الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بين الربيعين اللبناني والعربي: هذه أوجه الشبه

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
بين الربيعين اللبناني والعربي: هذه أوجه الشبه
بين الربيعين اللبناني والعربي: هذه أوجه الشبه
A+ A-

في العام 1983 وافق الكونغرس الأميركي على خرائط برنارد لويس، التي تهدف إلى تقسيم الدول العربيّة والإسلاميّة إلى دويلات على أساس طائفي، وعادت وتبلورت بمشروع "حدود الدم" الذي كتب عنه رالف بيترز. في العام 2005 أعلنت وزيرة الخارجيّة السابقة الأميركيّة كونداليزا رايس عن نيّة الإدارة الأميركيّة في نشر الديموقراطيّة والحريّة في العالم العربي من خلال الفوضى الخلّاقة. في العام 2011 اجتاحت ثورات "الربيع العربي" دول المنطقة، وطاولت وبطرق متفاوتة كلّ من تونس ومصر والبحرين وليبيا واليمن والأردن ووصلت إلى سوريا. تسلسل يربط بين الأهداف الأميركيّة في المنطقة العربيّة وكيفيّة تحقيقها من خلال الفوضى الخلّاقة أو الثورات التي تحوّلت نقمة على بلدانها وشعوبها.


في العام 2015 بدأ في لبنان حراك مدني يدعو لإسقاط النظام من باب النفايات، وهو رغم حجمه الصغير إلّا أنه نجح في هزّ النظام اللبناني وتحريك الأحزاب، لكنّه في المقابل أثار الريبة والشكوك لأسباب عدّة؛ أوّلاً منظّمات المجتمع المدني التي في أغلبيتها، إن لم نقل كلّها، مموّلة ومدعومة من الخارج، إضافة إلى ارتباط بعض أعضائها بسفارات أجنبيّة. ثانياً تدحرج المطالب والأهداف، التي انطلقت من إيجاد حلّ لأزمة النفايات وصولاً إلى إسقاط النظام. ثالثاً تعميم الفساد على الجميع بدل التصويب على الفاسدين الحقيقين الأمر الذي يريحهم ويحبط البرامج الإصلاحيّة. رابعاً غياب الحلول الواقعيّة والمنطقيّة القاضية بالاحتكام إلى الشعب عبر الانتخابات، مقابل الدفع نحو الفوضى. خامساً القيادة غير المعروفة للحراك. سادساً رفض الآخر، ورفض النقد البنّاء ورفض الأحزاب، دون تقديم بديل أو حتى برنامج واضح.


بين لبنان والدول العربيّة
ما هي أوجه الشبه بين ما نشهده اليوم وما تشهده الدول العربيّة منذ أربع سنوات؟ لتفسير الظواهر يستعان في التاريخ والسيناريوهات المشابهة، بحسب ما تؤكّد الأستاذة في العلاقات الدوليّة الدكتورة ليلى نقولا لـ"النهار"، وتضيف: "هناك أوجه شبه عدّة بين ما نشهده في لبنان وبين ثورات الربيع العربي. أولاً في كلّ الدول العربيّة اتفقت التظاهرات على الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والفساد المستشري، بحيث كانت أغلب المطالب التي رفعت محقّة ولا يمكن لأحد أن يقف ضدها. في تونس اندلعت الشرارة مع إحراق البوعزيزي نفسه احتجاجاً على ظلم السلطة السياسيّة والفساد. كذلك الأمر في مصر نتيجة الأزمة الاقتصاديّة الكبيرة والفساد المستشري وغياب فرص العمل، وكبرت الشرارة ونما الغضب الشعبي بعد قتل خالد سعيد. وفي سوريا رفعت مطالب ضدّ العمل الاستخباراتي والفساد واحتجاجاً على الأزمة الاقتصاديّة بعد الانفتاح على السوق التركي، وللمطالبة بالحريّات السياسيّة والديموقراطيّة".


وتتابع: "ثانياً هناك التشابه في المتابعة الإعلاميّة من حيث تسويق التظاهرات والأفكار التي تركّز على القمع الذي يتعرّض له المتظاهرون وتضخيم الأحداث كما حصل في درعا وما قيل عن نزع أظافر الأطفال وهو ما ثبت عكسه لاحقاً. ثالثاً هناك تشابه لناحية مشاركة التيّارات القوميّة العربيّة المعادية لإسرائيل والتي تأمل في تغيير السلطة السياسيّة، هؤلاء كما شربل نحّاس وحنا غريب ومحمد قاسم في لبنان، كانوا يؤكّدون أنهم ضمانة التحرّك رغم معرفتهم بوجود تدخلات خارجيّة، فأعطوا شرعيّة للتظاهرات ثمّ همّشوا مقابل التركيز على ناشطي المجتمع المدني والمتعاملين مع السفارات الأجنبيّة، وسرعان ما أخرجوا من المعادلة وتسلّم الإخوان السلطة في مصر وتونس، وسرق التكفيريون الثورة السوريّة وجروا البلاد إلى حرب دامية".


هل "الربيع اللبناني" مقبل؟
هل نحن على باب ربيع لبناني يولد من رحم النفايات؟ يقول المحلّل السياسي في جريدة "النهار" ابرهيم بيرم: "لا يمكن لهذا الحراك أن يصل لشيء ولا لحتى إلى فوضى، لأن لبنان يختلف عن كلّ الدول العربيّة، من الممكن أن يتحوّل فشّة خلق أو مجرّد ذكرى، أو أن يسلك طريق هيئة التنسيق النقابيّة التي حرّكت الشارع سنتين. فطبيعة التركيبة اللبنانيّة المنقسمة والفسيفسائيّة لا تسمح بثورات ولا بقلب الصورة رأساً على عقب. من الممكن أن يكون لهذا الحراك موقع أو مستقبل سياسي أو أن يؤسّس عليه لاحقاً، شرط أن تخفّف هذه المجموعات من جموح أحلامها وطموحاتها، وأن تقونن الحراك ضمن شعار المعقول، وأن تؤسس لواجهة وقيادة، وأن تنسّق وتنفتح على الأحزاب التطويريّة".


إلى أين نتجه؟ تقول نقولا: "هذه التشابهات توحي بسيناريو مماثل، لكن لبنان ليس محكوماً بإبقاء النظام الفاسد أو قبول الفوضى وجرّ الناس إلى المجهول، هناك حلول يمكن الوصول إليها بالأساليب المشروعة عبر إقرار قانون إنتخاب على أساس النسبيّة يكسر المحادل الانتخابيّة ويسمح بدخول فئة شبابية ويخفّف من الطائفيّة، فتخاض الإنتخابات على أساسه بصورة حرّة ونزيهة وشفّافة، فيعيد الشعب تشكيل السلطة كما يطمح وعلى أساس المطالب التي ينادي فيها. هذا الطريق هو الأسلم، الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والعودة إلى الشعب مصدر السلطات".


[email protected]


Twitter: @VIVIANEAKIKI

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم