الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

فجأة... وجدت ميركل أزمة اللاجئين أكبر التحديات أمامها!

المصدر: (رويترز)
فجأة... وجدت ميركل أزمة اللاجئين أكبر التحديات أمامها!
فجأة... وجدت ميركل أزمة اللاجئين أكبر التحديات أمامها!
A+ A-

أثارت المستشارة الألمانية انجيلا #ميركل دهشة البعض عند عودتها من عطلتها الصيفية في منتصف اب عندما وصفت مشكلة اللاجئين في #أوروبا بأنها تحد أكبر من الأزمة اليونانية التي غطت على ما عداها طوال النصف الأول من السنة 2015.


والآن لم يعد أحد في ألمانيا يشكك في تقويمها.


فخلال الأسبوعين الأخيرين هزت البلاد عاصفة مدوية من عناوين الصحف رفعت قضية #اللاجئين التي كانت تعتبر في ألمانيا لسنوات طويلة مشكلة تخص جنوب أوروبا إلى قمة الاهتمامات العامة والسياسية.


في البداية، أعلن وزير داخلية ميركل أنه يتوقع أن يطلب 800 ألف شخص اللجوء في #ألمانيا هذه السنة، أي ما يقرب من مثلي العدد الذي كان متوقعا قبل ذلك بشهور قليلة بالمقارنة مع ربع هذا العدد تقريبا في العام الماضي.


ثم جاءت احتجاجات التيار اليميني المتطرف المناهضة للاجئين في مدينة هايديناو الشرقية والتي أصيب فيها 30 شرطيا بجروح وأحيت شبح العنف العنصري الذي شهدته ألمانيا في أوائل التسعينات عندما شهدت أعداد طالبي اللجوء زيادة كبيرة.


وبعد ذلك كان الخميس الماضي عندما عثرت الشرطة على شاحنة مهجورة وبداخلها جثث 71 مهاجرا على أحد الطرق السريعة في #النمسا في الوقت الذي وصلت فيه ميركل إلى فيينا لحضور مؤتمر عن غرب البلقان.


وفي اليوم السابق، قوبلت ميركل بصيحات استهجان من أهالي هايديناو الذين وصفها بعضهم بالخائنة لأنها أبدت تضامنها مع اللاجئين في المدينة وبدا عليها الاهتزاز بكل وضوح في فيينا وهي تتحدث للصحافيين عن الاكتشاف المريع الجديد.
وبدا بغتة أن عمق أزمة اللاجئين بدأ يترك بصمته في ألمانيا.


وليست ميركل غريبة على الأزمات. فالسنوات العشر التي قضتها في السلطة هيمن عليها الانهيار المالي العالمي والاضطرابات التي شهدتها منطقة الأورو والصراع مع روسيا بشأن #أوكرانيا. لكن هذه الأزمات ظلت بعيدة عن معظم الألمان.


أما الآن، فعليها أن تتصدى لمشكلة لها أثرها العميق على التجمعات السكانية في مختلف أنحاء ألمانيا.


وكتبت صحيفة "دي تسايت" الأسبوعية الألمانية هذا الأسبوع تقول: "خلال أزمة الأورو تولد لدى الناس انطباع أن دولا أخرى هي التي تعاني مشكلة وأن ألمانيا في أحسن حال. أما الآن فالعبء كله في الداخل".


وأضافت: "للمرة الأولى منذ وصلت ميركل للسلطة أصبح من الممكن أن تبدو على ألمانيا ملامح بلد المشكلات".


* العواقب السياسية


ولا تزال ميركل تتمتع بشعبية هائلة بعد أن أمضت عشر سنوات في منصب المستشار وتزامنت فترة حكمها مع عودة ألمانيا للظهور كقوة اقتصادية وطرف فعال في الشؤون الخارجية.
وخلال الأزمة الأوكرانية وأزمات منطقة الأورو تطلعت أوروبا إليها كي تأخذ بيدها وهذا ما فعلته بأسلوبها المتأني الحذر. لكن أزمة اللاجئين تمثل تحديا يتسم بتعقيدات وأبعاد مختلفة تمام الاختلاف.


فهي مشكلة على كل المستويات المحلية والوطنية والأوروبية. وستستلزم على الأرجح مهارات القيادة والمبادرة بالحشد الجماهيري التي لم تبد ميركل ارتياحا لها على الدوام في الماضي.


وقد انتظرت ثلاثة أيام تقريبا لانتقاد ما حدث في هايديناو وكان ذلك سببا في توجيه انتقادات حادة لها وأظهر أنها مازالت تتحسس موضع قدميها في هذه الأزمة.
وقالت صحيفة دي تسايت "سيكون الساسة مطالبين بالكثير. وعليهم أن يدركوا أننا في عالم جديد ويجدون الكلمات الملائمة التي تناسبه".


وفي ألمانيا تبدأ المشكلة بالتجمعات السكنية والمدن التي وجدت نفسها مغلوبة على أمرها أمام طوفان من طالبي اللجوء الذين يحتاجون للسكن والغذاء والعلاج من مشاكل صحية.


في الأسبوع الماضي وافق مجلس وزراء ميركل على رفع مستوى الدعم الاتحادي للتجمعات السكنية المحلية إلى مليار أورو. وتردد أيضا أن هذا المبلغ قد يزيد إلى ثلاثة أمثاله في "قمة اللاجئين" التي ستعقدها الحكومة في 24 ايلول. لكن الخبراء يقولون إن هذا المبلغ سيكون أقل كثيرا من المطلوب.
ومما زاد النقاش حول الموارد سخونة تلك المخاوف من أن تشجع ألمانيا أعدادا أكبر على الارتحال شمالا إليها إذا هي بذلت أكثر مما ينبغي. ومن الأفكار المطروحة تزويد اللاجئين ببطاقات خاصة تمكنهم من زيارة الأطباء دون الحصول على تأمين صحي في البداية.


ومن المحتمل أيضا أن يؤدي الدعم الحكومي الزائد إلى تعميق استياء الألمان العاديين الذين يكافحون لتغطية نفقات المعيشة الأمر الذي يعزز الدعم الشعبي للأحزاب اليمينية مثل حزب البديل من اجل المانيا على حساب الأحزاب الحاكمة.


وبدأ الساسة في برلين بالفعل يشعرون بالقلق لمدى تأثير الأزمة على الانتخابات المهمة على مستوى الولايات في آذار المقبل والانتخابات الاتحادية في السنة 2017 والتي يتوقع أن تسعى ميركل لخوضها من أجل الفوز بفترة حكم رابعة.


ويفكر كبار الديمقراطيين الاشتراكيين في سبل لمنع طوفان اللاجئين من الظهور في إحصاءات العاطلين عن العمل قبل تلك الانتخابات. ويصف بعض المحيطين بميركل هذه الأزمة بأن لها احتمالات "متفجرة" بالنسبة لحزبها الذي لا يزال متقدما بفارق كبير في استطلاعات الرأي.


* خارج السيطرة
ثم إن هناك بواعث القلق في شأن كيفية التعامل مع رد الفعل المتوقع من تيار اليمين المتطرف ضد اللاجئين والذي تركز في الشطر الشرقي من البلاد حيث كانت ألمانيا الشيوعية السابقة رغم أن ولايات غربية مثل بافاريا وبادن فورتمبورج ونورد راين فستفاليا شهدت اعتداءات شبه يومية تمثلت في إشعال حرائق.


ووقعت أغلب هذه الاعتداءات على مبان خالية مخصصة لتحويلها إلى ملاجيء لكن الساسة يسلمون بانها مسألة وقت فقط قبل أن يسقط جرحى أو قتلى بين اللاجئين.
وقال مسؤول كبير في #برلين طلب عدم الكشف عن اسمه: "بسرعة كبيرة يمكن أن تجد نفسك في وضع مثل الوضع الذي كنا فيه في أوائل التسعينات تتعرض فيه ملاجيء تمتليء باللاجئين للاعتداء".


وأضاف: "شيء من هذا القبيل يمكن أن يخرج بسرعة عن سيطرة الساسة".


وخلال جانب كبير من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ظل الساسة الألمان يشيرون إلى المهاجرين في اعتبارهم "جاستربايتر" أي العمال الضيوف وكأنهم سيعودون إلى بلادهم الأصلية ما أن ينتهي العمل.


وظل هذا الوهم قائما حتى عهد قريب جدا عندما بدأت الفكرة تترسخ في الأذهان أن ألمانيا في حاجة ماسة للمهاجرين لكي تتغلب على أزمة سكانية تلوح في الأفق نتجت عن انخفاض معدل المواليد. ومع ذلك فقد كان التركيز في الأساس على جلب العمالة الماهرة لسد احتياجات مجتمع الأعمال الصغيرة في ألمانيا.


ولا يفي كثير من القادمين إلى ألمانيا من سوريا وكوسوفو واريتريا والعراق بهذه الشروط.
أما أكبر التحديات التي تواجه ميركل فربما تتمثل في قيادة أوروبا صوب سياسة مشتركة في ما يتعلق باللجوء. ويبدي الساسة الألمان هذه الأيام سخطهم لرفض بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قبول "نصيبهم العادل" من اللاجئين.


ويخشى هؤلاء الساسة أن يتلاشى سريعا انفتاح الذهن لدى المواطن الألماني العادي إذا لم يتم تسوية هذه المسألة قريبا.


ويشير المتفائلون في برلين إلى أزمتي منطقة الأورو و #أوكرانيا فياعتبارهما من الأمثلة التي تحدت فيها أوروبا الظروف وظلت متحدة. وسيقع على عاتق ميركل في الأساس عبء تحقيق هذا الإجماع في ما يتعلق باللاجئين.


وفي منتصف آب قالت ميركل "قضية اللجوء قد تصبح المشروع الكبير التالي الذي نظهر فيه ما إذا كنا قادرين على العمل معاً".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم