الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

محاسبة الأخطاء الطبية للتحسين لا الانتقام

ميسم بوذياب
A+ A-

بالتأكيد ان الطبيب انسان وهو يخطئ، وليس هناك سبب واحد للخطأ، ومن دون شك هناك دور للمستشفيات والممرضين في الاخطاء، كما ان الطبيب معرض دوما لكلام الناس الذي يسيء الى سمعته أحيانا كثيرة ومن دون قاعدة علمية او معرفة للحقائق.
أتطرق إلى موضوع الطفلة إيللا للفت الانتباه، وإن لم أكن من ذوي الاختصاص، هناك فحص سريع لهذه البكتيريا Rapid Strep Test يجريه الطبيب في عيادته بدقائق بعد حوالى ثلاثة أيام لبداية العوارض، وهو يجنّب الاطباء وصف المضادات الحيوية Antibiorics اذا كانت النتيجة سلبية، حيث يكون مصابا بفيروس (Virus) لا يحاربه المضاد الحيوي، أو بكتيريا أخرى فيمكن الانتظار حتى اليوم الخامس، فان تحسنت الحالة وتباعدت فترات ارتفاع الحرارة، يكون الطفل يتماثل للشفاء او يجب معاودة الزيارة لاعادة الفحص واجراء فحوص الدم والزرع، والمشكل في لبنان، أن معظم الاطباء لا يتبعون هذا الاجراء ولا يملكون عدة الفحص في عياداتهم. (المراجع في آخر المقال).
ربما ما نقوله لن يفيد الطفلة، إنما المحاسبة ضرورية في كل المجالات، وما مشكلات مجتمعنا إلا بسبب غياب ثقافة المحاسبة، وليس بهدف الانتقام من الطبيب، إنما لتحسين الخدمة وتطوير الانظمة والقوانين. فبدل معالجة الموضوع علمياً، لم نرَ إلا نبرة متعالية من الأطباء والنقابة ومحاولات التغطية التي أيضاً كانت ظاهرة في الحديث الاخير للأطباء على الاعلام، في عصر تجد فيه اي معلومة على الانترنت. وقيل ايضا "تحكّموا عند غيرنا"، وللتذكير فان الطبيب يكسب اجره من ممارسة الطب ولا يقدم خدماته مجاناـ، وهو جزء من المجتمع، فماذا لو قال لهم المعلمون "علموا أولادكم عند غيرنا"؟ فسنة جامعية اضافية لا تبرر هذه النظرة المتعالية التي تكمن خطورتها في انها دليل على ثقة عمياء بالنفس ونظرة فوقية ربما تساهم ايضا في وقوع الاخطاء، وعدم الاستماع والنقاش مع المريض وأهله. كذلك غياب المراقبة والجودة تضر جدا بالقطاع الطبي، فمدة الاتنظار لدى أي طبيب طويلة وهو يعاين مرضى أكثر من طاقته، مما يؤثر من دون شك في أدائه، ويحرم المريض من تلقي شرح واف وعلمي دقيق لحالته.
ولا بد ايضا من التطرق الى دور الاعلام، وإن كان ايجابيا في كثير من الاحيان، إلا ان أيا من البرامج لم يعد تقريرا عن هذه البكتيريا او هذا المرض وطرق معالجتها في لبنان وخارج لبنان لنشر الوعي والاستفادة من الموضوع، فيحتل شاشاتنا البصارون والراقصات والسياسيون وخلافاتهم وشتائمهم وتغيب عنها أي برامج تثقيفية صحية تساهم في نشر الوعي.
والمشكلة الكبرى في المجتمع عموما وما نواجهه من مشكلات في القطاع الطبي سببه ايضا غياب الوعي والثقافة الصحية، مجتمع ما زال يسمي مرض السرطان مرض مش منيح"، وكذلك غياب ثقافة المحاسبة، سببه الفساد وفشلنا في بناء دولة حقيقية. فليزيل هذا المجتمع تلك القداسة غير المفهومة ايضا عن الطبيب والنائب والمسؤول وليحاسب من أجل التحسين. ومن هنا لا بد من تحية الى أهل الطفلة الذين أرادوا تبيان الحقيقة.
ختاما المحاسبة والمراقبة هما الضمان لتحسين النوعية في اي قطاع كذلك في القطاع الطبي، تساعد كي لا يظلم المريض ولا يظلم الطبيب او يشهّر به، أضف ان الوعي والثقافة ونشر المعرفة أصبحت لازمة ويجب ان تكون من واجبات الطبيب، ومن واجبات الاعلام. فكم كان من المفيد لو تتخذ النقابة او الدولة سلسلة من الاجراءات تلزم بها الاطباء او المستشفى، كفحوصات معينة او غيرها، تفاديا لحدوث اصابات مماثلة.


ميسم بوذياب

1 – http:/www.aafp.org/afp/2009/0301/p383.html
2 – http:/www.mayoclinic.org/diseqses-conditions /strep-throat/basics/tests-diaginis/con-20022811
3 – https://en.wikipedia.org/wiki/Rapid.strep tests

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم