الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل تتحوّل كسروان مكباً للنفايات؟

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
هل تتحوّل كسروان مكباً للنفايات؟
هل تتحوّل كسروان مكباً للنفايات؟
A+ A-

أسابيع مرّت وما زالت النفايات تملأ شوارع العاصمة وجبل لبنان، فيما الأوبئة والأمراض تتكاثر، والناس خائفون، والحلول معلّقة إلى حين إتمام الصفقات التي يستفيد منها رجالات السلطة والأعمال. أسابيع وما زالت الحلول متعثرة، قدّمت عروض للأقضية المعنيّة باستثناء محافظة بيروت، فلم تفضّ ولم تستكمل المناقصات. هناك مساعٍ لتجديد عقد شركة "سوكلين"، ومساعٍ أخرى لتكديس النفايات وتالياً تمرير مسألة المحارق. تتحكّم المصالح الضيّقة في هذا الملف، المستفيدون منذ العام 1994 لن يتخلّوا عن مكتسباتهم ببساطة، والساعون لزيادة إطار استفادتهم لن يكلّوا قبل الحصول على حصصهم.


تنتج بيروت وضواحيها وأقضية جبل لبنان 3 آلاف طن يومياً، تعالج سوكلين 500 طن منها، فيما يطمر الباقي. بعد إغلاق مطمر "الناعمة – عين درافيل" في السابع عشر من تموز الحالي، تكومّت النفايات (2500 طن) في الشوارع. آخر الحلول أطلقه وليد جنبلاط الذي أبدى استعداده لتحمّل 2000 طن وطمرها في ضهر البيدر، على أن يتحمّل قضاءا المتن وكسروان الكمية الباقية (500 طن). حلّ أثار مخاوف سكان القضائين من إمكان إتمام صفقات على حساب صحّتهم باعتبارهم حلقة ضعيفة.


مكبّات آنيّة في أعالي كسروان
في اجتماع اتحاد بلديات كسروان – الفتوح يوم الأربعاء الفائت، حُكي عن مساعٍ لجمع النفايات في أراضٍ كسروانيّة وفق ما يؤكّد رئيس بلدية جونية المهندس أنطوان افرام لـ"النهار". عرض رئيس الاتحاد نهاد نوفل خلال الاجتماع المطوّل الاتصالات والمساعي والمبادرات التي تمّت، واتفق رؤساء البلديات الكسروانيّة الـ 52 على ضرورة التوصل إلى إجماع فيما يتعلّق باستصلاح أراضٍ لكبّ النفايات في شكل مؤقت إلى حين التوصّل إلى حلول. قدّمت أراضٍ في رعشين والمعصيرة ووطى الجوز، كانت عبارة عن كسّارت قديمة وبعيدة عن البيوت. ويقول افرام: "كان المطلوب فرز النفايات وتوضيبها بطريقة محكمة، وجمعها في هذه المناطق لأشهر حتى إتمام المناقصات، مقابل اقتطاع نسبة من أموال الاتحاد لإنجاز مشاريع في هذه البلديات. كان هناك اعتراضات من بعض رؤساء البلديات ولم يبت الموضوع حتى الآن. لذلك سنتخذ قرارات ونقوم بحملات توعية لدفع المواطنين على فرز النفايات في بيوتهم، بحيث يتركون النفايات التي يمكن إعادة تدويرها مثل الورق والبلاستيك والنيلون والزجاج في بيوتهم فتأتي شركة أسبوعياً وتشتريها منهم، وأن يرموا المواد العضوية في أكياس محكمة الإغلاق في المكبّات. لنقوم بجمعها في مكان واحد ريثما تحلّ مسألة المناقصات".


لا يبدو أن الحلّ المطروح بتحويل أراضٍ كسروانيّة مكباً للنفايات، قد لاقى صدًى إيجابياً بين سكان هذه المناطق، حيث رفضت المعيصرة رمي النفايات فيها، فيما تجمّع عدد من شباب رعشين ليل أمس ومنعوا مرور شاحنة محمّلة بالنفايات إلى "الطبرية"، فيما يتجمّع أهالي وطى الجوز مساء اليوم عند مدخل البلدة وقوفاً في وجه أي محاولة لتمرير ملف النفايات. وتشير معلومات "النهار" إلى أموال عُرضت وطُلبت من بلديات خلال اجتماع الاتحاد وصل بعدها إلى أكثر من مليون دولار مقابل تجميع النفايات في نطاقها.


الأحزاب تتحرّك
في المقابل، تُجمع الأطراف السياسيّة في كسروان على رفض أي حلّ يرسم على حساب صحّة السكان وبيئة منطقتهم المصنّفة سياحيّة. يقول منسّق "التيار الوطني الحرّ" في كسروان جوزف فهد : "نحن نقف مع الناس ومطالبهم، لقد سرقوا الأموال على مدى 17 عاماً، وها هم يضعوننا أمام الأمر الواقع. يرفضون إشراكنا في القرار، ولكنّهم يريدوننا شركاء في تحمّل الأعباء. إستحداث مطامر أمر مرفوض، خصوصاً أن هناك حلولاً بيئيّة ممكنة بكلفة أقل، تقضي بمعالجة النفايات ضمن مساحة صغيرة، بعد فرزها وتحويل المواد العضويّة إلى أسمدة وإعادة تدوير المواد القابلة للتدوير، لكنهم يراوغون ولا يريدون حلاً جذرياً، والدليل الحلول التي طرحها التيار في العام 2010، والمكاتيب السبعة التي أرسلها الوزير جبران باسيل عن سوكلين والهدر القائم فيها، البالغ 60 مليون دولار أميركي سنوياً، أي 17 مليار و200 مليون دولار على مدى 17 عاماً". ويتابع فهد: "اتحاد البلديات الكسروانيّة مسؤول أيضاً، ولديه القدرة الماليّة وقوّة الضغط، ويمكنه إعداد مشروع حلّ كما فعل قضاء جبيل، وبناء معامل، لا رمي المسؤوليّات على الضيع والبلدات التي ترفض تحويلها مستوعباً للنفايات".


في المقابل، يقول المسؤول الكسرواني في "القوات اللبنانيّة" شوقي الدكاش: "إن رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح نهاد نوفل واضح، وهو لن يقرّر أي حلّ من دون موافقة البلديات المعنية. وعلى الحلّ أن يكون منطقياً وعلمياً، وأن يطمئن الناس، فلا رعشين ولا المعيصرة صالحتان لرمي النفايات خصوصاً أنهما تغذيان مناطق كسروانيّة عدّة بالمياه، فيما نصف كسروان تأكل الخضار من وطى الجوز. المطلوب حلّ جذري، وأن تفرز النفايات وتوضب في شكل صحيّ وسليم، وأن يلتزموا بالكميّة الموافق عليها، لا إرسال شاحنات محمّلة بالنفايات ليلاً ورميها عشوائياً. نحن مع الأهالي وضدّ تمرير أي صفقة، نحن مع الحلول العلميّة والواقعيّة التي تحافظ على صحّة المواطن والبيئة".


لا تختلف "الكتائب اللبنانيّة" بالرأي كثيراً، ويقول رئيس إقليم كسروان سامي خويري: "موقف الحزب واضح، اعترضنا على العقود الملزّمة من سنين، مُيِّع الوقت وانتهت مدّة العقد وباتت النفايات في الشوارع. لقد فقد المواطن الثقة بالدولة، وهو ما يعقّد إمكان إيجاد حلّ. على البلديات أن تتفق لإيجاد حلّ مؤقت ومحدّد البنود، لا يشوبه غموض يفتح الباب أمام تمرير الصفقات. المشكلة اليوم في عهدة مجلس الوزراء لا البلديات التي حُجزت أموالها وبقيت عاجزة عن التصرّف، ولكن في حال تقاعس الدولة، على البلديات أن تتحرّك وتلزم الأجهزة تنفيذ قراراتها. هناك مناطق معزولة ونائية ممكن استعمالها مثل السلسلة الشرقيّة لأن إبقاء النفايات في الشارع لا يفيد أحداً. المطلوب إنشاء معمل للنفايات وتلزيم الملف لشركات خاصّة بأقل كلفة ممكنة بموازاة لمّ النفايات وتجميعها مؤقتاً في إحدى الأماكن المناسبة".


إرشادات وتوجيهات للمواطن
فيما لا يلوح فرج في الأفق تبقى المشكلة مطروحة، أمّا المطلوب فهو إعلان حال الطوارئ، وأن يبادر المواطن لخلق سياسات عامّة وتنفيذها. وفي حديث لـ "النهار" يقول الخبير البيئي عدنان ملكي "على المواطن أن يتبع إرشادات معيّنة للحفاظ على البيئة فيساهم في جزء من الحلّ". ويتابع: "نحن في حال طوارئ، نصف كمّية النفايات عضويّة ناتجة عن الطعام، والنصف الثاني غير عضويّة مثل البلاستيك والزجاج والنيلون والحديد، لذلك على المواطن أن يفصل النفايات في المنزل، فيساهم بطريقة غير مباشرة في عمليّة الفرز، وعليه أن يترك النفايات غير العضويّة في منزله لأنها لا تؤذيه، وأن يرسل العضويّة منها إلى حاويات النفايات، إلى حين جمعها وتخميرها في المعامل الخاصّة وتحويلها إلى أسمدة".


ويضيف ملكي: "يمكن للمواطن أن يخفّف من كميّة النفايات من خلال أمور بسيطة مثل التخفيف من استعمال أكياس النيلون، وعدم شراء المواد التي لن يستعملها أو ليس بحاجة إليها. علماً أن الدولة الرشيدة تتبع سياسات تحدّ من استهلاك بعض المواد مثل النيلون والكرتون والبطاريات وتمنع استيراد مواد مضرّة بالبيئة".


ويشدّد ملكي على أن لا المكبّات هي الحلّ السليم ولا المطامر، التي لم تعد معتمدة في أي بلد. ويضيف: "هناك شركات خاصّة وجمعيّات تعمل في الجنوب والشمال والبقاع في معالجة النفايات، وقد نجحت في إحداث تغيير جذري، وبدأت تستفيد من النفايات وتنتج منها أموالاً، خصوصاً بعدما اعتمدت مسألة الفرز في المنازل، والتخفيف من النفايات التي لا تسبّخ ولا تخمّر ولا يمكن إعادة تدويرها".


إلى حين التوصل إلى حلّ جذري، يبقى على المواطن أن يحلّ أموره بيده، أن يبادر إلى فرز نفاياته وأن يخفّف من استهلاك المواد التي لا يحتاجها، علّه يساهم في جزء من الحلّ.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم