الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"أحبّ امرأة واحدة..." لباسكال عساف :أنتِ أجمل من قصائدي وأنا شاعر رديء

شربل أبي منصور
"أحبّ امرأة واحدة..." لباسكال عساف :أنتِ أجمل من قصائدي وأنا شاعر رديء
"أحبّ امرأة واحدة..." لباسكال عساف :أنتِ أجمل من قصائدي وأنا شاعر رديء
A+ A-

يحمل عنوان الديوان الجديد للشاعر باسكال عساف، "أحب امرأة واحدة..."، عن "دار نلسن"، معنى غير مكتمل تمليه النقاط الثلاث التي تذيّل الجملة. لكن هذا المعنى يكتمل بعد أن يوضح عساف في أولى الصفحات أن هذا الكتاب هو الجزء الاول من ديوان "أحب امرأة واحدة وأكره كل النساء"، والجزء الثاني "أكره كل النساء" قيد الطبع. تعمد الشاعر الفصل بين امرأته وكل النساء الأخريات، حتى إنه لم يشأ أن يجمع بين هؤلاء وتلك في ديوان واحد. فحبيبته، تتفرّد عن كل نساء الأرض وتعتلي عرشها الذي لا امرأة تبلغه، وتحتلّ شأواً لا ترتقي إليه أيّ سيدة أخرى. هذه الثنائية الضدية في العنوانين،"أحب/ أكره" "امرأة واحدة/ كل النساء"، لا تنمّ عن صراع ولا عن تناقض وجداني يتنازعان روح الشاعر بل عن انسحاقه التام في عالم هذه المرأة– المثال، وتسليمه المطلق بأحكامها العشقية، وتنسّكه وزهده في معبد جسدها. يدعم قولَنا الإهداءُ الذي وجّهه "إلى كل نساء الدنيا"، وهنّ اللواتي يصبُبْنَ في بحر هذه المرأة التي يحب، ويحاكين صفاتها، وتالياً تطلعاته ورؤيته وأحلامه المرتجاة والمتصوَّرة، وكل امرأة خارج هذه المواصفات هي في دائرة الكره.


هذا التوظيف، ذو السياقات الدلالية، ينسرح على داخل الكتاب، إذ لا صفحة للمحتويات ولا الفهرس. فالقصائد على امتداد الصفحات المئة والسبع والثلاثين ترد من دون عناوين، بينها فواصل طباعية.تشكّل سلسلة مترابطة يتعذّر على الشاعر أن يضع لها عناوين مستقلّة، وتدور في فلك هذه المرأة –الحبيبة، المعشوقة والمأمولة والمُشتهاة. فعلاقة الشاعر بهذه المرأة علاقة وجود وحضور، واكتشافها هو اكتشاف عالمه وتلمّس كينونتها هو التماس كينونته. وغيابها عن حياته أو عدم حضورها الفعلي عامل مؤلم،لكنه محفّز على الاستمرار والبقاء: "غيابكِ كالدواء/ مرّ.../ لكنه يبقيني/ على قيد الحياة"، وعلى الثورة: "لماذا لم تأتوني بعد/ برأس هذا الثائر/على غيابي؟". فأشعاره التي نظمها إلى كل النساء لم تكن غير بقايا أنفاس حبيبته على شفتيه.
ينبني الديوان على فاعلَين أساسييَن، "أنا" الشاعر، وضمير المخاطبة "أنتِ"، متمثلاً في المرأة الحبيبة. هاتان الإحالتان الضميريّتان اللتان تحكمان معظم القصائد تفرضان جوّاً معيّناً يبقى ضمن تجربة الشاعر الفردية الخاصة المحسوسة، ولا يرتقي إلى الكشف العاطفي والإنساني العام. فاللغة الشعرية، وعلى رغم الومضات الجمالية فيها، تبالغ في اللعب بالمعاني والألفاظ فتعجز عن الخروج من شرنقة المراهقة وبلوغ مرحلة النضج. فالقصائد تتبدّى في أحيانٍ أصداءَ قصائد أخرى يكثر فيها السرد والإطالة بدلَ التكثيف والتضمين، مما يولّد نوعاً من الرتابة والتململ.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم