الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أردوغان من الصفعة الانتخابية الى الانتكاسة السورية

المصدر: "النهار"
أردوغان من الصفعة الانتخابية الى الانتكاسة السورية
أردوغان من الصفعة الانتخابية الى الانتكاسة السورية
A+ A-

الخريطة السياسية الجديدة على الحدود التركية مع سوريا اثارت استنفاراً في أنقرة القلقة من سيطرة الاكراد للمرة الاولى على شريط متواصل يمتد من كوباني الى الحسكة، ووترت العلاقة بين حكومة رجب طيب أردوغان وواشنطن.
بالمعايير التركية، شكل سقوط تل أبيض ،المدينة الواقعة جنوب أقجة قلعة الحدودية التركية، في يد "وحدات حماية الشعب " الكردية أكثر من ضربة لتنظيم "الدولة الاسلامية".إنه انتكاسة جديدة للسياسة السورية لانقرة ودليل على أن اتجهات الحرب الدائرة في سوريا لا تحددها بالضرورة مشاريع حكومة أردوغان.
"وحدات حماية الشعب" صارت بعد معركة تل أبيض شريكا فاعلاً للائتلاف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يُتهم اردوغان بدعمه. المناطق التي باتت تسيطر عليها هذه الوحدات في شمال سوريا اكتسبت مع تواصلها الجغرافي قيمة مضافة في الحملة الدولية للقضاء على التنظيم المتشدد. ومع أن الائتلاف لم يحدد بعد الجبهة التالية لمعركته ضد "داعش"، قال قادة الوحدات الكردية والفصائل المتحالفة معها من المعارضة السورية إن المرحلة المقبلة ستشمل عمليات مشتركة من تل أبيض جنوبا للسيطرة على عين عيسى، وتشديد الخناق على خطوط الاتصالات الداخلية ل"الدولة الاسلامية" وصولا الى تهديد مدينة الرقة، عاصمة الخلافة. ومن شأن هذه العملية المتوقعة أن تمكن القوات الكردية وحلفاءها من دخول معقل "داعش" في سوريا، في تطور قد تكون له تبعات ايجابية على العمليات الاخرى الرامية الى القضاء على التنظيم في كل من سوريا والعراق.
هذا الموقع الاستراتيجي في المعركة ضد "داعش" أكسب الاكراد حظوة جديدة لدى واشنطن، وهو ما دفع أنقرة الى رفع مخاوفها وتحذيراتها الى الادارة الاميركية وحكومات أخرى في الائتلاف من خطر التغير الديموغرافي المنطقة ، متذرعة ب"التطهير والطرد" الذي تمارسه و"حدات حماية الشعب" في حق السكان العرب والتركمان.
تعتبر أنقرة "وحدات حماية الشعب" الكردية ، وهي الجناح السياسي ل"حزب الاتحاد الديموقراطي" في سوريا امتدادا ل"حزب العمال الكردستاني" المصنف ارهابيا في تركيا كما في واشنطن ودول أوروبية. ومع أن الصلات بين الحزبين ليست سرا في تركيا، لا شيء يوحي بأن واشنطن تنوي حظر "وحدات الحماية" أو "الاتحاد الديموقراطي" أو حتى التخلي عن التعاون معهما في معركتها ضد "داعش".
الكاتب التركي سميح ايديز رأى أن هذا الوضع يترك الحكومة التركية أمام خيارات قليلة، فاما أن تواصل التجديف عكس التيار، وتفشل على الارجح في تحقيق ما تريد في سوريا، أو تحاول تطوير سياسات تقر بالواقع على الارض.
بالوتيرة التي تمضي بها الامور، لم يعد مستبعدا نشوء كيان كردي يتمتع بحكم في شمال سوريا يمتد من كوباني الى الحسكة ويرتبط بمنطقة الحكم الذاتي في شمال العراق.مثل هذا الامر يثير مخاوف كبيرة لدى الحكومة التركية التي أبدت مراراً قلقها من منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا منذ تسليم النظام السوري المنطقة الى "حزب الاتحاد الديموقراطي". وتخشى أنقرة خصوصا أن يؤدي هذا الواقع الجديد الى احياء النزعات الانفصالية لاكرادها الذين خاضوا نزاعا دمويا مسلحا ضد الدولة التركية.
وبعد المكاسب الميدانية ، ليس مستبعدا أن يستعين الائتلاف الدولي بـ"وحدات الشعب الكردية" وحلفائها لتحرير جرابلس ، في محافظة حلب، والتي تعتبر المنفذ الاخير ل"الدولة الاسلامية" في سوريا على الخارج.
الظروف الميدانية والسياسية مواتية للاكراد ، وهم سيحاولون بالطبع الافادة منها. لن يتخلوا ببساطة عن الزخم الذي اكتسبوه أخيرا. ثقتهم بأردوغان تبددت منذ معركة كوباني التي لم يعرف فيها ما اذا كان يقف الى جانبهم أم في صف "الدولة الاسلامية". ومع أن المعادلة السياسية الداخلية في تركيا تغيرت كثيرا منذ الانتخابات، لا شيء يوحي بعد بأن الرئيس الجديد قد قرر فتح صفحة جديدة حقيقية مع الاكراد ووقف استخدام الرهاب الكردي في تركيا لتبرير بعض من سياساته.
بعد المأزق الانتخابي الذي وجد أردوغان نفسه فيه بعدم تمكنه من الفوز بغالبية تمكنه من المضي بطموحاته الجامحة، لا شك أن الرئيس "القوي" يواجه أزمة أخرى. ويرى ايديز ان على أنقرة أن تصحو وترى ما يحصل في المنطقة، كما عليها أن توقف اعتمادها على الجهاديين لاطاحة الرئيس بشار الاسد.


[email protected] 
twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم