اختفاء التشكيين الخمسة... الغاز معقدة تزيد القضية غموضاً

لا يزال الغموض يكتنف اختفاء خمسة تشيكيين واللبناني صائب منير فياض المعروف بـ"صائب طعّان"، صاحب السيارة التي كانت تقلّهم، وهي "ميني - فان" كيا رصاصية رقم لوحتها 102470/ن، وقد وجدت فجر السبت الفائت، متروكة الى جانب طريق كفريا- خربة قنافار في البقاع الغربي.
والألغاز في هذه القضية التي كلما كشف واحد منها تزداد غموضا، بدأت مع العثور في السيارة على جوازات سفر لأشخاص تشيكيين هم: جان سفارك مواليد 1960، آدم حمصي مواليد 1978، ميروسلاف دوبيس مواليد 1968، مارلين بيزيك مواليد 1968، وبافيل كوفون او كوفرون مواليد 1970. كذلك عثر داخلها على كاميرا تصوير فيديو وكاميرتي تصوير فوتوغرافي للمحترفين. وأظهر الكشف الاولي على الكاميرات الفوتوغرافية أن صورا للتشيكيين التقطت في البردوني بزحلة، الى صور مع اولاد. كذلك عثر فيها على حقيبة ثياب، 105 آلاف ليرة لبنانية، و700 كراون من فئة 200 و 500، الى 50 أورو وبطاقات مصرفية. فيما تمّ العثور على أجهزة صحافية للتشيكيين، وأن السيارة رُكنت الى جنب الطريق الرئيسية للشريط الغربي المسيحي للبقاع الغربي، المؤدية الى الجنوب، والتي تخترق الحقول ولا تكتظ جنباتها بالسكن إلا مع الاقتراب من مشغرة، هذه الطريق التي يحرص "حزب الله" على أمنها، لكونها طريقه الآمنة الى الجنوب والى القرى الشيعية في البقاع الغربي، كل ذلك ادى الى الاعتقاد في البداية أن "حزب الله" هو من اقتاد أجانب مجهزين بالكاميرات ووجهة سيارتهم نحو الجنوب للتحقيق معهم. لكن ترك الكاميرات في السيارة، أبقى ظلالاً من الشك حيال تلك النظرية، ليبرز بعدها معطى جديد، فتحولت الانظار الى صاحب السيارة صائب فياض من بلدة انصار - قضاء النبطية. وفي المعلومات، أن لوحة السيارة سجلت باسمه مطلع تموز الجاري، وكانت في السابق لسيارة حوّلها مالكها انقاضا، وهي لوحة عادية وليست عمومية. وفيما تردد أنه يعمل سائق اجرة، فإن شقيقه طالب أفاد موقع "النهار" الالكتروني أن صائب "يعمل موظفاً في "أوجيرو" وهو أب لستة أولاد"، وأن العائلة التي تبلغت خبر اختفاء ابنها من فرع المعلومات، تقدمت ببلاغ أمام مخفر الدوير. ثم قادت التحقيقات الى الربط بين بلدة انصار الجنوبية وتشيكيا، ليتبيّن أن صائب الذي فقد مع التشيكيين، هو شقيق علي فياض الموقوف في براغ بطلب من الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بالاسلحة، على ما افادت معلومات من انصار موقع "النهار". وكانت عائلة فياض تظاهرت قبل أشهر أمام سفارتي الولايات المتحدة الاميركية وتشيكيا لدى بيروت، للمطالبة بإطلاق ابنها علي فياض.
وما زاد القضية غموضا، أنه في وقت لم يظهر أثر للتشيكيين الخمسة في أي من فنادق البقاع الأوسط بعد مسحها، أكدت معلومات أمنية أن الخمسة نزلوا في 15 تموز الجاري في فندق "الكورال بيتش" في الجناح، وغادروه في اليوم التالي ولم يعودوا، بعدما استقلوا من أمامه سيارة تحمل اللوحة والمواصفات نفسها لسيارة صائب فياض والتي حجزها الفندق عبر الاتصال برقم تبين انه عائد اليه. ويزيد لغز اختفاء التشيكيين الخمسة ومرافقهم اللبناني مع افادات شهود عيان من البقاع الغربي، مشاهدتهم "الميني – فان" متوقفا منذ عصر الخميس الفائت في المكان الذي عثر فيه على طريق كفريا – خربة قنافار.
اللغز الاخير كان في طبيعة زيارة التشيكيين الخمسة للبنان، وكانت الأخطاء التي شابت ترجمة اسمائهم حالت دون التمكن من العثور على معلومات قد توفرها مواقع التواصل الاجتماعي. لكن تشيكياً صاحب مدوّنة الكترونية سعى للتعرف الى هويات مواطنيه المفقودين، وتوصل الى معلومات أولاها أن آدم حمصي مترجم من أصل عربي، وأرفق هذه المعلومة برابط لصفحة حمصي على موقع Linkedln، ليظهر أنه الشخص نفسه الذي يعود إليه جواز السفر. من جهة أخرى، لفت المدوّن التشيكي الى أن جان سفارك هو محام، مرجحا أن يكون وكيل الدفاع عن علي فياض لدى نظر محكمة في براغ، في طلب ترحيله الى الولايات المتحدة الاميركية لمحاكمته، وزود نظريته رابطاً لمقال عن القضية. وأضاف أن آدم حمصي عمل مترجماً في تلك المحاكمة، علما أن صورة جان سفارك المحامي التي تظهر في الرابط المرفق بالمدونة، تدلّ على أنه هو نفسه جان سفارك صاحب جواز السفر المتروك في السيارة.
وبينما أظهرت الوثائق التي عثر عليها في السيارة التي أقلّت التشيكيين أن دوبيس ميروسلاف يحمل بطاقة صحافية، فإن اسم المؤسسة الاعلامية المدونة على البطاقة، كما استقصاءات المدوّن التشيكي، تقود الى أن إسمي ميروسلاف ومواطنه المفقود أيضاً بافيل كوفرون، يرتبطان بمحطة تلفزيون محلية صغيرة.
على صعيد آخر، وفيما تفيد معلومات تحتاج الى تدقيق أن التشيكيين كانوا يجرون تحقيقا صحافيا عن اللاجئين السوريين، وأنهم توجهوا لهذه الغاية الى منطقة اللبوة، أفادت معلومات أمنية لـ"النهار" أنهم كانوا تقدموا بطلب للتوجه الى عرسال لكنه رُفِض.
فهل خُطف التشيكيون على الطريق نفسها التي وجدت عليها سيارتهم، أم أنهم خطفوا في مكان آخر وجرى نقل السيارة الى حيث وجدت على طريق كفريا - خربة قنافار، وتركت في داخلها جوازاتهم ومعداتهم الصحافية عن قصد؟
من الذي خطفهم ولماذا؟ وهل للضغط ومبادلتهم بعلي فياض، وهي واحدة من النظريات المطروحة، في وقت لم تتبنّ أي جهة بعد عملية الخطف؟
لم يكن ينقص البقاع ولا اقتصاده المتهاوي، ضربة جديدة وبخاصة عملية خطف أخرى لأجانب أوروبيين، بعد عملية خطف الاستونيين السبعة عام 2011.
وفي هذا السياق، نشير الى أن طريق الشريط الغربي للبقاع الغربي وطريق كفريا - جب جنين المتفرعة منها، كانتا مسرح عمليات للعصابة التي خطفت الاستونيين، سواء يوم سرقوا سيارة "مرسيدس" ونفذوا بها مكمناً لفرع المعلومات أودى بحياه أحد عناصره ثم أحرقوها في مكب جب جنين، أو عندما عمدوا الى تخريب المزارات الدينية في عدد من مداخل القرى المسيحية.
في المحصلة تشيكيا تبحث عن مصير مواطنيها... والبقاع يندب حظه.

التشيكيون الخمسة كانوا في انصار

النبطية - "النهار"
تلقى أهالي بلدة انصار خبر اختفاء ابنها الموظف في هيئة "أوجيرو" صائب منير فياض (50 سنة) باستغراب واستهجان، رغم كونه شقيق علي فياض الموقوف في تشيكيا بتهمة تجارة الأسلحة.
وعلم أنه متزوج من إمرأتين وله شاب متزوج وفتاة متزوجة وشاب في سن المراهقة، فيما نقل عنه زملاء العمل في "أوجيرو" انه "شخصية حنبلية"، إذ عندما جرى تعيينه مسؤولاً عن الموظفين لمدة معينة، كان متشدداً معهم لناحية تطبيق القوانين.
وعلمت "النهار" من مصادر أمنية أن التشيكيين الذين اختفوا معه كانوا يقيمون في منزله في انصار، علماً أنها الزيارة الثانية لهم للبنان هذه السنة، والخامسة للبلدة.
ولا تزال أجواء البلدة وحتى العائلة غير واضحة، لجهة تحديد ما إذا كان هو الخاطف أم المخطوف.