بصدقية كلينتون تفقدها هالتها
الشكوك بصدقية كلينتون تفقدها هالتها
A+ A-

عندما اعلنت #هيلاري_كلينتون عن ترشحها للرئاسة في نيسان الماضي كان هناك تسليم في الاوساط السياسية الديموقراطية والجمهورية بحتمية فوزها بترشيح حزبها، وبأنها ستشكل تحديا كبيراً لأي مرشح ينتقيه الحزب الجمهوري. لكن الهفوات التي ارتكبتها كلينتون والتحديات السياسية والانتخابية المفاجئة في الاشهر الماضية الغت الهالة التي كانت فوق رأس كلينتون وقلصت كثيرا من مناعاتها السابقة وعرضتها لانتقادات غير مسبوقة ومحت تقدمها في استطلاعات الرأي وعمقت من الشكوك القديمة بصدقيتها، وخلقت شكوكا جديدة بحتمية فوزها بترشيح حزبها. كل هذه التطورات المتلاحقة دفعت نائب الرئيس جوزف بايدن للتفكير جديا بدخول السباق الرئاسي. وحتى التكهنات بمثل هذا الاحتمال قلصت اكثر من مكانة كلينتون وزادت من الضغوط على حملتها.


أهم المشاكل التي تواجهها كلينتون هي التي تتعلق بصدقيتها والتي تتمحور الان حول استخدامها لخادم خاص بها لرسائلها الالكترونية الشخصية وضع في منزلها خارج المراقبة الحكومية خلال وجودها في وزارة الخارجية، و خصوصا بعد الكشف عن انها استلمت وارسلت رسائل تتضمن معلومات صنفتها وزارة الخارجية واجهزة الاستخبارات لاحقا انها سرية، مع ان كلينتون عندما استلمتها لم تكن مصنفة كذلك. لكن وجود مثل هذا الجهاز في منزلها عمق من الشكوك التي تقول ان هاجس كلينتون وزوجها بالسرية، يعني ان هناك اتصالات ونشاطات محرجة او مريبة حتى ولو لم تكن غير قانونية كما تبين بعد الكشف عن ان بيل كلينتون كان قد تلقى دعوات لالقاء محاضرات لقاء مبالغ مالية كبيرة في #كوريا_الشمالية وجمهورية الكونغو قبل ان تعترض عليها وزارة الخارجية.


ملابسات استخدام كلينتون لحسابها الخاص بالرسائل الالكترونية ومضمون هذه الرسائل (كلينتون محت الاف الرسائل "الشخصية" قبل ان تسلم الجهاز للسطات الحكومية) باتت الموضوع الطاغي على حملتها، حيث يسمي خصومها، وعدد متزايد من المعلقين والصحافيين هذه الممارسات "فضيحة"، حيث تجد كلينتون نفسها يوميا في مواجهة الاسئلة الصعبة من الصحافيين حول اخر تطورات "الفضيحة" التي يحقق فيها مكتب التحقيقات الفيديرالي "اف بي آي" واحدى لجان الكونغرس التي تواصل النظر في هجوم بنغازي الذي اودى بحياة السفير الاميركي في #ليبيا كريس ستيفنسون خلال وجود كلينتون في وزارة الخارجية، والتي تشمل رسائل كلينتون الالكترونية.


نظرة سلبية


مشكلة صدقية كلينتون انعكست على اخر استطلاع للرأي اجرته مؤسسة "غالوب" اظهر ان النظرة الايجابية لكلينتون قد انحدرت بشكل مقلق جداً حيث ينظر 41 في المئة فقط من الاميركيين ايجابياً الى كلينتون مقابل 51 في المئة ينظرون اليها سلبا. وعندما كانت كلينتون وزيرة للخارجية لم تنحسر النظرة الايجابية لها دون 60 في المئة. واظهر الاستطلاع ايضاً ان النظرة الايجابية لمنافس كلينتون في السباق الديموقراطي السناتور برنارد ساندرز (الذي لم يكن معروفا على المستوى الوطني قبل اشهر) تصل الى 46 في المئة. طبعا هذه الاستطلاعات مبكرة، وهناك فترة طويلة تفصلنا عن اول تصويت في الانتخابات الحزبية التمهيدية في شباط 2016، الا انه من الواضح هو ان كلينتون عندما دخلت السباق الرئاسي لم تكن تتصور ان تجد نفسها في المأزق الذي تجد نفسها فيه الان، في مواجهة منافس مغمور وفي مواجهة اسئلة محرجة حول قرار، اعترفت اخيراً بانه كان خطأ في اشارة الى رسائلها الالكترونية. استطلاعات الرأي تظهر ايضاً ان ساندرز يقلص بشكل مستمر الهوة مع كلينتون في ولاية آيوا التي ستشهد او عملية انتخابية حزبية في شباط المقبل حيث تسبقه كلينتون بسبعة نقاط فقط. والسبت اشار ساندرز الى تقدمه المفاجيء في استطلاعات الرأي ولاحظ انه عندما اعلن ترشحه قبل اشهر لم يكن معروفا في البلاد، وكيف انه صار الان منافسا حقيقيا لكلينتون قائلاً: "من الطبيعي ان يشعر المسؤولون عن حملة كلينتون بالقلق بسبب الطاقة والحماس الذي خلقته حملتنا" . ويبدو ان هذا القلق حقيقي، لان حملة كلينتون بدأت اخيراً بتكثيف الهجمات ضد حملة ساندرز.


بايدن يعيد حساباته


قبل ايام قال بايدن انه لم يحسم امره بعد في شأن الدخول في السباق الرئاسي، مشيرا الى انه لا يزال في حداد بعد وفاة نجله في ايار الماضي، قائلا ان العقبة الاساسية امامه لا تتمثل بما اذا كان قادرا على جمع التبرعات او اقامة البنية التحتية الضرورية لحملة انتخابية فعالة في هذا الوقت المتأخر نسبيا، بل في ما اذا كان هو وافراد عائلته قادرون عاطفيا في هذا الوقت الحساس على الدخول في معركة مضنية تتطلب التزاما شاملا حتى في الظروف العادية ناهيك بظرف غير اعتيادي. بايدن انهى تساؤلاته بالقول "الجواب الحقيقي هو انني لا اعرف". بيد انه لم ينف انه يفكر جديا بالترشح. ويعتقد ان بايدن والمقربين منه هم الذين كانوا وراء التسريبات الاخيرة حول تفكيره بالدخول في السباق الرئاسي، الامر الذي تزامن مع تشكيل مجموعة من مؤيديه لحملة تهدف الى ترشيحه تقوم الان بجمع التواقيع على عرائض في هذا الشأن، وتقوم بالنشاطات الاعلامية لتجنيده مرشحاً بديلاً من كلينتون لديه سمعة وصدقية افضل.


وحتى المرشح الجمهوري دونالد ترامب المثير للجدل متفوق على كلينتون بخمسة نقاط في مختلف نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة على رغم ان الانتخابات الرئاسية هي في تشرين الثاني 2016. صحيح ان الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة جدا، لكن أي مرشح جدي في هذا الوقت المبكر من السباق يكون رازحا تحت مشاكل وشكوك من النوع الذي تواجهه كلينتون، وتحديدا تلك المتعلقة بصدقيتها، لن يكون قادرا بسهولة عليها تخطيها لانها من النوع الذي "يلزق" بالمرشح، الذي كلما حاول التملص منها كلما ازدادت تعلقا به. كلينتون وزوجها بيل كلينتون اللذان يعتبران وجهين لعملة واحدة، واللذين خيما بظليهما على الحياة السياسية في الولايات المتحدة منذ 1992 يواجهان اليوم مأزقا صعبا اذا لم ينجحا في احتوائه بسرعة لربما الحق بهما أسوأ هزيمة في آخر معركة سياسية يخوضانها معا في تاريخهما السياسي الطويل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم