صرخة مدنية في مواجهة إدارة ازمة النفايات: "لا تستخفوا بغضب الناس"

أثبت عدد من اللبنانيين عصر السبت أنهم قادرون على التحرك عندما يطالبون بحقوقهم ولا يتذمّرون من عدم توفّرها فقط، والمثال على ذلك مشاركة مئات الأشخاص في التحرّك أمام السرايا الحكومية، الذي دعت إليه حملة "طلعت ريحتكم" عبر "فايسبوك". وعلى الرغم من أن آلاف اللبنانيين يعانون من روائح النفايات الكريهة في الشوارع و الطرق منذ إقفال مطمر الناعمة، فانهم لم يشاركوا واكتفوا بـ"ثورة وسائل التواصل الإجتماعي" فقط. وبمعزل عن عدد المشاركين، فإن التظاهرة أثبتت أن المجتمع الأهلي قادر على ايصال رسالة "لا تستخفوا بغضب الناس" الى المسؤولين، وانه يعوّل عليه ان استفاق من استكانته، ونجح في استقطاب اهتمام العدسات الى تحركاته، مع الاقرار بأنها أزمة نظام فاسد لا أزمة نفايات فقط، بحسب عدد كبير من الناشطين.

مكان النفايات أمام السرايا الحكومية
بعد التجمّع في ساحة رياض الصلح، رمى المشاركون أكياس النفايات بمحاذاة السرايا الحكومية، ليشعروا المواطنين بما يعيشه المواطن. من بعدها، توجّهوا إلى أمام بلدية بيروت، مروراً بشارع المصارف، قاطعين الطريق على السيارات والمارّة، وداعين اياهم إلى المشاركة في الاحتجاج على الوضع "المقرف" الذي وصلت إليه طرق بيروت وسائر المناطق اللبنانية منذ 5 أيام.

المشاركون: لإيجاد حل سريع
تحدّث لـ"النهار" عدد من الناشطين الذين أكّدوا وجوب إيجاد حل سريع لأزمة النفايات التي "ستغرق البلد" إن لم تعالج في القريب العاجل. واعتبرت فرح قبيسي، من "المنتدى الإشتراكي" أن "المشكلة تكمن في النظام الحالي، لأنه غير قادر على تبرير عجزه عن حلّ أزمة النفايات"، مضيفة أن "النظام لا يشعر بالمسؤولية تجاه المواطنين".

وعرضت نقدها البنّاء لـ"طلعت ريحتكم"، بالقول أن التحرك يفتقد للطرح السياسي الذي يعتبر الأساس لبناء أية حركة تغييرية في لبنان".

من جهته، أكّد الناشط الإجتماعي فيصل صفير أن مشاركته في التحرّك هدفها "تغيير النظام الحالي من خلال التحرّك الفعلي على الأرض"، مضيفاً أنّه يؤسّس مجموعة مؤلفة من 12 شخصاً حتى الآن، تشارك في كل الحراكات التي تدعو إلى التغيير الإجتماعي الحاصل في لبنان، وتراكم تجربتها إلى تجارب أشخاص يسعون للهدف عينه".

"طفح الكيل"، هكذا عبّر وسام حمادة، مضيفاً: "على الدولة إيجاد حل سريع، وأرض الواقع هي التغيير الحقيقي، لذا أدعو الجميع للنزول من شاشات "فايسبوك" إلى أرض الوقع لصنع التغيير".

فرز النفايات من مصدرها
بعد العودة إلى رياض الصلح من المسيرة التي وصلت إلى ساحة الشهداء، كان للناشط البيئي بول أبي راشد كلمة، شدّد فيها على الحلّ الواجب تطبيقه من الناس أينما وجدوا، وهو سهل التطبيق، فرز النفايات من مصدرها، أي تقسيم النفايات بحسب أنواعها، ممّا يسهّل نقلها ويخفّف من الروائح الكريهة المنبعثة منها. وقد شدّد أبي راشد أن "هناك العديد من الشركات الخاصة في المناطق التي تتولّى عملية إعادة التدوير بعد فرز النفايات".

وعند سؤالنا عن كيفية مساهمة الدولة في تأمين مستوعبات الفرز على الطرق (بألوانها الثلاثة بحسب نوع النفايات)، أجاب ابي راشد أن الدولة غير قادرة حالياً على هذا الأمر. لكنّنا سألناه إن كان الحل يكمن فقط في استبدال شركة خاصة بأخرى، بدلاً من تفعيل دور البلديات، وعندها كشف عن اتصال رئيس بلدية برج البراجنة، الذي عبّر له عن رغبته في بدء عملية فرز النفايات، وهي خطوة "إيجابية من البلديات"، بحسب الناشط البيئي.

الإشتباك مع العناصر الأمنية... والتحرّكات مستمرّة
بينما كان المنظّمون يصرّحون عن النشاطات المقبلة، تسلّل عدد من الشبان إلى ساحة البرلمان، لوضع النفا أمامها، مما أغضب العناصر الأمنية المتواجدة في المكان، ودفع أحدهم إلى تصويت مسدّسه في اتجاه المتظاهرين. عندها، اندلع الإشتباك الكلامي بين المشاركين والعناصر الأمنية، وانهالت شعارات: "عم نعتصم كرمالكم وكرمال أولادكم. كيف بتخرطشوا فردكم علينا؟" وصرّح عماد بزّي، وهو أحد المنظّمين للتحرّك، أنّ "التحرّكات مستمرّة لحين إيجاد حل جذري لأزمة النفايات".

سلام: لا إستقالة...وحل مرحليّ
وكان المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة تمام سلام نفى الانباء التي جرى تداولها عن تقديم استقالته. وأكد المكتب ان الخبرعار عن الصحة جملة وتفصيلا، كما أعلن سلام في بيان آخر صدر عن مكتبه "التوصل إلى صيغة حلّ مرحلي فوري وموقت يقضي برفع النفايات من بيروت وضاحيتها وعدد من مدن محافظة جبل لبنان الى مواقع تمّ تحديدها من قبل وزارة البيئة".