الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تركوني شبه ميتٍ على طريق الحدت: وليد طحومي ضحيّة جديدة للتفلّت الأمني

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
تركوني شبه ميتٍ على طريق الحدت: وليد طحومي ضحيّة جديدة للتفلّت الأمني
تركوني شبه ميتٍ على طريق الحدت: وليد طحومي ضحيّة جديدة للتفلّت الأمني
A+ A-

الناس يتآكلهم اليأس، كيف لا والأخبار السارّة مقطوعة عنهم، يومياً يصبحون على أخبار جرائم القتل والخطف والسرقة، وينامون على سيمفونيات شلل المؤسّسات وتعطّل الحياة السياسيّة والاقتصاديّة، إنه #التفلّت_الأمني الذي بلغ درجة الانحطاط. يضع اللبناني قلبه بين كفّيه كلّما خرج من بيته، يتحاشى الدفاع عن نفسه أو المطالبة بحقّه خوفاً من رصاصة طائشة ترديه قتيلاً، أو خارج عن القانون يكسر عظامه، أو "زلم" أحد السياسيين أو الأمنيين يستفردون به. في ظلّ الفراغ بات التفلّت يحكم لبنان من رأس هرمه حتى قاعدته، وما حصل مع وليد طحومي ابن حارة حريك وصمة خزي تضاف إلى هذا السجل الحافل.


رُميت شبه ميّت
منذ حوالى الشهرين، كان وليد يسلك طريق #الحدت – بعبدا، عندما اعترضته سيارتان رباعيتا الدفع الأولى من نوع جيب تويوتا والثانية من نوع غراند شيروكيه. نزل منهما أكثر من ثمانية رجال، ضربوه، وكسروا عظامه، وصادروا حرّيته لساعات، قبل أن يتركوه إلى جانب الطريق ينازع بين الحياة والموت. ويقول طحومي لـ"النهار": "كنت أسير في طريقي، كانت الساعة قاربت الحادية عشرة ليلاً عندما اصطدمت بي سيّارة عن سابق تصوّر وتصميم، والمعتدي معروف وهو (ج. ص.) الذي تجمعني به مشكلات شخصيّة سابقة، وكانت برفقته سيارتان، نزل منهما أكثر من ثمانية أشخاص مدجّجين بأسلحة حربيّة وسلاح أبيض، ضربوني بالأسلحة وخطفوني لساعات، كان هدفهم قتلي، ثمّ رموني إلى جانب الطريق فجراً شبه ميّت. بقيت أنازع بين الحياة والموت إلى أن تمكّنت من الوصول إلى منزل صديقتي بعد حوالى الساعتين، فاتصلت بأهلي وبالقوى الأمنيّة التي أتت وأخذت إفادتي وفُتح محضر رسمي بالحادثة".


لم آخذ حقّي لأنني لست مدعوماً
بعدما تقدّم وليد بشكوى أمام مخفر الحدت ضد (ج. ص.) ووالد زوجته (ع. ب.) ومن يظهره التحقيق فاعلاً، توجّه إلى مستشفى بعبدا الحكومي حيث خضع لإسعافات أوليّة، وكشف عليه طبيب شرعي وكتب تقريراً يفنّد تعرضه لإصابتين بالغتين في رأسه، ولرضوض في جسمه ولكسر بالغ في رجله اقتضى خضوعه لعمليّة جراحيّة ومكوثه في المستشفى لأكثر من أسبوع، وتعطيل عن العمل لمدّة ثلاثة أشهر، ويتابع طحومي: "في وقت بقيت في المستشفى وخضعت لعمليّة جراحيّة خطرة، وحصلت على تقرير من الطبيب الشرعي لثلاثة أشهر، وما زلت أخضع لعلاج دوريّ ولا أعلم إن كنت سأُعاود المشي أم لا، بقي المعتدون أحراراً طليقين، طُلبوا إلى المخفر واستجوبوا ثمّ عادوا إلى منازلهم، لم يمكثوا دقيقة واحدة في السجن بحكم الواسطة التي حصلوا عليها من أمنيين ورجال قانون، كما يردّدون دائماً ويؤكّدون لمقرّبين منّي أنهم لن يعوّضوا عليّ ولن يدخلوا إلى السجن، وفعلاً ها هو الملف يرقد في جوارير النيابة العامّة في بعبدا، وحتى اليوم لم آخذ حقّي لأنني لست مدعوماً من أحد".


خلفيّات الاعتداء
بين المدّعي والمدّعى عليهم مشكلات سابقة، إذ سبق لطحومي أن دخل السجن عاماً كاملاً نتيجة اعتدائه على أحد العاملين في محطّة الوقود التي يملكها (ع. ب) والد زوجة (ج. ص.)، بسبب التعرّض لشرفه على حدّ قوله، فقضى محكوميّته وخرج، وبعد شهر حصل تلاسن بينهما، وبعد يومين وقعت الحادثة، ويقول وليد: "أنا لست بقوّتهم ولا نفوذهم أو سطوتهم. أرسلوا وسطاء لإجراء صلحة لكن أشقائي رفضوا الأمر. صحيح أنني اعتديت على عامل لديهم دفاعاً عن شرفي وأدّيت عقوبتي، ولكنني لست "أزعر". حالياً أعيش عاطلاً عن العمل بسبب الاعتداء الذي تعرّضت له، والمعتدون يكملون حياتهم من دون حسيب. يا للأسف، نحن نعيش في دولة تحكمها شريعة الغاب".


إلى ذلك، تؤكّد مصادر أمنيّة لـ "النهار" أن القوى الأمنيّة فتحت محضراً بالحادثة واستمعت إلى إفادة المدّعي واستجوبت المدّعى عليهم، حينما كان الأوّل في المستشفى. وتشير إلى أن المدعي العام طلب مواجهة المدّعي والمدّعى عليهم مرّات عدّة، لكن الأوّل لم يحضر لأسباب غير معروفة، فأحيل الملف إلى النيابة العامّة، صاحبة الاختصاص، بناءً على إشارة القضاء. وترجّح المصادر إمكان حلّ المشكلة بالتراضي بين الطرفين لقاء التعويض الماليّ على المدّعي. وهو ما نفاه طحومي، مؤكّداً أن المدّعى عليهم عرضوا حلّ المشكلة والتعويض مالياً عليه ولكنهم لم يقدموا على ذلك، ولم يكملوا في الأمر، معتبراً الأمر مجرّد مناورة.


إلى مزيد من الفوضى
يعيش اللبنانيون حالة من التفلت على المستويات كافة، حالة ترتدّ على يوميّات المواطن، وتنعكس #فوضى. ويقول الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور نزار أبو جودة لـ "النهار": "كلّ إنسان يتمتع بقوّة سيستخدمها في حالتين، أوّلاً إن لم يكن القانون واضحاً وتطبيقه حازمًا، وثانياً إن لم يكن لديه تربية ثقافيّة وتنشئة اجتماعيّة. فإمّا أن تكون الدولة هي الحكَم، بحيث يدرك المواطن حقوقه وواجباته وحدوده فيلتزم بها ولا يعتدي على حرّية غيره، أو أن نعيش في فوضى الدويلات حيث يستفيد المواطن الأقوى وتغيب الدولة القويّة".


ويحذّر أبو جودة من مزيد من الفوضى، ويقول: "ما يحيط بنا من اضطراب أمني وسياسي، وقتل وإجرام وذبح، ونتيجة ما نشاهده في الإعلام ونعايشه على أرض الواقع، وبسبب العوامل الداخليّة السياسيّة والأمنيّة والبيئيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، يدفع الفرد إلى حافة الهاوية. وتولّد هذه العوامل فوضى وتعمّمها فتصبح شاملة فكرياً وسلوكياً وأخلاقياً. فيما المطلوب أن تضع السلطة ضوابط وأن يتحرّك الشعب، كي لا نجنح نحو مزيد من الفوضى".


Twitter: @VIVIANEAKIKI


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم