الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ما مصير الدرع الصاروخيّة بعد الاتفاق النووي؟

المصدر: جورج عيسى
ما مصير الدرع الصاروخيّة بعد الاتفاق النووي؟
ما مصير الدرع الصاروخيّة بعد الاتفاق النووي؟
A+ A-

يبدو أنّ أحد الأسباب التي دفعت الروس الى استعجال الدول الست لتوقيع اتفاق نووي مع #إيران، كان حلّ مشكلة الدرع الصاروخية لدول حلف شمال الاطلسي في شرق أوروبا. فمباشرة بعد توقيع الاتفاق بين الطرفين، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي #لافروف، أنّ على الغرب التزام إلغاء خططه الخاصة بنشر الدرع الصاروخية.


من أبرز أهداف منظومة الدرع إسقاط الصواريخ البالستيّة التي تستهدف #الولايات_المتحدة أو دول حليفة لها. وهنالك نوعان من الحماية بوجه هذه الانواع من الصواريخ، الاوّل يقوم على تأمين الدفاع عن مراكز عسكريّة محدّدة ويعرف بنظام الدفاع الصاروخي لمسرح العمليّات، والثاني أوسع وأشمل يقوم على حماية دول أو أقاليم كبيرة وهو نظام الدفاع الصاروخي القومي.


المشكلة في الصواريخ الباليستيّة أنّه كلّما طالت الفترة على اطلاقها ازدادت عمليّة اعتراضها صعوبة. لذلك تقوم أنظمة الردع على محاولة استهدافها بعد إطلاقها بأقصر فترة زمنيّة ممكنة. فبعضها يبلغ سرعة مهولة تقدّر بخمسة كيلومترات في الثانية الواحدة. وجزء كبير منها قادر على أن يضرب مواقع تبعد حوالي 10000 كيلومتر عن موقع الاطلاق ضمن مسافة زمنيّة لا تتخطّى نصف ساعة. تلك الصواريخ التي يقارب طولها خمسة وثلاثين متراً تصل الى ارتفاع 1200 كيلومتراً مما يعني أنّها تتخطّى بارتفاعها مدارات الاقمار الاصطناعيّة ما يعزّز صعوبة رصدها. لذلك، تصبح المنظومات الدفاعيّة أكثر فاعليّة في اعتراض الصورايخ، مع قرب مركزها من مصدر الخطر.


لافروف طالب في شهر تمّوز الماضي الرئيس الاميركي باراك أوباما بالتزام بتصريحاته التي أدلى بها عام 2009 في براغ عندما أعلن أنّ بلاده ستتخلّى عن خطط نشر الدرع الصاروخيّة إذا ما تمّت تسوية أزمة البرنامج النووي الايراني.


وعاد لافروف امس الاربعاء الى ذكر موضوع الدرع حيث اتهم الرئيس الاميركي بالكذب حين أدلى بتصريحه الشهير عام 2009 فقال:"يبدو أنّه (اوباما) لم يكن يقول الحقيقة".


لكنّ أوباما نفسه في التصريح المشار اليه، ترك لإدارته هامش مناورة واسعاً في تلك المسألة لأنّه لم يذكر فقط فقط التهديد النووي الايراني، بل ذكر أيضاً التهديد الناتج عن صواريخها الباليستيّة مما يعني أنّه حتى ولو التزمت إيران الاتفاق وزال احتمال حصولها على سلاح نووي، سيظل بإمكان واشنطن الادعاء بأنّ التهديد الباليستي جدّي. ولن يكون لاستمرار الحظر على تصدير السلاح للجمهوريّة الاسلاميّة أيّ إمكان لسحب الذريعة من إدارة أوباما التي سيظلّ بإمكانها الاشارة الى أنّ إيران تملك ترسانة كبيرة من الصورايخ الباليستيّة منذ فترة طويلة سابقة لهذا الاتفاق.


بالاضافة الى ذلك، ينتقد لافروف تصريح اوباما الذي أطلقه من براغ في نيسان 2009، فيما جاء تصريح الرئيس الاميركي في شهر ايلول من نفس السنة مركّزاً أيضاً على مسألة أنّ "برنامج ايران للصواريخ العابرة للقارّات لا زال يشكّل تهديداً"، لذلك من المستبعد أن يحصل أيّ تغيير جدّي أميركي تجاه تلك المسألة.


من جهة أخرى، يحاول الروس إظهار دورهم التفاوضي والرقابي في الحلحلة التي طاولت الملف النووي . فيذكّر لافروف بأنّ روسيا "حقّقت وعودها" بتوقيع اتفاق تسوية بين إيران والغرب يضمن سلميّة برنامج طهران #النووي. ومن هذا الجانب بالذات ستحاول موسكو الضغط على واشنطن في ملف الدرع الصاروخية، حتى تستحصل على تنازل من الجانب الاميركي عبر إجباره هو الآخر على التزام وعوده بحسب التوصيف الروسي.


ولا يمكن إبعاد الأزمة الاوكرانيّة عن أزمة #الدرع_الصاروخيّة، وإن لم يكن للملفّين صلة مباشرة. فالغرب يعتبر أنّ سلوك الروس في أوكرانيا استفزازيّ لأوروبّا الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي الى موقف أكثر تصلّباً من الادارة الاميركيّة في الملف الثاني. فإذا كان الروس يعتبرون أنّ الدرع تؤدّي الى خلل في التوازنات الدوليّة، فإنّ التصرّف الروسي بالنسبة للغرب أيضاً يصبّ في ذلك الاطار.


هذا في المجال السياسي. أمّا في المجال العسكري، فإنّ موسكو تحاول الردّ على منظومة الردع من خلال صناعاتها الصاروخيّة المتطوّرة.


أفانغارد، أو، آر أس26 روبيج، جيل جديد من الصواريخ العسكريّة الروسيّة سيدخل عالم الاسلحة الصاروخيّة ابتداء من العام 2016. فإذا استثنينا قدرة ذلك الصاروخ على حمل أربعة رؤوس نوويّة يتحرّك كل منها باستقلاليّة عن الآخر، فإنّ هذا الصاروخ يتمتّع بفضل "نظام المناورة الذكيّة" بالقدرة على اجتياز الشبكات المخصّصة لاعتراض الصواريخ. فتذكر تقارير عدّة أنّ افانغارد قادر على تفادي 35 صاروخاً اعتراضيّاً دفعة واحدة. هذا الصاروخ أثار قلقاً أميركيّاً من انتهاك روسي لاتفاقية حظر الصواريخ المتوسّطة المدى وما دون.


يبدو حتى الآن بحسب التصاريح الغربيّة، أكانت صادرة عن #واشنطن أو عن مسؤولين في حلف شمال الاطلسي، أنّه لا تراجع عن إقامة الدرع الصاروخيّة في بعض دول أوروبا الشرقيّة كتشيكيا وبولونيا. ومن ناحية أخرى، يظهر أيضاً أنّ #موسكو قادرة على مواجهة ما تعتبره تحدّياً لها، عبر إطلاق اليد لصناعاتها العسكريّة الثقيلة وعلى رأسها الصناعات الباليستيّة والنوويّة. وعلى رغم من محادثات #كيري- #لافروف المتنقّلة مؤخّراً بين قطر وماليزيا والتي تستهدف مكافحة الارهاب، إلّا أنّ مسألة الدرع أكثر حساسيّة لأنّها تتعلّق بتعزيز الامن القومي المباشر لكلا البلدين.


انطلاقاً من هنا، هل تشرّع الدرع الصاروخيّة الباب أمام حرب باردة جديدة تخلق بؤر توتّر متنقّلة بين دولة وأخرى؟ أم تسارع الدولتان الى ايجاد اتفاقيّات حديثة تتعلّق بآليّات عمل واضحة لأنظمة الردع حول العالم؟


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم