الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إحباط الشباب وتحديات الوريث

المصدر: "النهار"
محمد نمر
إحباط الشباب وتحديات الوريث
إحباط الشباب وتحديات الوريث
A+ A-

شهد لبنان عملية توريث سياسي جديدة بـ"التوافق" في صفوف "التيار الوطني الحر". انتقلت رئاسة الحزب من الجنرال ميشال عون إلى صهره وزير الخارجية جبران باسيل.


ليس مشهداً جديداً على لبنان الذي تتغلغل في غالبية أحزابه عملية التوريث، فشهدناها في الحزب التقدمي الاشتراكي مع جلوس #تيمور #جنبلاط على كرسي والده، وفي حزب "#الكتائب اللبنانية" بعد انتخابات "رمزية" انتهت بترؤس النائب سامي #الجميل الحزب، وحزب "الوطنيين الأحرار" مع استلام النائب داني #شمعون الرئاسة بعد اغتيال شقيقه داني، و"تيار #المردة" مع تحضير نجل النائب سليمان فرنجية للمهمّة، إضافة إلى انتقال الإرث السياسي في آل معوض إلى رئيس حزب حركة الاستقلال السياسي ميشال #معوض، وبالطبع انتقال الارث السياسي إلى الرئيس سعد #الحريري بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، وغيرها من الحالات السياسية.
ولم تشهد أحزاب "#القوات_ اللبنانية"، "#الشيوعي"، "#القومي"، "#حركة_ أمل"، "#حزب_ الله" أي عملية توريث سياسي، إما لأسباب داخلية أو لأخرى تتعلّق بسياسة الحزب. ولا يمكن القول إن القياديين الجدد كانوا فاشلين في قيادة أحزابهم، لكن المفارقة كانت بين من يريد التجديد، ومن يريد السير على القواعد الكلاسيكية التي تُظهر سلبيات التوريث.


 


ظاهرة بنيوية
يعتبر باحثو علم الاجتماع إن "قوة العلاقات العائلية، خصوصاً في النظام العشائري العربي والأفريقي ظاهرة ملفتة"، وفي ضوء ذلك يؤكّد الباحث في علم الاجتماع الدكتور ملحم شاوول لـ"النهار" أن "التوريث لن يؤثّر على المستقبل السياسي في البلد، فهناك نظام عام وكل الناس تورث بعضها في لبنان أكان في الاقتصاد أو النوادي أو الجمعيات".
موقف شاوول لم يأت من عدم، بل بناء على دراسات ونظرة مايكروسكوبية إلى الوضع السياسي والمجتمعي في البلد، ويشير إلى أن "التوريث ظاهرة سياسية بنيوية في مجتمعنا، كما أنها موجودة في مجتمعات العالم الثالث، ونتذكر أنديرا #غاندي التي ورثت النفوذ السياسي عن والدها، وفي أميركا تعتبر عائلة بوش من ظواهر التوريث، حيث تقاسم ثلاثة أشخاص النفوذ واليوم جيب #بوش، الابن الثاني للرئيس السابق جورج بوش الأب، سيكون مرشحا قوياً في انتخابات الرئاسة عن الحزب الجمهوري، كما أن أيفا #بيرون ورثت رئاسة الأرجنتين عن زوجها خوان بيرون"، ولهذا يقول شاوول: "ظاهرة التوريث ليست غائبة عالمياً، واليوم هناك مشاكل بين مارين لوبان ووالدها جان ماري لوبان الذي أوصلها إلى السلطة، وعندما قرر العودة إلى الهيمنة جمّدت عضويته في الحزب".



ظاهرة قائمة
علم الاجتماع يعتبر أن "التوريث السياسي ظاهرة قائمة وفي بلدان كثيرة، خصوصاً التي لا تزال فيها العلاقات التقليدية قوية مثل لبنان والعالم العربي، حيث هناك قوة في علاقات القرابة والدم المبنية على التضامن العائلي، ولم تزل حتى في الأنظمة التقدمية، كحزب البعث ونظام القذافي وأنظمة كثيرة، عدا الجزائر التي لم تشهد ظاهرة من هذا النوع، فيما انتشر التوريث في كل الأنظمة التقليدية الملكية والتقدمية".
التوريث السياسي وتأثيراته ترتبط بـ"شخصية الوريث الجديد، حيث تصبح الطابة في ملعبه، فإما يكمّل تقليدياً مثل والده أو من ورثّه مثلا، أو يرتدّ فينقلب او ينحرف أو يغيّر عن الورثة، وقد لمسنا ذلك لدى عائلة جنبلاط، فكمال لم يكمل خط السيّدة نظيرة جنبلاط، ووليد لم يكمل خط والده، بينما في عائلات أخرى بقيَ الوريث على الخط عينه، وهنا تكمن الأهمية"، مشدداً على أن "ليس من الضروري أن يكون التوريث استمرارية تقليد، بل قد يقوم الوريث بإضفاء نزعة شخصية على ما ورثه ويأخذه إلى مكان آخر".


قوة التوريث والأنثى
ولا ينفي شاوول أن التوريث يمنع البعض إلى الوصول إلى منصب الرئاسة أو الزعامة، لكن من جهة أخرى أيضاً يعتبر أنه "ربما الذين يعارضون التوريث داخل الحزب ليس من لم يحصلوا على المنصب لأنهم لا يشكلون "لوبي" كافيا يمنع التوريث، وهناك من يتّجه إلى الانشقاق إذا عجز عن التغيير داخل الحزب نفسه"، ويضيف: "مثلا لا يستطيع خالد حدادة أن يورّث ابنه الحزب الشيوعي، حينها سترتفع أصوات معارضة كبيرة ضده".


ويشير إلى "ظاهرة وقوع الأحزاب الاصلاحية والتقدمية وغيرها في العالم العربي في فخ القوة الشديدة للعلاقة العائلية، فالأديان كانت تريد أن تفكّك العائلية وفشلت فعادت ورضخت لها"، كما يلفت إلى قوة التوريث ويقول: "من المفترض أن المجتمع الذكوري يسيطر في التوريث، لكن قوة القرابة دفعت الارامل إلى وراثة أزواجهن، خصوصا عندما كان اولادهن صغاراً مثل نايلة معوض والست نظيرة، وغيرهن".


سلبيات التوريث
الدكتور في العلوم السياسية جورج شرف يعتبر أيضاً أن "التوريث السياسي شيء من واقع المجتمع اللبناني، وبات من تركيبة المجتمع السياسي، فهو موجود في كل ا#لطوائف ولا ينحصر بجهة معينة"، مشيرا ًإلى أن "سلبية التوريث أنه يغلق الابواب على تكوين نخب قيادية جديدة، وتبقى الحلقة الضيّقة الخاصة بالوراثة، لكن قد يملك ايجابية في أن الوريث الذي يتسلّم السلطة لديه مسبقاً أجواء سياسية أدت إلى تكوين خبرة أساسية في اللعبة السياسية".
ويعتبر شرف أن "التحدي يرتبط بهوية الذين يرثون السلطة، وبأن ينقلوا الواقع السياسي من الحلقة الضيقة إلى المساعدة في تكوين نخب جديدة، وإلا إذا بقي التوريث السياسي في معالم الفساد والزبائنية والخدمات الخاصة، فأعتقد أننا سنتّجه إلى وضع سيئ جدا"، مضيفاً: "انه تحدٍّ كبير للورثة الجدد أن يخرقوا الحلقة الضيقة لأننا بحاجة إلى نخب جديدة"، ويلفت إلى أن "حدود الطبقة السياسية في لبنان هو الحالي ولا أفق أكثر ولا يمكنها أن تخرج منه، أما الشبان الجدد فلا نعرف قدرتهم على رفع التحدي".


المجتمع المدني
ويحذر من أن "سير الطبقة الجديدة من الشباب على الخط التقليدي يعني أننا نتّجه نحو آخرة سيئة لبنان، وحالة انفصال بين القيادات السياسية والاجيال الصاعدة".


هل المجتمع مستعد للخروج من التوريث السياسي؟ يجيب: "هناك عائق أساسي، وأعتقد أن الطبقة السياسية الحالية لديها الذكاء الكافي بأن تخلق جوًّا للناس، بأن لا غنى عنها وهذا أمر يخدم مصالحها، ولا يخدم المصلحة العامة للمجتمع اللبناني، وأتمنى من القيادات الجديدة أن تدرك الواقع وألا تجهل أين ستتجه في واقعنا السياسي ومسار مجتمعنا"، ويتوقف شرف عند "التحركات الجديدة في المجتمع اللبناني التي تدل إلى مؤشرات جديدة إما أن يسير معها الوريث أو ستقع المواجهة عاجلاً أو آجلاً"، ويشكّ في أن "تظهر أحزاب جديدة، بل من الممكن أن يتحرك المجتمع المدني أكثر ويعطينا المزيد من الأمل".


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم