الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"الإنقلاب" ينقذ اليونان ... فمن ينقذ تسيبراس؟

جورج عيسى
"الإنقلاب" ينقذ اليونان ... فمن ينقذ تسيبراس؟
"الإنقلاب" ينقذ اليونان ... فمن ينقذ تسيبراس؟
A+ A-

حمل صباح الاثنين حلحلة أوّليّة واضحة في ملفّ أزمة المديونية اليونانيّة وخصوصاً على مستوى إبقاء الدولة الهلّينيّة داخل الاتحاد الاوروبي. 17 ساعة من المفاوضات الشاقة والصعبة انتهت باتفاق زعماء دول وحكومات منطقة الاورو على خطة مساعدة دولية لصالح اليونان.


السؤال الابرز الذي طرح على مدى الاسبوعين الماضيين والذي تعلّق ببقاء اليونان داخل منطقة الاورو او خروجها منه تحت عنوان الـ Grexit، أجاب عنه بشكل مقتضب رئيس المفوّضيّة الاوروبية جان -كلود يونكر الذي أكّد أنّ "احتمال خروج اليونان من منطقة الاورو قد زال".


الواضح أن رئيس الوزراء اليونانيّ الكسيس تسيبراس قبل بالشروط الجديدة للدائنين والتي اعتبرتها أكثر قسوة من تلك التي صوّت عليها الشعب اليوناني ب "لا" في الخامس من تموز الجاري . تسيبراس كان قد وعد الشعب اليوناني خلال الانتخابات الماضية بإزالة وصاية "الترويكا" اي الاتحاد الاوروبي، المصرف المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي عن اليونان في حال فوزه. لكنّه لم يستطع أن يفي بوعده، بل عاد مكبّلاً أكثر بتلك الوصاية، خصوصاً من قبل "الرجال السوَد" العبارة التي أطلقها اليونانيّون على ممثّلي صندوق النقد الدولي.


النقاط الاساسيّة التي نص عليها الاتفاق شملت عقلنة نظام تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، خصوصاً بالنسبة الى توسيع قاعدة تطبيقها من أجل زيادة عائداتها الماليّة. والغي الخفض على هذه الضريبة الذي كان يطاول بعض الجزر اليونانيّة.


ومن الاصلاحات التي فرضها الدائنون على الحكومة اليساريّة أيضاً للقبول بخطة المساعدات الدوليّة اصلاح نظام التقاعد الى جانب الطلب وتأمين استقلال المؤسسة اليونانيّة للاحصاءات.


واشترط الدائنون ايضاً على اليونان تأسيس سلطة ماليّة مستقلّة وآليّة لعصر النفقات لتدارك احتمال فشل الدولة في الوصول الى أهدافها الماليّة في الفترة الزمنيّة المحددة لها.


وقد ذكرت الوكالة أنّ هذه الإجراءات هي ملزمة لبدء النقاش حول خطة المساعدة. ويصرّ الدائنون على إصلاحات دقيقة وتفصيليّة أخرى في السوق الداخلية، من بينها مراقبة حسم الاسعار والرقابة على الصيدليّات، الافران وحتى فتح الاسواق التجاريّة أيّام الآحاد.


خفض النفقات العسكريّة تمّ أيضاً التطرّق اليه حيث سيصل حجم تقليص هذه النفقات الى 300 مليون اورو حتى سنة 2016. الخصخصة كانت لها حصّتها ضمن بنود الاتفاق: فالحكومة اليونانية ستتابع هذه الاجراءات لتطاول قطاع المطارات الاقليميّة، شبكات توزيع الكهرباء وبعض المرافئ. تخضع الخصخصة لشروط صارمة حيث تلزم الحكومة اليونانيّة بتفعيل مشروع واضح أكثر تطوّراً عبر خلق صندوق للخصخصة. الصندوق الخاص هذا سيدير 50 مليار اورو حيث سيذهب نصف هذا المبلغ لإعادة خلق رؤوس الاموال للمصارف اليونانيّة التي شارفت على الاختناق كما تقول وكالة الصحافة الفرنسيّة، فيما سيساهم مبلغ 12.5 مليار اورو لتحجيم الدين ويخصص مبلغ آخر مساوٍ للاستثمارات.


اليونان مضطرة أيضاً لتنظيم علاقاتها مع المؤسسات الدولية والاقليميّة كالمفوّضيّة الاوروبية، المصرف المركزي الاوروبي، صندوق النقد الدولي وغيرها. هذه المؤسسات سيكون لها حق الرقابة على بعض مشاريع القوانين او الاستفتاءات. صندوق النقد الدولي الذي كان المؤسسة الاكثر إثارة للحساسيّة اليونانيّة، الشعبيّة والرسميّة، سيظل يراقب المشروع حتى ما بعد انتهاء الفترة الزمنيّة لدفع الديون.


يتراوح مجموع المبالغ المرصودة لليونان ضمن خطة المساعدات الدولية بين 82 و86 مليار اورو في حال التزمت بشبكة الاصلاحات المطلوبة منها مع إمكانية أن تعيد المجموعة الاوروبية النظر، في حال الضرورة، ببعض الشروط لمصلحة الدولة المدينة كتمديد فترة السماح واستحقاق الديون وغيرها ...
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نوه بـ"الاتفاق التاريخي" مع تسيبراس الذي وصف قراره بالشجاع. وطلبت المستشارة الالمانية انغيلا من مجلس النوّاب الالماني الموافقة على هذا الاتفاق.


تسيبراس اعتبر أنّ الحكومة اليونانيّة "قاتلت بعدل" للحصول على "اتفاق صعب" لكنّه يؤمّن "الاستقرار المالي".


"انقلاب"


ولكن يبدو أن "حسابات حقل" تسيبراس لم تطابق "غلّة بيدر" الشعب اليوناني الذي نظر الى الاتفاق على أنّه "انقلاب" أطلقه رئيس الوزراء اليوناني. ففي أقل من 24 ساعة احتلّ هاشتاغ "#هذا انقلاب" المرتبة الثانية ضمن سلسلة أكثر الكلمات تداولاً على "تويتر".
وجاء في احدى التغريدات: "بإمكاننا الضحك حتى ولو كنّا نريد البكاء" في إشارة الى الاتفاق المضحك المبكي الذي أمكن التوصّل اليه.
ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا نصاً يتهكم من مجموعة "مطالب" الدائنين من السلطات اليونانيّة لإنقاذ دولتهم، إذ قارنوها بالمطالب الاتية:


1- إنهاء الاحتباس الحراري - من المفضّل قبل يوم الثاثاء
2- إيجاد علاج لأمراض القلب، نقص المناعة والسرطان
3- التزام التصويت لالمانيا خلال السنوات الا في برنامج الاورو فيجين للمواهب الفنّية
4- التوصل الى سلام دائم في الشرق الاوسط
5- إلقاء القبض على ابي بكر البغدادي حيّاً
6- إعطاء الاولويّة للسيّاح الالمان لدخول الشواطئ اليونانيّة
7- التنازل عن كأس الامم الاوروبية الذي فازت به اليونان عام 2004 (لأنّ مدرّبها كان آنذك الالماني اوتمار هيتزفيلد).
تصاعدت مؤخّراً أصوات عديدة من داخل اليونان تتهم ألمانيا بأنّها لا تريد إنقاذ هذه الدولة بقدر ما تريد حقيقة "إذلالها". وبعد الشروط القاسية التي فرضها الدائنون على اليونان في الاتفاق الصباحي، خصوصاً لجهة رقابة المؤسسات الدولية والاقليمية، على مشاريع القوانين وفرض الخصخصة وغيرها من البنود التي تثقل كاهل اليونان بالوصاية الخارجيّة، سيجد تسيبراس صعوبات كبيرة في نيل موافقة شعبيّة كما يتوقّع على هذا الاتفاق خصوصاً انّه كان أوّل من وعد اليونانيين بالتخلّص من تلك الوصاية. صحيفة "ليبراسيون" الفرنسيّة توقعت فوز تسيبراس بالمرتبة الاولى في ال "لاشعبيّة" على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما العاصفة المقبلة التي ستهب في وجه تسيبراس فهي حتماً في البرلمان اليوناني حيث سيُهاجم بشدّة حتى النهاية قبل "أن يستسلم" بحسب الصحيفة الفرنسيّة.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم