الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الإنترنت يزيد من خطورة التحرّش الجنسي بالأولاد

كلودا طانيوس
الإنترنت يزيد من خطورة التحرّش الجنسي بالأولاد
الإنترنت يزيد من خطورة التحرّش الجنسي بالأولاد
A+ A-

بين الإيحاءات الجنسية المنتشرة علناً في مختلف الإعلانات المعروضة، في وسائل الاعلام وعلى الطرق، و"ثقافة" مواقع التواصل الاجتماعي المعززة للنرجسية والإثارة الجنسية، إلى الأخبار العديدة عن مسائل التحرش الجنسي والابتزاز الجنسي والاغتصاب، لن يتمكن أيُّ عاقلٍ من استبعاد البحث في ضرورة تطبيق التربية الجنسية في المناهج التربوية اللبنانية.


أدى اعتماد الجيل الجديد على الانترنت والإعلام الإلكتروني إلى تضاعف تعرّضه لموضوع الجنس بكل أشكاله وزواياه، إذ لا يغيب عن أحد أن شبكة الإنترنت العنكبوتية واسعة المدى إلى ما لانهاية، ما يعني أن الخطر الذي يتعرّض له التلميذ الولد المستخدِم لـ"خدماتها" بات أكبر من ذي قبل، وهو أمر لا تزال تتجاهله المؤسسات التربوية والمدارس اللبنانية التي تغيّب مادة التربية الجنسية عن مناهجها، لأجل تدخّلاتٍ دينية واعتباراتٍ اجتماعية، ترى في موضوع الجنس أنه محَرّمٌ ولا يجوز الحديث فيه.


"رفيقاتي يتعرّضن للتحرش عبر الإنترنت"
لا تتنكر السيدة مارلين لطوف للأمر، فقد أجابت "النهار" أنها تتّبع "سياسة" تربوية جريئة مع أولادها الثلاثة، تنتقدها عليها والدتها وشقيقتها، موضحةً أن "الجهل يصيب الكثير من الأولاد، وإذا ما تعرّضوا لتحرّشاتٍ جنسية، لا يعون الأمر إلا بعد فترة"، حيث تكون الانعكاسات سلبية على تفكيرهم". وقالت إنها شرحت لأولادها "مسألة الجنس منذ أن دخلوا مرحلة المراهقة وحذّرتُهم من الأمور التي تُعتبَر تحرّشاً جنسياً "وأعطيتهم أمثلة من وقائع حصلت فعلاً".
ورأت ابنتها إيلينا البالغة من العمر 16 سنة أنها استفادت من الأمر، وشرعت في التحدث مع زميلاتها في المدرسة عن الموضوع، وقالت: "هناك فضول عام من رفيقاتي عن الأمر، ما يؤكد الحاجة الى هكذا مادة لتُدَرّس في المدرسة". اضافت: "أنا "فخورة بنصائحي لهنّ، خصوصاً وأن الكثير منهنّ يتعرضن للتحرش الجنسي عبر الإنترنت".
وجمانة ن. هي إحداهنّ، التي قالت "إنني "شعرتُ بالخجل والغباء بعدما تذكّرتُ أموراً حصلت معي وعباراتٍ كُتبَت لي لم أفهم أنها جنسية"، ولفتت إلى أن "والدتي تأخّرت كثيراً لتخبرني عن مسألة الجنس، وهي حتى اليوم لم تفتح الموضوع، كما أن مادة الـBiology في المدرسة غير كافية لتعليم الصحة والتربية الجنسيتين".


ضغط لإلغاء الموضوع... وتدريسه مؤجّل
أوضح مسؤول في المركز التربوي للبحوث والإنماء لـ"النهار" أن مادة علوم الحياة عالجت في عام 1997 موضوع التكاثر لدى الكائنات الحية ومنها الإنسان، وذلك في الصف الثامن من مرحلة التعليم الأساسي، أي عندما يكون المتعلمون في مرحلة المراهقة والنضوج البيولوجي. لكن رفض بعض المرجعيات الدينية وغيرها لمقاربةَ الموضوع في هذا الصف أدى إلى "الضغط على المسؤولين السياسيين في ذلك الوقت لإلغاء المادة، ولم يُدَرّس الموضوع سوى في الصف الثانوي الثالث فرع علوم الحياة في شكل كلي، وفي الصف الثانوي الثاني إنسانيات في شكل جزئي وغير كاف". أما بالنسبة الى مقولة "تعليم الجنس يؤدي إلى ممارسته أكثر بين اليافعين"، أوضح المسؤول في المركز أن المناهج التربوية "لا تعلّم الجنس بل تعتمد إكساب المتعلمين كل المعلومات المطلوبة في شكل علمي وموثوق يحترم عمرهم، بدل أن يلجأوا إلى مصادر غير موثوقة من أصدقائهم أو من المجلات والأفلام الاباحية التي تروّج لمعلومات خاطئة ومرفوضة"، وأكد أن المنهاج الجديد للصحة الإنجابية "سيشرح الخصوبة ويُكسب المتعلم المعارف والمهارات اللازمة لاتخاذ المواقف المناسبة لحمايته من التحرش الجنسي".


1 من أصل 6 أطفال يتعرض للتحرش
من جهتها، تعمل جمعية "بكفّي" (bikaffe.org) منذ عام 2013 على معالجة مسألة التحرش الجنسي بالأطفال، من ضمن مسائل أخرى أيضاً. إذ تدل إحصاءاتها إلى أن واحدا من أصل 6 أطفال يتعرض للتحرش و75% منهم يبقون السر مكتوماً، "وبالتالي فإن غياب مادة التربية الجنسية عن المناهج التربوية أمر مؤسف، لأنها ضرورية جداً تنير التلامذة على أخطار استغلالهم جنسياً، سواء من خلال شبكة الإنترنت أو غيرها"، وفق رئيس الجمعية أندره أندراوس، وقال لـ"النهار" إننا "سنقوم بدرس مسودة مشروع في هذا الصدد وتحضيرها مع اختصاصيين نفسيين وقانونيين لنقدمها إلى وزارة التربية".
ويشير أندراوس إلى أن هناك عدداً كبيراً من المدارس لا تتعاون مع جمعية "بكفّي" وتحول دون قيامها بحملات التوعية لديها، "مع العلم أنها مؤسسات تربوية رائدة يجب أن تكون قدوة في هذا المجال، لكنها خوفا من اكتشاف حالات استغلال جنسي لديها، تفضّل إبقاءها طي الكتمان"، واكد أن "حملاتنا تشرح للولد اخطار الاستغلال الجنسي وتفسّر له كيفية التبليغ، خصوصاً وأن "بكفّي" تتكفل بالضحايا جسديا ونفسيا وقانونيا، بسرية تامة، وتؤمن لهم العلاج الطبي والنفسي".
وتنصح "بكفّي" الأهل ألا يخجلوا من التطرق إلى هذا الموضوع مع أطفالهم، "مع ضرورة التعامل معهم في شكل طبيعي تامة والتحدث معهم على أنهم أصدقاء كي تُبنى الثقة التي من خلالها يتمكن الولد من الارتياح وإخبار أهله عما يحدث معه"، على حدّ قول أندراوس، الذي شكر عبر "النهار" كل من يقدم مساهمة، سواء أكانت مادية، أو معنوية من خلال التطوع.
ومع انتظار تحقيق الدمج لمادة التربية الجنسية في المناهج التربوية في المدارس اللبنانية، ومكافحة مسألة التحرش الجنسي من جمعية "بكفّي" وغيرها، تشدد الطالبة إيلينا على أن هناك "فجوة تربوية يجب معالجتها خصوصاً وأننا نمضي كل وقتنا على الإنترنت".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم