الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ناصر القصبي يومٌ لكَ ويومٌ عليك

فاطمة عبدالله
ناصر القصبي يومٌ لكَ ويومٌ عليك
ناصر القصبي يومٌ لكَ ويومٌ عليك
A+ A-

تغيب أعمالٌ رمضانية يمكن وصفها بالذكية القادرة على تحديد الهدف. الخيال شحَّ والإبداع قلَّ والآمال خابت. إلا أنّ "سيلفي" مع ناصر القصبي فَرَض التوقّف عنده والتمعُّن في ما يحاول أن يفعل. كوميديا موجعة لا تحدد أهدافاً فحسب، بل تصيبها.


ترفع "أم بي سي" السقف، وتترك للقصبي وفريق برنامجه تشريح عاهات المجتمع. موضوعات كان الظنّ أنّ الكوميديا الخليجية قد تختبئ وراءها، يناقشها البرنامج بتنظير أقلّ وعِبرة تُستَخلص. المسلسل جدلي، أبرَزَ حنكة في اختيار الموضوعات وتمهُّلاً تكتيكياً في كيفية طرحها. موضوع الحلقة بأهمية أسلوب المعالجة، وإن تفاوت بعض المضمون بين حلقة وأخرى عملاً ربما بمبدأ "يوم لكَ ويوم عليك". فإنْ تناولَ "داعش" في حلقة، وتابعَ طريقه في اتجاه جهاد النكاح ووحشية التنظيم، فَرمَلَ دعساته في الحلقات المقبلة طارحاً مثلاً تأثير العنف في التلامذة. لا يضع نفسه بصورة واحدة، ولا يَعِد المُشاهد بالفكاهة السياسية طوال الوقت. المجتمع يحتاج إلى عين تراقب ولسانٍ يُصوِّب. والتجاوزات لا تُحصى.
القصبي فنانٌ، داهية كوميديّ، يصطاد المُشاهد من حيث تؤكل الكتف. لم تحل تُهم الزندقة والتهديد بقطع الرأس بينه وبين جرأة النبرة. يُنوِّع موضوعاته ولا يدع للملل منفذاً. تابعناه عجوزاً يطرح علاقة الأبناء بالأهل، ومدرِّساً يحار هل يؤدّب تلامذته بالضرب أم بالاستيعاب والتفهُّم. وفي مرّة ثالثة تابعناه وزيراً لا يخضع للإغواء، مُبقياً مصلحة البلاد قبل مصلحته. الحلقة إشكالية وضحكة تجاهر بأنّها ضحكة المتألمين. القصبي ليس ممثلاً سعودياً فحسب، يملك خفّة الدم ومفاتيح الموقف. هو أيضاً مُحرِّض. ثمة مَن يُشاهد بغرض التسلية وإلهاء النفس عن كمّ المصائب في الدراما، والقصبي يحرِّض على عدم الاكتفاء بقراءة أولوية للمشهد، داعياً، بعبارات قليلة، إلى السعي خلف القصد. المُكتفي بالضحك لا بدّ أن يلمس الحلقة المفقودة ويشعر أنّ ثمة شيئاً أعمق قد فاته. أما المُدرك سوداوية المشهد فسيضحك من الحسرة.


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم