الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هيبة الدولة ودماء جورج الريف

أنور يحيى- قائد سابق للشرطة القضائية
هيبة الدولة ودماء جورج الريف
هيبة الدولة ودماء جورج الريف
A+ A-

لم يسبق ان بلغت الأمور هذا الدرك. ها هو طارق يتيم، ابن ال ٣٢ عاماً، والغني سجله بدعاوى التهديد واطلاق النار والضرب والايذاء ونقل الأسلحة الحربية والمخدرات، يقدم على طعن المغدور جورج الريف بضربات عدة وسط العاصمة بسكين قاتل لخلاف فوري، وأمام أعين الناس والكاميرات غير خائف من التوقيف والمحاكمة، فيما زوجة جورج تستغيث من ينقذ زوجها من سكاكين طارق التي تلاشت امامه هيبة الدولة وأجهزتها والتي أوقفته بشجاعة على الفور.


ارتفعت معدلات الجرائم المرتكبة في السنتين الماضيتن بشكل ملحوظ كما قال وزير العدل اللواء أشرف ريفي، وهو القادم من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لأكثر من ثماني سنوات بجدارة وحرفية عالية، نتيحة النزوح السوري الذي فاق عديده أكثر من ثلث سكان الوطن.
وبقيت الوسائل البشرية واللوجستية لهذه القوى في حاجة الى تعزيز رغم الدور المميّز لوزير الداخلية في استقدام المعدات لجعل هذه القوى على أتم الاستعداد للقيام بمهامها المحددة قانوناً عبر الهبات في ظل شح الموازنة العامة.


انخفض معدل الحواجز الأمنية في العاصمة والمناطق لأسباب النقص والمهام الكثيرة على عاتق قوى الأمن، فلم يعد يخشى المطلوبون التوقيف وهيبة الدولة.


ان دماء جورج الريف يجب أن تكون حافزا "لسرعة اقرار ما يلي:


1-تفعيل دور مجلس الأمن الداخلي المركزي، الذي يرأسه وزير الداخلية، عبر تنفيذ تدابير وقائية رادعة بالتنسيق التام بين الأجهزة الامنية: الجيش والمخابرات، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام وأمن الدولة باقامة شبكة من الحواجز الظرفية ومداهمة المطلوبين واعتماد قاعدة "الاستخبارات تقود العمل الأمني". Intelligence Led Policing


2-التنسيق بين الأجهزة الأمنية في سرعة تبادل المعلومات واستثمارها والاستفادة من شرطة البلديات وشركات الأمن الخاصة: كاميرات مراقبة، اتصالات، مخبرين، وتشجيع اقامة شرطة الجوار:
Neighborhood watch Patrols


3-تشديد الأحكام العدلية في حق المجرمين والجناة لاسيما في القضايا الجنائية (قضية السيد ميشال سماحة) والقتل والخطف (اختطاف التشيكيين الخمسة برفقة صائب فياض)، والقتل (قضية جورج الريف) منعاً لتكرار الجرائم الخطرة التي تطال المجتمع بأسره، وعدم دفع الأهالي لاعتماد وسيلة الثأر والثأر المضاد.


4- ان مكافحة الجريمة ليست من مهام القوى الأمنية منفردة، بل تتطلب تفاهماً سياسياً ووفاقاً ضمن حكومة المصلحة الوطنية حيث تتمثل فيها كافة القوى السياسية اللبنانية لدعم هذه القوى التي ستفشل وحدها ومن دون مكافحة الجريمة المنظمة والتي تتجاوز حدود الوطن، ومنها جرائم الارهاب المدعومة بأحدث التقنيات وأذكى القدرات البشرية.


ان هيبة الدولة قد أنهارت مع زوال هيبة الفرقة 16 التي أسسها المقدم عزيز الأحدب في مديرية البوليس الذي تولاها عام 1958 مع تولي اللواء فؤاد شهاب رئاسة الجمهورية والتي زرعت الرعب في قلوب المشاغبين والمجرمين في العاصمة، اثر أحداث أليمة اجتاحت البلاد أواخر العقد السادس من القرن الماضي ، واذا كنا نسعى فعلاً لاعادة هذه الهيبة الى أجهزة الحكم فعلينا تسريع التوافق لانتخاب رئيس للبلاد، فتستقيم الاجراءات الحكومية واجراء التعيينات في مرافق الدولة الشاغرة كافة لاسيما في المجلس العسكري ومجلس قيادة قوى الأمن الداخلي، وعليهما تلقى الأعباء الجسام في ظل أخطر الظروف وأدقها في تاريخ هذا الكيان منذ العام 1920.


ان دماء جورج الريف وأسلوب قتله وسط العاصمة ستبقى ماثلة أمامنا ويجب ان تسرع في تضافر الجهود وتكاتفها لانقاذ هيبة الدولة واعادة ثقة المواطن بالأجهزة الامنية التي تعبر عن المسلك القانوني الشرعي لنشر الطمأنينة والاستقرار الوطني وحماية الحريات التي كفلها الدستور اللبناني.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم