اقليم الخروب رفض العرض الرسمي وعرسال تطوعت... ماذا بعد؟

طريق جديد ستسلكه نفايات العاصمة وجبل لبنان. أهالي اقليم الخروب نجحوا حتى الآن في منع وصول النفايات إلى مناطقهم، لتطل عرسال بمبادرة رحبت فيها بالنفايات لفك الخناق عن حكومة سلام أولاً والاستفادة بمبلغ مالي ثانياً بحسب ما قاله رئيس بلديتها لـ"النهار".

اجتماعات عدة عقدت واتصالات على كافة المستويات بعد أن هب أهالي الاقليم بكافة اطيافهم وقطعوا طريق الجنوب في الاتجاهين ليومين ما دفع الحكومة الى تعديل قرارها ليصدر عن وزير الداخلية في الامس اعلانا بعد ترؤسه اجتماعا لاتحاد بلديات إقليم الخروب بحضور وزير البيئة محمد المشنوق والزراعة أكرم شهيب والنائب علاء الدين ترو، وامين عام تيار المستقبل احمد الحريري ومعنيون، يؤكد فيه أنه "لن يحصل أي شيء في الإقليم بشأن المطامر أو المحارق أو أي أمر له علاقة بالنفايات من دون موافقة أهالي الإقليم أو رضاهم". اعلان لم يكن كافيًا ليفتح الاهالي الطريق، ما دفع اتحاد بلديات الاقليم الى عقد اجتماع اليوم انتهى بحسب ما قال رئيسه لـ"النهار" محمد منصور "توصلنا الى قرار صدر عن مجلس الاتحاد بالاجماع برفض قرار وزارة البيئة بنقل نفايات العاصمة وغيرها بصورة مؤقتة او غير مؤقتة إلى الاقليم ومناشدة الاهالي بفتح الطرقات".

واجب الوقوف الى جانب بيروت
الأزمة وصلت الى الاقليم بعد ان تمنى الرئيس سعد الحريري على النائب وليد جنبلاط المساعدة في نقل 200 طن نفايات من بيروت الى الاقليم، الامر لاقى اعتراضاً من الاهالي وبعض البلديات، لا سيما ان نفايات اقليم الخروب تشكل ازمة ضاغطة على كاهل كل البلديات"، بحسب وكيل داخلية اقليم الخروب في الحزب التقدمي الاشتراكي الدكتور سليم السيد، الذي لفت إلى أنه "كان يجب فتح الطريق بالأمس بعد تعهد وزير الداخلية في الاجتماع الذي حضرته، وقد قمنا بالاتصالات نحن والقوى السياسية وبعض رؤساء البلديات، لكن لم يكن هناك تجاوب من قبل الاهالي بل استمر الاصرار على اقفال الطريق، وصباح اليوم اجرينا اتصالات مع القوى الامنية، وطالبنا المعتصمين فتح الطريق كي لا يكون هناك ظلم للناس ولمنع اي اصطدام مع القوى الامنية خاصة بعد وقوع عدد من الجرحى من الطرفين بسبب بعض الصدامات، وقد تم نقلهم الى المستشفيات".
الموافقة على نقل النفايات الى الاقليم تعود بحسب السيد الى النظر للازمة من منظار اكبر "التأزم السياسي والعمل على المحافظة على الحكومة المؤسسة الوحيدة المتبقية من المؤسسات الدستورية بغياب رئيس الجمهورية". ولفت "يجب ان نصل الى حل لمشكلة بيروت المنطقة التي تحمل هم كل المناطق من الاقليم وغيره، لذلك يجب ان تقف كل المناطق الى جانبها".

قرار يثير السخط
بعد ان انفجرت، انفرجت ازمة اقليم الخروب، لكن لم تحل أزمة النفايات، واذا كان حل "تيار المستقبل" لاقى سخط أبناء الاقليم فإن منسق "تيار المستقبل" في محافظة جبل لبنان الجنوبي الدكتور محمد الكجك أكد لـ"النهار" أن التيار يتفهم وجع الناس، وهذه الازمة تتطلب حكمة في التصرف واتخاذ المواقف والامور تسير نحو الحلحلة". واضاف " تواصلنا منذ الصباح الباكر مع امين عام تيار المستقبل الذي شدد على الوقوف الى جانب الناس ووزير الداخلية الذي تعاون وتفهم وتواصل بشكل مستمر معنا".
وكما "الحزب الاشتراكي" فإن "تيار المستقبل" كان ينظر الى الازمة على مستوى اوسع حيث قال الكجك "نؤكد أننا أجهضنا في هذين اليومين بالصبر والحوار والعقلانية انهيار آخر مؤسسة دستورية وهي الحكومة التي كانت على شفير الاستقالة، وربما اراد البعض من تكبير الازمة واستغلال وجع الناس الوصول الى مؤتمر تأسيسي او ما شابه لفرط كل الحالة السياسية في البلد، لكن المقتنعين باستمرار الدولة ومؤسساتها يحملون الجمر بأيديهم كي يجدوا الحلول ومن هذا المنطلق نحن تصرفنا بتوجيه من قيادة تيار المستقبل على رأسها الرئيس سعد الحريري وأمين عام التيار".

كفى!
"كفاها منطقة الاقليم تحمل سموم شركة الكهرباء الى معمل الترابة الى غيرها من الامور"، بحسب المسؤول السياسي للجماعة في الجبل المهندس عمر سراج الذي قال: "كان لدينا تعهد من السياسيين الا يكون هناك اي مطمر، وتفاجأنا من يومين ان هذا المطمر قائم وان شاحنات النفايات توجهت الى منطقتنا، فكانت ردة فعل جماهيرية من كل اهالي الاقليم وليست محصورة بفئة، برفض الامر بشكل كلي وقطعوا الطريق للضغط على الحكومة لأخذ قرار معاكس. الرسالة وصلت والآن في طريقنا للمعالجة".
لأن صحة الاهالي على المحك، نزلوا الى الشارع رافضين قرار الزعماء، وقال سراج "لا يوجد لون سياسي في الشارع، لا يمكن اعتبار ان الحراك من فئة معينة، بل هناك انتماء التلوث، اذا ارادوا ان ينظفوا بيروت هل معنى ذلك ان يوسخوا الاقليم!".

عرسال تطرح الحل
اذا لا نفايات ولا مطامر في الاقليم بحسب ما أكده رئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب محمد منصور حيث قال لـ"النهار" "توصلنا الى قرار صدر عن مجلس الاتحاد بالاجماع برفض قرار وزارة البيئة بنقل نفايات العاصمة وغيرها بصورة موقتة او غير موقتة إلى الاقليم"، وفي الوقت الذي كان فيه الاهالي يقطعون طريق الجنوب عرض رئيس بلدية عرسال علي الحجيري على رئيس الحكومة حلاً بأن تستقبل جرود عرسال النفايات حيث قال لـ"النهار" "طالما الارض موجودة وتعود ملكيتها للدولة اللبنانية وبعيدة عن البلدة اي لا تؤثر على البيئة لماذا لا يتم استخدامها لحل الازمة، نحن لا نريد ان توضع عراقيل لحكومة الرئيس تمام السلام وفي الوقت ذاته تستفيد بلدية عرسال بمبلغ مالي". واستطرد "هناك ثلاث قطع من الاراضي في الجرود تبعد بين 2 الى 10 كلم عن البلدة وهي ارض صحراوية كفيلة بحل المشكلة".

ليس ضد بيروت وأهلها
لم يكن تحرك أهالي اقليم الخروب ضد بيروت وأهلها، بل ضد اصحاب القرار بنقل النفايات الى المنطقة "بحسب ما أكدته وفاء ابنة مزبود لـ"النهار" حيث قالت "نزل الأهالي الى الشارع بكل اطيافهم السياسية من دون اية صفة حزبية، بل كابناء منطقة يرفضون استقبال الخطر الذي يريد البعض ارساله الينا"، لافتة "انه ليس من العدل ان يأتوا بالنفايات التي لم يتحملها اهالي العاصمة لايام ويضعوها في انف بلدة تحتوي احياء".

ومع توقف شركة "سوكلين" عن جمع النفايات من شوارع العاصمة والافشال العملي للخطة المرحلية التي أعلن عنها رئيس الحكومة مساء السبت، تراوح الازمة مكانها وتكبر كرتها مع ارتفاع جبال النفايات في الشوارع، ويبرز سؤال "ماذا بعد؟" كاستحقاق داهم في الساعات المقبلة التي قد تسبق الانفجار!