الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"داعش" يهدّد بغزو اسطنبول ... هل انقلب السحر على الساحر؟

جورج عيسى
"داعش" يهدّد بغزو اسطنبول ... هل انقلب السحر على الساحر؟
"داعش" يهدّد بغزو اسطنبول ... هل انقلب السحر على الساحر؟
A+ A-

من بين آلاف الأشرطة التي حمّلها #تنظيم_الدولة_الاسلاميّة على مواقعه الالكترونيّة والتي هاجم فيها معظم دول العالم ومختلف أتباع المذاهب والعقائد والاديان، لا يجد المرء، بتلك السهولة، واحداً من بينها فيه خطاب يهاجم السياسيّين الاتراك بالحدّة والتهديد اللذين يتّبعهما في الفيديوهات الاخرى. كان ذلك حتى صباح الثلثاء 18 آب حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً لفيديو هوالاول يظهر فيه أحد "الامراء" وهو يهاجم الدولة التركيّة "غير المسلمة" ويصف فيه مؤسّسها #مصطفى_كمال_أتاتورك ورئيسها الحالي #رجب_طيب_اردوغان كشر يجب محاربته، مهدّداً في الوقت نفسه بغزو #اسطنبول.


كثيرون وصّفوا #تركيا كعرّاب ل"داعش" ومسهّل لدخول المتطرّفين إليها وخصوصاً الغربيّين من بينهم، عبر حدودها الجنوبيّة. ولكن إذا صحّ هذا التوصيف، فكيف للتنظيم أن ينقلب على مموّله بهذه السرعة؟ هل هو فقط يثبت تجربة أنّ الحركات الارهابيّة لا يمكن الركون الى "وفائها" أم أنّ الوصف هذا كان من الاساس يحمل في طيّاته مبالغة واضحة؟.


لا يختلف الاتراك أوّلاً على أنّ لهجة "الامير" الذي هدّدهم هي تركيّة بحتة، مما يعني أنّ التنظيم توصّل فعلاً الى استقطاب عدد من المواطنين الاتراك لتسخيرهم في عمليّاته. لكن أن تصل الامور الى حدّ غزو مدينة اسطنبول، ففي هذا الامر مبالغة بحسب الكاتب في صحيفة "حريت دايلي نيوز" التركيّة مصطفى أكيول الذي كتب بنوع من التهكّم ردّاً على تعبير الغزو، أنّ الجيوش نفسها لم تستطع أن تحتلّ مدينة #كوباني التي تقع شمال #سوريا، وبالتالي يستطيع أهل اسطنبول أن يكونوا بمأمن في المستقبل المنظور.


أمّا جديد التهديد الداعشي لتركيا، فيتحدّث عنه الكاتب في الصحيفة عينها، مُرات يتكين الذي أكّد أنّ الفيديو جاء بعد اتفاق #واشنطن و#انقرة على فتح الاخيرة قاعدتها الجويّة في #أنجيرليك أمام #قوّات_التحالف لضرب "داعش" وانضمام تركيا نفسها الى تلك الحملة. ومع أنّ تركيا وضعت التنظيم على لائحتها السوداء عام 2013 إلاّ أنّها اتخذت مواقف حاسمة ضدّها هذه السنة، بعد هجوم إرهابيّي التنظيم عليها في تمّوز الماضي بحسب الكاتب نفسه.
هيئة الشؤون الدينية المكلّفة تنظيم العلاقات بين الدولة والدين لها دور في تعجيل الهجوم الداعشي الاخير على تركيا . رئيس الهيئة محمد غورميز أكّد منذ يومين أنّ جميع أعمال مجموعاتٍ ك"داعش" وط#النصرة" هي "إرهابيّة" داعياً جميع المسلمين الحقيقيّين الى التوحّد ضدّهما،ومضيفاً أنّ "الاسلام كدين وثقافة وحضارة مجبر على الدخول مع هذه المجموعات في حرب وجوديّة".


ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرح الان، لماذا تأخرت تركيا في اتخاذ القرار الحاسم في هذا السياق.


مصطفى أكيول من جهته ركّز على مغالطات "داعش" في الفيديو، ومنها اعتبار تركيا الحديثة دولة أقرّت تشريعات مدنيّة، مذكّراً بأنّ أوّل تشريعات من هذا النوع كانت عام 1876 أيّام الامبراطوريّة العثمانيّة. واعتبر ايضاً أنّ اتهام "داعش" فصائل "الجيش السوري الحر" بأنّها "صديقة لاتاتورك العلماني" أمر خال من المنطق. وسلّط الضوء أيضاً على اتهام التنظيم لأردوغان بالتحالف مع "قوّات "حزب العمّال الكردستاني الملحد"، حيث من جهة أخرى يجد أنّ سياسيّين أتراكاً أو غربيّين يرون أنّ اردوغان حليف ل "داعش" ضد "#حزب_العمال_الكردستاني". لذلك هو تبدو الحقيقة معقّدة اكثر من بضعة أسطر دعائيّة.


لا يختلف اثنان على أنّ العلاقات بين #تركيا و"#داعش" دخلت مرحلة جديدة وغير مسبوقة من التوتّرات. ولعلّ هذا يأتي بعد فتح جبهة جديدة على التنظيم من ناحية الشمال: جبهة ستطاول عناصره من البرّ والجوّ على حدّ سواء، بالاضافة الى التسريع من عمليّات الاغارة التي تقوم بها القوّات الدوليّة ضدّ مقارّ التنظيم. هذا التطوّر سيعني رفع وتيرة الهجمات على "داعش" بشكل ملحوظ، الامر الذي قد يشكّل منعطفاً كبيراً في المعركة ضدّ الارهاب، إذا اثبتت تركيا جدّيّتها وحسن نيّتها في الذهاب بالمعركة حتى خواتيمها المرجوّة دوليّاً.


أمّا الفكرة التي طرحها مُرات يتكين عن إمكانيّة طرح سؤال يتعلّق بالاسباب التي دفعت تركيا الى التأخّر بالدخول في تلك الحرب، فهي مشروعة بالتأكيد، لكنّ فجر جوابها لن يبزغ قبل فترة طويلة، وهي الفترة التي تحتاج اليها قوّات الائتلاف الدولي للقضاء على "داعش" او على الأقلّ لتقليم أظفارها.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم