الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كيف خاض النظام الإيراني معركة الجمهور "النووي"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
كيف خاض النظام الإيراني معركة الجمهور "النووي"؟
كيف خاض النظام الإيراني معركة الجمهور "النووي"؟
A+ A-

"المزاج في #طهران- بشكل عام- فرح جدّاً" يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة روتجرز الاميركية هوشنغ أمير أحمدي في مقابلة مع موقع the intercept الالكتروني عن الاجواء العامة التي رافقت توقيع #الاتفاق_النووي بين طهران ومجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى #ألمانيا.


لم يكن للعلاقات المتوتّرة بين #الولايات_المتحدة والجمهوريّة الاسلاميّة في #إيران، وما رافقها من حملات إعلاميّة ممنهجة في "شيطنة" الآخر، أن تترك رأياً عاماً مرحّباً بالاتفاق النووي بتلك السهولة التي يتخيّلها البعض. فصناعة الرأي العام الداخلي في إيران مرّ بمراحل عدّة من المواقف التي اتخذها الاعلام الرسمي من جهة والصراعات الخفيّة بين الاجنحة داخل دوائر القرار الايرانية من جهة أخرى.


المرشد الأعلى للجمهوريّة الاسلاميّة في إيران أية الله #علي_خامنئي وضع خطوطاً حمرا كثيرة قبل المفاوضات وخلالها، ليست مسألة حق إيران في تخصيب الاورانيوم الا واحدة منها. والحوار المباشر مع الولايات المتحدة كان أيضاً لفترة طويلة من ضمن تلك الخطوط.


لكنّ الخطّين الأحمرين سقطا بعد وصول الرئيس الايراني #حسن_روحاني الى الرئاسة، مما أوجب على وسائل الاعلام الايرانيّة مخاطبة الرأي العام بأسلوب جديد لتبرير المستجدّات السياسيّة المتلاحقة. صحيفة "الغارديان" سلّطت الضوء على افتراضين انطلق منهما الاعلام الايراني المقرّب من المرشد استخلصهما من تصاريح علنية سابقة لخامنئي.


الافتراض الأوّل تمحور حول أهمية "وحدة الموضوع المعالج" في المفاوضات وهو الملف النووي الايراني، بدون أن يكون لهذا الاستحقاق أيّ دور في التطرّق الى محاولة إعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها. وقد نتج عن هذا الامر إظهار وسائل اعلام محلية نوعاً من العدائية نحو أية بوادر ايجابيّة شكليّة كانت تظهر من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف تجاه نظيره الاميركي جون كيري بشكل آحادي أو متبادل. وهذا بالضبط ما حدث يوم 14 كانون الثاني الماضي عندما تمشّى #ظريف مع #كيري خلال خمس عشرة دقيقة في أحد شوارع #جنيف. وقد نقلت آنذاك وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء "إرنا" الايرانية طلباً من قبل 21 نائباً إيرانيّاً يقضي يأن يفسّر ظريف السبب الذي دفعه الى ارتكاب ذلك "الخطأ الديبلوماسي".


أمّا الافتراض الثاني فتعلّق بالتشديد على أنّ تغيير إيران لمواقفها لم يكن له أيّ علاقة بالعقوبات الاقتصاديّة. لكنّ التسليم بهذا الموقف أيضاً لم يكن سهلاً في أوقات كثيرة سابقة. ففي عهد الرئيس السابق محمود احمدي نجاد تمّ إلقاء اللوم على "فساد وسوء الادارة" للحكومة التي أدرات البلاد في عهده. المشكلة في هذا الاتهام بالذات هي في أنّه عاكس التوجّهات الاعلاميّة السابقة التي كانت تصوّر حكومة نجاد كنموذج يحتذى به. إلاّ أنّ وضع سلبيّات وايجابيّات هذا التصريح في كفتي ميزان صورة ايران القويّة أظهر الاتهام نفسه وكأنّه يبدو أقلّ ضرراً على تلك الصورة من إعلان أنّ #العقوبات هي التي أدّت الى هذا التدهور الاقتصادي.


مجيء روحاني الى السلطة لم يشكّل تغييراً فقط في المزاج الديبلوماسي لإيران. فالتغيير قد طاول أيضاً وبشكل لافت نمط الاعلام في التعاطي مع المفاوضات، فأخذ يركّز على ازدواجيّة واحدة تتّخذ لها مسارين متلازمين: النجاح أو الفشل. من هنا بدأ يظهر تركيز على مصطلحات جديدة احتلّت الساحة الاعلاميّة داخل الجمهوريّة الاسلاميّة مثل عبارة: "تشاؤم" الرئيس. ففي هذا الاطار وصفت وسائل إعلاميّة إيرانيّة تفاؤل بعض المسؤولين بنتائج الحوار مع الغرب بالقول عنهم:"سيكتشفون اخطاءهم". "المرونة البطوليّة" نموذج آخر من المصطلحات التي استخدمها خامنئي لتأييد إجراء مفاوضات، غير أنّه في نفس الوقت، أراد الاضاءة أيضاً على "ثوريّة" النظام و"عدم خضوعه للضغوط".


الى ذلك، نشرت صحفية "كيهان" أنّ المرشد أيّد المفاوضات فقط ليؤكّد أنّ الاتفاق مع الغرب أمر مستحيل. لكنّ خامنئي الذي يعيّن رئيس تحرير هذه الصحيفة لم يعارض الجهود التي بذلها روحاني، برغم عدم إدلائه أيّ كلام يصبّ في دعم #المفاوضات كي لا يفسّر موقفه على أنّه رغبة جدّيّة في توسيع الحوار مع #واشنطن.


صراع الاجنحة
صراع الاجنحة في إيران طفا على سطح التصاريح في محطّات عدّة. فعلى رغم موقف المرشد المهادن علناً للرئيس إلاّ انّ محافظين أكّدوا أنّ المفاوضين "استهانوا بالشرف #القومي" لإيران. وتبعتها مواقف راديكاليّة أخرى خصوصاً في وكالة أنباء "فارس" المقرّبة من #الحرس_الثوري_الايراني، تقلل من أهمية العقوبات الاقتصادية وتحاول إعادة تصويب مسار التفاوض، عبر جعل تخصيب الاورانيوم رمزاً حيويّاً بالنسبة الى البلاد ومصالحها، يتخطّى كلّ الاعتبارات بما فيها ضغوط العقوبات.


ومع مرور الوقت، ظهرت حلحلة في مواقف بعض المحافظين بعدما أطلقوا حملة تفيد أنّ برنامجاً نوويّاً إيرانيّاً يخضع لرقابة دوليّة موسّعة سيشكّل "تكتيكاً يظهر للغرب كم كان مخطئاً بشأن برنامج إيران النووي".


بعد توقيع الاتفاق النهائي، أشاد المرشد الأعلى بجهود ديبلوماسيّيه في الوقت الذي امتنع فيه عن إعلان أيّ موقف دفاعي عن الاتفاق في شكل عام. وأشار في الوقت عينه الى أنّ سياسة طهران تجاه الحكومة الأميركيّة "المتعجرفة" لم تتغيّر.


لكن على الضفّة الاخرى يبدو أنّ مسألة نجاح طهران في المفاوضات التي لن تتبلور إلاّ خلال القادم من الاشهر وربّما السنوات، مرتبطة هي الأخرى بصراع النفوذ داخل السلطة الذي تميل دفّته عادة لمصلحة #المحافظين على حساب #الإصلاحيّين. لذلك يتوقّع الصحافي في هيئة الاذاعة البريطانيّة "بي بي سي" حسين باستاني أنّ أيّ فشل في المفاوضات سيحمّل روحاني وفريقه مسؤوليّته. وعلى العكس من ذلك، فإنّ النجاح فيها سيردّ الى مواقف خامنئي وسياساته خلال السنوات الأخيرة...


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم