الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لهذا السبب عليك أن تشارك في التظاهرة اليوم

المصدر: "النهار"
كلودا طانيوس
لهذا السبب عليك أن تشارك في التظاهرة اليوم
لهذا السبب عليك أن تشارك في التظاهرة اليوم
A+ A-

يعتبر البعض أن الحراك المدني اليوم هو "ثورة" أو "ربيع لبناني"، وأنه يعبّر عن شريحة واسعة من اللبنانيين لا تريد أن تنضمّ إلى القوى السياسية المشاركة في الحكم، أي قوى 8 و14 آذار. ويذهب هؤلاء إلى حدّ اعتبار أن التغيير آتٍ لا محالة عبر هذه "الثورة" التي شكّلت، من دون شك وباعتراف الجميع، بُرعمَ أملٍ في إرادة لبنانية في العيش بكرامة وفي نبذ الفساد في مؤسسات الدولة.


 


لكن ما يغيب عن مؤيدي حراك كهذا، أنهم بنبذهم الأحزاب السياسية، ينبذون طريقَ وصولهم إلى الحُكم الذي يسعَون إلى تغييره. طبعاً، لا يُلامون على تصرّفهم، فنبذُهم مرتكزٌ على "قرف" من المسؤولين السياسيين الذين نهشوا السلطة ومواردَها بأنيابٍ أنانية، لكن لا يجوز أن ينسوا أن السياسة بمفهومها الأصلي الذي تناساه حكّامُنا، هي عملٌ نبيل، يهدف إلى خدمة الناس وتسهيل شؤون حياتهم.


من هنا، قد يسوّقُ الشعار "ما بدنا لا 8 ولا 14" لنفسه لفترة، ولكنها لن تتجاوز حدود الحماسة والغضب والآنية المتحكّمة بعواطف اللبنانيين اليوم. إذ "هبّ" كثيرون بالقول في الآونة الأخيرة، إنهم لا يريدون أيّاً من النواب وأيّاً من الوزراء الحاليين. حتى عندما تُطرَح عليهم أسماء "مقبولة" ومتفق عليها بأنها خارج الجهتَين المتناحرَتين عمودياً في لبنان، يجيبون مجدداً بأنهم لا يريدون هؤلاء أيضاً!


 


لا يبقى حلٌّ لتعبير هؤلاء عمّا يريدونه إلا عبر الانتخابات، إذ إن دخولَهم السلطة، أو إتيانَهم إلى السلطة بمن يرَون أنه يعبّر عن تطلعاتهم، لن يتحقق إلا عبر الانتخابات الديموقراطية التي تعبّر عن إرادة الشعب الحرّة. وهو ما دعا إليه حديثاً وزيرُ الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي الأخير، على سبيل المثال لا الحصر.


فالتغيير لن يتمّ باقتحام مراكزَ رسمية من حملة "طلعت ريحتكم" أو غيرها، أو بافتعال فوضى وأعمال شغب من مندسّين أو غيرهم، أو بنبذ كلّ المسؤولين من دون تمييز أو حتى مراجعة لمسيرات هؤلاء في مراكزهم الحالية والسابقة. ولن يتمّ بهدفٍ فضفاض من المحق المطالبة به، ولكن من الصعب تحقيقه، نظراً إلى افتقاد المطالبين به مشروع عمل واضح ومفصّل كما هي الحال مع الأحزاب اللبنانية، التي تعرض مشاريعها ورؤيتها، فتَنتُجُ تلقائياً أكثريةٌ حاكمة وأقليةٌ مُعارِضة بعد تعبير الرأي العام عن صوته.


 


إن أبلسة الانتماء إلى الأحزاب في لبنان، وحتى أبلسة دعم أحدها، أمرٌ مسيء لصورة لبنان التعددية الديموقراطية، بما أن الحزبَ أيضاً بمفهومه الأصلي يسعى للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات لتطبيق رؤيته وتحقيق مشروعه خدمة للمواطنين. والمضحك المبكي أن بعض اللبنانيين الذين يجرّمون فِعل الانتماء الحزبي المحلي، يتابعون من كثب الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تنقسم الأصواتُ فيها بين الحزبَين الجمهوري والديمقراطي، مهلّلين لديموقراطية وآراء حزبية كهذه.


سيمتنع كثيرون عن المشاركة في تظاهرة اليوم التي دعا إليها "التيار الوطني الحر"، متسلّحين بأنها دعوةٌ حزبية، لا تعنيهم، بل تعني فقط مؤيدي "التيار"، مع العلم أن هذا الأخير دعا كل المواطنين، وذكر في حملته الدعائية أنه يطالب بالشراكة الحقيقية و"بحقوقكن كلكن، يعني كلكن!". لكن من يتطلع إلى حقيقة ما يطالب به العونيون اليوم، يلاحظ أنه كذلك مطلب "الحراك المدني" الذي تشجّع وواجه الممدّدين لأنفسهم للمرة الثانية، من خلال "ثورة البندورة" التي قُمِعَت بدورها.


يشي هذا الواقع بأن الحراك المدني، الذي يضمّ شخصياتٍ باتت معروفة، ومسيراتها مُحترَمة، و"ثورتها" مُتابَعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقاتها تمتد إلى كل الجهات في لبنان، يظلّ مع الأسف يتيماً مهما دعمه اللبنانيون. فالمشروع الفضفاض والآني الذي يطالب به، يظلّ خجولاً أمام المشروع العملاق الذي يحمله كلّ حزب في لبنان.


 


من المهم أن يشاركَ اللبناني في التظاهُر، وأن يطالب بحقوقه، وأن يحارب الفساد، لكن المهم أكثر أن يفعل ذلك بذكاء وبطريقة فعالة أكثر، وذات "قوة" وزَخم أصلب، عبر انضمامه إلى قوة ديناميكية منظّمة، غير متفاوتة الأهداف. والتظاهُر اليوم هو أحد أشكالها، بغضّ النظر عن الهوية السياسية للداعين.


 


 [email protected] / Twitter: @claudatanios

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم