الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أميركا تتنصت على اوروبا... من يتنصت عليها؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
أميركا تتنصت على اوروبا... من يتنصت عليها؟
أميركا تتنصت على اوروبا... من يتنصت عليها؟
A+ A-

" أتمنّى عليك ان تبذلي جهداً في إبعاد المعلومات عن القراصنة بنفس مقدار الجهد الذي تبذلينه في إبعاد المعلومات عن الكونغرس والموظفين الفديراليين".
هذا كان الجواب الغاضب للنائب الديموقراطي ستيفن لينش بعدما فشلت مديرة مكتب إدارة شؤون الموظّفين كاثرين أرشوليتا أواخر حزيران الماضي، وخلال ساعتين أمام الكونغرس، في تفسير عدم تحسين قدرة إدارتها على محاربة هذه الخروقات على رغم مرور أكثر من خمس سنوات على تقرير رسمي أظهر خللا فاضحاً في هذا المجال.
النائب الديمقراطي أيضاً جيم لانجفين اعتبر أنّ المسؤولين لا يفهمون المشكلة التي تواجههم داعياً الى استقالة أرشوليتا.
وعلى رغم أنّ الناطق باسم البيت الابيض جوش ايرنست أعلن أنّ أوباما "متأكّد من أنّ السيّدة أرشوليتا هي الشخص المناسب للوظيفة"، تقدّمت هذه الاخيرة باستقالتها الاحد الماضي.
بعد فضيحة تنصّت الولايات المتّحدة على مسؤولين في دول أوروبية عدّة، جاء من ينتقم عن غير قصد، من هذا الفعل بطريقة عكسيّة مشابهة. لكنّ الانتقام لم يشنّه حلفاء مفترضون للدول.
قراصنة معلوماتية تمكنوا من اختراق قواعد بيانات إدارة مكتب شؤون الموظّفين مما أدّى الى سرقة ملفّات شخصيّة لحوالي 22 مليون مواطن.ومع تحرك الكونغرس عقدت جلسات استماع شهدت انتقادات لضعف الدفاعات الالكترونيّة لواشنطن،.
وكان لافتاً قول مدير الاستخبارات الوطنيّة الاميركيّة جيمس كلابر الذي أكّد أنّ الصين هي في أعلى لائحة المشتبه فيهم في عمليّة القرصنة، أنّه يجب أن "توجّه التحيّة للصينيين على ما فعلوه نظراً لصعوبة الخرق."
غير أنّ الردّ الصيني لم يتأخّر، حيث أعلن الناطق باسم وزارة الخارجيّة الصينية لو كانغ أنّه وجد اتهام واشنطن للصين بالقرصنة فيما التحقيقات الاميركيّة لم تنته بعد، "غريباً".
أرشوليتا، المستقيلة حديثاً، أعلنت أمام لجنة الامن الوطنيّ في مجلس الشيوخ أنّ بيانات شخصيّة لأكثر من 4 ملايين موظّف فديرالي سابقين وحالييين تمّت قرصنتها، كما هوجمت بيانات ملايين ممّن كانوا يتقدّمون بطلبات لتراخيص أمنيّة. وثمة تقديرات بأنّ عدد الاميركيين الذين تأثّروا بهذا الهجوم يقترب من 18 مليون شخص.
هذا "الاجتياح" الالكتروني يثبت أن نظام الدفاع الالكتروني الذي أٌقامته واشنطن منذ سنتين لصدّ غزو القرصنة لم يكن كافيا. وهو يأتي بعد تقديرات تشير الى أنّه منذ سنة 2006 صرف ما لا يقلّ عن 65 مليار دولار في مجال الحماية الإلكترونية.
واكتسب "الغزو" الذي اتهمت به الصين ابعادا اضافية كونه خرج الى العلن بعد ختام محادثات رسميّة على مستويات عليا ولثلاثة أيّام بين الصين والولايات المتحدة ترتبط بالأمن المعلوماتي.
خلال تلك المحادثات، أعلن وزير الخارجيّة الاميركي جون كيري أنّ واشنطن لم توجّه اتهامات تتعلق بسرقات إلكترونيّة او أي إشارة عن امكان بارتباط عمليات قرصنة "بالحكومة (الصينية) او بأشخاص فرديين أو أشخاص تستطيع الحكومة ملاحقتهم أمام القانون"،وأكّد كيري بطريقة "واضحة وضوح البلّور" أنّ القرصنة غير مقبولة.
على مدى خمس سنوات، تعقّبت الاستخبارات الاميركيّة مجموعات عدّة من القراصنة الصينيين الذين كانوا "يستنزفون" معلومات من متعاقدين مع وزارة الدفاع وشركات للطاقة ومصنّعي مواد الكترونيّة، قبل أن يفقد المسؤولون في الاستخبارات عينها، خلال الصيف الماضي، القدرة على تعقب هذه المجموعات التي انتقلت لتصب تركيزها على خرق بيانات واسعة مخزّنة داخل أجهزة كمبيوتر تابعة للمؤسسات الحكوميّة الاميركيّة. وكانت هذه القرصنة العالية الاحتراف عصيّة على الاميركيين لمدّة سنة.
"النيويورك تايمس" تنسب الى مسؤول أميركي أنّ هذا الامر كان "تجسّساً كلاسيكيّاً لكن على مقياس لم نرَ مثله سابقاً من قبل خصم تقليدي. وليس مُرضياً القول إنّنا اكتشفناه وأوقفناه، عندما كان يجدر بنا أن نلاحظ وجوده قبل سنوات من اليوم".
الخبير في شؤون الامن السيبيري في "مركز الدراسات الدوليّة والاستراتيجيّة" جيمس لويس يقول أنّ بيانات قيّمة بما فيها أرقام ضمان اجتماعي استهدفت بدون أن تظهر في السوق السوداء حيث يمكن لها أن تباع بأسعار مرتفعة، مما يرجّح فرضيّة أن تكون هذه القرصنة برعاية دولة لا أفراد.
الخبير الآخر في شركة "فاير آي" للامن السيبيري مايك اوبنهايم يقول أنّه بخلاف قراصنة يعملون من داخل الاراضي الصينيّة ويقودون عمليّات تجسس صناعيّة، إلّا أنّ هذه المجموعة استهدفت لائحة بيانات لأميركيين مع تركيز على ديبلوماسيين ومديري عمليّات استخباريّة وآخرين يملكون أعمالاً تجاريّة مع الصين.
اوباما هاجم بالاسم كوريا الشمالية في عمليّة قرصنة استهدفت شركة "سوني بيكتشرز انترتاينمنت" فيما لم يتصرّف بالمثل مع الصين في حزيران الماضي نظرا على الارجح الى عدم رغبته في تعقيد الامور مع الصين كي لا يؤثّر هذا الموضوع على المفاوضات بشأن الملف النوويّ الايرانيّ أو أن يؤدّي الى ضغوط سياسيّة على جيران الصين الاقليميين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم