الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الشجاعة التي تواجه المستحيل بالأمل

كريم مروة
الشجاعة التي تواجه المستحيل بالأمل
الشجاعة التي تواجه المستحيل بالأمل
A+ A-

مرحى بك يا صديقي عقل العويط. إنك تواصل بجهد استثنائي ما مثّله "ملحق النهار" في زمن مجده. فأنت في نظري مثقف مكافح شجاع تواجه المستحيل بالأمل والعمل والكفاح. وفي الذكرى الحادية والخمسين أتوجه إليك بالتحية وأعلن لك تضامني معك في "معركة الوجود"، وجود "الملحق" ووجود لبنان، ضد الأخطار القائمة والداهمة التي تهددنا في حاضرنا وفي مستقبلنا.


لكنني يا صديقي، وأنا أحييك في هذه الذكرى الجميلة وأعلن وقوفي إلى جانبك في هذه "المعركة الوجودية"، أعود بالذاكرة إلى الزمن الأول لـ"الملحق"، لأحيّي صديقيّ الراحلين غسان تويني وأنسي الحاج، اللذين أعلنا في افتتاحيتهما المشتركة في العدد الأول من "الملحق" الانطلاق نحو المستقبل بثقة، جاعلين منه منبراً للحوار الديموقراطي ومنبراً للآراء الحرة. تبعهما في المهمة شوقي أبي شقرا والياس خوري. وإذ غادر من غادر، ولكلٍّ منهما سببه في المغادرة، فقد بقيت أنت يا عقل بكل عقلك ووجدانك وموقفك الحر تتابع المهمة في أصعب الشروط وأعقد الظروف.
لا أذكر السنوات الأولى من "الملحق"، على رغم أنني كنت مع غسان تويني في العام 1966، عندما كنا نودع نسيبي ورفيق درب غسان، كامل مروة، إلى مثواه الأخير شهيداً. كان ذلك اللقاء بداية لحقبة جميلة وطويلة من الصداقة التي أعتز بها، صداقة مع غسان وناديا وجبران. لكنني أشهد أنني في مطالع تسعينات القرن الماضي، بعد خروجنا من الحرب الأهلية – الجريمة التي نتحمل جميعنا من مواقعنا المختلفة المسؤولية عنها وعن نتائجها الكارثية، وفي أعقاب الانهيار الزلزال للتجربة الإشتراكية برمتها بدءاً بالاتحاد السوفياتي، أشهد أنني صرت صديقاً لـ"الملحق"، ومساهماً فيه ببعض المقالات والحوارات. أولى تلك المساهمات مقال عنوانه "دفاعاً عن لينين" دعاني إلى كتابته صديقاي الياس خوري وسمير قصير، حاولت فيه أن أحمّل المسؤولية عن الانهيار لمن جاؤوا بعد لينين إلى مواقع القرار في الاتحاد السوفياتي. وحرّرت لينين من المسؤولية، من دون أن أحرره من جزء منها يتصل بالنمط الذي كان سائداً في فهم القيم الأساسية للاشتراكية، التي تتمثل في الحرية والأخلاق والعدالة الاجتماعية والتقدم في مجالاته كافة.
أشهد، في الآن ذاته، أن "الملحق" كان في عهوده جميعها منبراً حقيقياً للفكر الحر. وكنت مع كتّاب آخرين من مواقع مختلفة شريكاً في حوارات تناولت مستقبل لبنان في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، وتناولت المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي في أمجادها وفي الإشكاليات التي واجهتها في زمن الوصاية السورية، وأموراً أخرى. لكنني أذكر باعتزاز أنني ودعت في مقال كان الأول من نوعه في كتاباتي صديقي الرائع الفنان التشكيلي الرائد بول غيراغوسيان. وأشهد أن الياس خوري كان نموذجاً راقياً لإدارة "الملحق". ولن أنسى مقالين له كرّمني بهما، الأول يتصل بدوري في مجلة "الطريق" في إصدارها الأخير، والثاني لمناسبة الوسام الذي قلدني إياه رئيس الجهورية في العام 2004. وإذ انتقل الياس من "الملحق" في شروط لن أدخل فيها، إلى العمل في مراكز إعلامية أخرى كان آخرها مجلة "دراسات فلسطينية"، فقد بقيت أنت يا عقل تتابع المهمة الصعبة في الشروط والظروف الصعبة. فإليك أيها الصديق العزيز وإلى "الملحق" التحية من أعماق القلب وتمنياتي الطيبة بالاستمرار والنجاح.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم