الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أن نضحك الفقراء في العيد... القصة بالصوَر

المصدر: "النهار"
زينة ناصر
أن نضحك الفقراء في العيد... القصة بالصوَر
أن نضحك الفقراء في العيد... القصة بالصوَر
A+ A-

لم يكن عيد الفطر في "حي التنك" و"ضهر المغر" في طرابلس عادياً يوم الجمعة. عدد من الشباب تطوعوا للعب دور "المهرّج"، للسنة الثالثة على التوالي، بهدف ادخال الفرحة والأمل لدى الصغار والكبار في المكانين اللذين  يغلب عليهما الفقر والحرمان.


نذير حلواني، مهندس يعمل في الإمارات العربية المتحدة. انضمّ الى مجموعة أفراد بدأوا هذا النشاط عام 2013، كمبادرة هادفة لمكافحة فكرة المعارك بين جبل محسن وباب التبانة. "على الرغم من المشاكل الامنية، استطعنا الدخول وكان النشاط ناجحا جداً في الـ2013 و2014". أما سبب مشاركة نذير، فتعود إلى إيمانه في أن التغيير "يبدأ من تحسين الجو النفسي للأطفال والناس عموماً...ومحاولة اقناعهم ان الأمل موجود".


أما منظّمة النشاط لهذه السنة، فكانت خريجة الصيدلة مايا عبس، التي تعاونت مع عدد من الشباب اللبنانيين والسوريين المقيمين في طرابلس لإنجاز المشروع، إضافة إلى أصدقاء جاؤوا من بيروت للمشاركة في "التهريج" والغناء للأطفال.


"حيّ التنك"... العيد الحقيقي
تجمع المشاركون في ساحة النور في طرابلس، وقد أتيحت لي المشاركة مع الفريق الذي أعدّ مفاجأة للأطفال صبيحة عيد الفطر، كما قررتُ ان انقل التجربة عبر الكتابة عنها في موقع "النهار".


الأغراض حاضرة (ألوان للرسم على وجوه الأطفال الذين سنلتقيهم، قبّعات ونظّارات مضحكة...). طغى الحماس على الجميع. كلّنا نتلهف للقاء الأطفال واللعب معهم.
الوصول إلى "حيّ التنك" سبقه المرور في منطقة الميناء (القريبة منه). لم تكن مظاهر العيد قد بدأت عند الساعة التاسعة صباحاً في هذه المنطقة... خلت الشوارع من الناس، سوى بعض باعة "الكعكة الطرابلسية مع سمسم". شوارع فارغة وبيوت يطغى على بعضها الطابع الأثري، ولكنها مهملة منذ زمن بعيد.
بدأ العيد الحقيقي عند الوصول إلى "حيّ التنك"، مقصدنا. "أين الزّمور"، سألت هيفاء. "أنا سآخذ الطبل، ويلاّ نبلّش!"، قالت رمال. تهافتنا مع "عدّتنا" وبدأنا بالغناء "بكرا العيد ومنعيّد"... أغاني يعرفها الكبار والصغار.


عمره 6 سنوات... يدخّن السجائر
الأرض موحلة... البيوت أغلبها من دون سقف... وإذ بالأولاد يلتفون من حولنا... سمعوا الأغاني التي يحبّونها. "زيحوا ! زيحوا!"، صاح رجل على حصان مع عربة، كان يتجه من "حيّ التنك" إلى أماكن أخرى في طرابلس بمناسبة العيد.


هناك، رأينا ولداً عمره 6 سنوات يدخّن السجائر، لكن لا مشكلة لديه في رميها ليلعب معنا. أطفال يحملون الألعاب الحربيّة، التي لا تشبه ابتساماتهم، لكنهم مستعدّون لرميها كي "نلعب لعبة القطار". مشينا ورقصنا مع الأولاد، متنقّلين من زقاق إلى آخر، وداعين الأولاد للعب مع "المهرّج".


وسط كمية كبيرة من القمامة التي تنبعث منها الروائح الكريهة، أشرقت إبتسامات الأهالي عند رؤيتهم الألوان والرقص مع أولادهم. "تعوا صوّروني، يعطيكم العافية فرّحتوا هالولاد، كل عيد وإنتو يخير"، هذه كانت عباراتهم.


"شو بدّك تلعب معنا؟"، سألنا أحمد، الطفل الصغير الذي استقيظ من نومه للتّو، وخرج إلى "شرفة" بيته المتواضع عند سماعه صوت الموسيقى! "ليه جيتوا لعنّا؟ سألت ريم. "أنا بدّي هيدي الهدية كمان لخيّي الصغير"، قالت رنا، لدى حصولها على لعبة العيد. "خيّي مش هون، نايم لأنو صغير. أنا باخدلو ياها".


ضهر المغر: "الزعيم" يبتسم للمهرّج
خرجنا من "حي التنك " والأطفال يركضون نحونا :" ضلّوا شوي. بدنا نلعب بعد ونغنّي". إلى "ضهر المغر"... المؤلّف من أزقة عدة، أقل فقراً، كما يبدو، من "حيّ التنك". وصلنا إليه بعد المرور في مناطق كان من المفترض أن تكون "أثرية"، لكن لم يبقَ منها سوى بضع محلاّت تبيع الثياب البالية. طرابلس التي رأيناها تبدو جميلة، لكن مهملة.
درجان أوصلانا إلى المكان المقصود. أولاد في ثياب العيد ، بعضهم يجمع "العيديّة" التي حصل عليها، وبعضهم الآخر أثاره الفضول لمعرفة من نحن ولمَ جئنا. لكن المؤكّد أن الجميع غمرته السعادة، والدليل الإبتسامات والتفاعل المتواصل مع "المهرّجين".


أحد مهرّجينا أراد إضحاك الناس طوال الوقت. توجّه لرجل في العقد الخامس من عمره، وبدأ محاولات إضحاكه. على بعد أمتار قليلة، كان شابّان يتحدّثان: "ييه شوف! بدّو يلوّنلو وجّو للزعيم أبو... هلّق بيجيب الفرد وبيقتلو". "الزعيم أقوى واحد هون"، قال لنا الشاب العشريني. وبانَت ابتسامة "الزعيم" أخيراً... حتّى هو، أراد الضحك.


المهرّجون
"التأثير الإيجابي في قلوب أطفال حرموا من حقوق بديهية بحكم الظروف هو هدف النشاط اليوم"، كما تقول خريجة الكيمياء ريمال (مهرّجة). أمّا مهندس الإتصالات بلال رسلان، فشارك للمرة الأولى لأنه "حسّيت انو منقدر نعمل شي ويكون النا تأثير حتى لو بسيط".
هيفاء البنا التي شاركت في النشاط كذلك، ترى أن بسمة الأطفال هي العيد الحقيقي. أما خالد، فعبّر عن انطباعه بعد النشاط بقوله: "تملكني شعور رائع بعد ثلاث سنوات من الغربة (من سوريا إلى لبنان)".


غداً يوم أفضل
يعرف الأطفال هنا عن حرب، راقبوها وعاشوا اثارها المدمرة. ولا ينعم هؤلاء الأطفال برغد العيش ولا يملكون ألعاباً كثيرة، لكن الاهم انهم يملكون ابتسامة بريئة وأملاً بغد أفضل وأحلام أكثر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم