الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما الذي يخشاه الخليج في الاتفاق النووي ؟

المصدر: "النهار"
ما الذي يخشاه الخليج في الاتفاق النووي ؟
ما الذي يخشاه الخليج في الاتفاق النووي ؟
A+ A-

بموازاة الترحيب الحار الذي لقيه الاتفاق النووي الايراني بين طهران ومجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى المانيا، في عواصم الغرب وطهران، ساد المواقف الرسمية العربية، وتحديدا الخليجية، كثير من الحذر .فك العزلة الدولية عن ايران يقلق العرب الذين يشكون التمدد المتزايد لطهران ووكلائها في العراق وسوريا ولبنان. رفع العقوبات الدولية يحرر مليارات مجمدة لها في مصارف خارجية قد تسثمرها في قلب ميزان القوى الهشة في نزاعات عدة في المنطقة.


لا تقيس دول الخليج الاتفاق بالمعايير الاميركية والاوروبية. هي ليست مقتنعة اصلاً بأن الاتفاق يمنع طهران من تطوير برنامجها النووي.ولكن هواجسها الكبيرة لم تؤخذ في الاعتبار في المفاوضات التي استمرت سنتين تقريباً.اضافة الى تحذيراتها من اتفاق يقوي طهران "التي تتدخل في شؤون المنطقة" لم تلق صدى.


مبدئياً، ليست ثمة دولة عربية تعارض اتفاقاً يحد القدرات النووية لايران ويمنعها من امتلاك قدرات نووية عسكرية.ولكن مسؤول "مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية" رياض قهوجي يقول ل"النهار" إن العلاقات بين الدول لا تقاس بالقوة وحدها، وإنما أيضاً بنيات كل منها حيال الاخرى. وفي هذا تحديداً جوهر المخاوف العربية. ففيما "يحد الاتفاق القدرات النووية لطهران، لم تتطرق المفاوضات الى نواياها في المنطقة".
في ظل حرب الوكالة التي تخوضها ايران في دول عربية عدة بدءا من سوريا والعراق وصولاً الى اليمن، أكثر من تخشاه الدول العربية هو أن تستثمر ايران مواردها التي ستتحرر من العقوبات في دعم وكلائها. فاذا أبقت ايران سياستها على حالها ، تخشى الدول العربية أن تستثمر الاتفاق في استراتيجيتها التوسعية .ويقول قهوجي:"سيتيح رفع العقوبات عن ايران تحرير ما لا يقل عن 150 مليار دولار،واقامة علاقات اقتصادية مع دول العالم تدر عليها أموالاً كثيرة اضافة الى تطوير قدراتها، وهذا تحديدا مرد القلق العربي".


لم تأخذ المفاوضات هذا العامل في الاعتبار. على مدى السنتين الاخيرتين، أصرت الادارة الاميركية على أن هدفها منع ايران من اكتساب القدرة على صنع قنبلة نووية. وفي رأي قهوجي:"سياسة أوباما قائمة على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة....غايته انهاء البرنامج النووي لايران وتحقيق مصالح واشنطن في المنطقة، من فتح أسواق الغاز والنفط وتعزيز التجارة ". سياسة كهذه لا تقيم اي اعتبار لهواجس دول المنطقة، السياسية منها والاقتصادية، "فيما الضمانة الوحيدة التي قدمتها أميركا الى حلفائها هي أنها ستساعدهم اذا هاجمتهم ايران... وفي ما عدا ذلك (التدخلات الايرانية في سوريا والعراق وغيرهما) يدخل في اطار لعبة السياسة الدولية".


أسلوب أوباما في التعامل مع حلفاء واشنطن في المنطقة يختلف عن كل ما شهدته الادارات الاميركية، وعكس مسارات طويلة تمتد من ايران ولا تنتهي في كوبا .وبتعبير قهوجي :"انهى أوباما سياسية الرجل الابيض في البيت الابيض وكرس اعترافاً أميركياً هو الاول من نوعه بالحكومة الاسلامية لايران".
في التداعيات المباشرة للاتفاق النووي على المنطقة، ثمة من يتوقع تزايد التوتر وسط الاستقطاب الحاد بين المعسكرين المؤيد لايران والمعادي لها.
لكن قهوجي الذي كان في واشنطن أخيراً لاحظ أن الجميع كان في اجواء اتفاق محتم:"السفارات العربية ووزارة الخارجية الاميركية لم تكن تبد اي شك في امكان حصول الاتفاق...والاميركي كان واضحاً منذ البداية أن الاتفاق سيقتصر على النووي".من هذا المنطلق، لم يكن الاتفاق كما مضمونه مفاجئاً للدول العربية.الا أن ذلك لا يعني "أن واشنطن موافقة على سياسات ايران ولبنان وسوريا والعراق واليمن ، وإنما هي تأمل في حصول شرخ بين القوى المعتدلة والقوى المتشددة".فالانفتاح على ايران "سيزيد حماسة القوى المعتدلة على تحسين العلاقات مع الخارج بوتيرة أسرع وهو ما سيؤدي الى توتر لدى الجناح المتشدد".


مخاض
وعلى رغم اعلان توقيع الاتفاق، لا يزال ثمة من يراهن على تعثره.عملياً، يواجه الاتفاق مرحلة مخاض ، في ظل نقل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو معركته الى الكونغرس.ووسط توقعات بأن يفرض أوباما الاتفاق كأمر واقع باستخدامه حق النقض، لا يستبعد قهوجي أن تحاول الدول العربية البناء على عدم شعبية الاتفاق لقلب الموقف الاميركي، اضافة الى أملها في وصول رئيس اميركي جديد يحمل سياسة مغايرة عن سياسة أوباما.


وهل ثمة نافذة أمل في أن تغير ايران سلوكها، يقول قهوجي إن الانتكاسة بين الدول العربية وايران حصلت نتيجة تصدير الثورة الايرانية "ويؤمل من عودة ايران الى المجتمع الدولي أن تغير سلوكها". ولكن أذا أبقت مشروعها قائماً ، يقول قهوجي :"يخطئ من يعتقد أن الاتفاق مع ايران سيحمل أميركا وأوروبا على الضغط على جهة واحدة... الصراع عربي-ايراني...وللاميركيين والاوروبيين عقود بمليارات الدولارات مع العرب، والارجح أنهم سيحاولون الضغط على الطرفين للوصول على بعض الحلول الوسط".


أجواء المنطقة ملبدة، والتوقعات ضئيلة بتحسن في العلاقات بين ايران والعرب نظراً الى الشكوك العميقة بين الجانبين .في تقدير قهوجي، ستشهد المنطقة عودة الى علاقة العمل العادي، و"سيبيع الاوروبيون والاميركيون السلاح من الجانبين، وسيحاولون احتواء الاطراف مع ادارة الصراع".


[email protected]
twitter:@monalisaf

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم