الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

السباق الرئاسي الأميركي قد ينحسر بين سلالتين سياسيتين: هيلاري كلينتون وجيب بوش والتحدّيات الخارجية في الواجهة

هشام ملحم
هشام ملحم
السباق الرئاسي الأميركي قد ينحسر بين سلالتين سياسيتين: هيلاري كلينتون وجيب بوش والتحدّيات الخارجية في الواجهة
السباق الرئاسي الأميركي قد ينحسر بين سلالتين سياسيتين: هيلاري كلينتون وجيب بوش والتحدّيات الخارجية في الواجهة
A+ A-

قبل 15 شهرا من موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، هناك ازدحام وغموض في سباق المرشحين الجمهوريين الى البيت الابيض، اذ ليس ثمة عدّاء متفوق، يقابله سباق ديموقراطي اقل تعقيدا واقل ازدحاما يصاحبه تسليم أولي بوجود عداء يتقدم أشواطاً منافسيه القلائل.


الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هذه السنة مفتوحة، بمعنى ان لا رئيس يسعى الى تجديد ولايته، من الصعب الحديث بيقين عن فرص المرشحين، في ما عدا ابراز خلفياتهم وطريقة تعاملهم مع الناخبين والقضايا السياسية والاقتصادية الملحة وفي ما بينهم. ومن المتوقع ان يشمل السباق منافسة قوية بين ممثلين لسلالتين سياسيتين: المرشحة الديموقراطية هيلاري رودام كلينتون، زوجة الرئيس سابقاً بيل كلينتون ووزيرة الخارجية وعضو مجلس الشيوخ سابقا، وحاكم ولاية فلوريدا سابقاً جيب بوش نجل الرئيس جورج بوش الاب وشقيق الرئيس جورج بوش الابن. وفي هذا الوقت المبكر، ومع تحسن الاوضاع الاقتصادية وانحسار معدل البطالة، تبدو التحديات الخارجية من نزاعات وحروب الشرق الاوسط، الى العلاقة المتدهورة مع روسيا بسبب تدخلها السافر في اوكرانيا، والعلاقة المتوترة أكثر مع الصين بسبب بسطها نفوذها الاستراتيجي بشكل نافر في محيطها، هي التي ستطغى على السجال الانتخابي، على الاقل خلال الاشهر المقبلة.
السباق الجمهوري مفتوح يتنافس فيه 16 مرشحا إما اعلنوا ترشيحهم رسميا، مثل السناتور راند بول الذي يحظى بأعلى نسبة تأييد في استطلاعات الرأي الاولية والتي بالكاد تصل الى 11 في المئة، وإما اتخذوا كل الخطوات التي تسبق الاعلان الرسمي، مثل جيب بوش الذي يحظى بتأييد 10 في المئة من الناخبين الجمهوريين.


هيلاري كلينتون "المتوجة"
وحتى الاسابيع الاخيرة، كانت هيلاري رودام كلينتون المرشحة الديموقراطية الوحيدة "المتوجة" كما يصفها منتقدوها من جمهوريين و ديموقراطيين، الى ان اعلن السناتور بيرني ساندرز، الذي يصف نفسه بانه "ديموقراطي اشتراكي" ترشيحه عن الحزب الديموقراطي لمنصب الرئاسة اواخر نيسان. والسبت الماضي، اعلن حاكم ولاية ميريلاند السابق مارتن أومالي ترشحه عن الحزب الديموقراطي، وانتقد ضمنا عائلتي كلينتون وبوش قائلا: "الرئاسة ليست تاجا تتبادله عائلتان، فهي ثقة مقدسة يجب استحقاقها وممارستها باسم الشعب الاميركي". والاربعاء دخل السباق الديموقراطي مرشح معروف باستقلالية رأيه وشجاعته الاخلاقية، هو لينكولن تشيفي الذي كان عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ عن ولاية رود أيلاند، وبعدما بات مستقلا انتخب حاكما للولاية ذاتها، قبل ان ينتقل الى الصف الديموقراطي مرشحا رئاسيا. وكان تشيفي الجمهوري الوحيد في مجلس الشيوخ الذي صوّت ضد قرار غزو العراق. قد انتقد تأييد هيلاري كلينتون لقرار غزو العراق، وكان لاذعا في رفضه ان يترشح للرئاسة أي سياسي اميركي أيد غزو العراق.
صحيح ان هناك مسافة شاسعة بين هيلاري كلينتون ومنافسيها الثلاثة، الا انه من الواضح ان الانتقادات التي ستتعرض لها منهم ومن الجمهوريين ستتركز على سجلها غير الساطع في وزارة الخارجية، وتحديدا حادث قتل السفير الاميركي في ليبيا كريستوفر ستيفنس، ودورها المحدود في العراق الذي زارته مرة واحدة خلال أربع سنوات. ويدرك منتقدو كلينتون ان البيت الابيض لم يعطها صلاحيات واسعة، لكنهم يتهمونها بانها ارادت تفادي معالجة القضايا الحساسة مثل السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لئلا تضر بطموحاتها الرئاسية. والمرشحة كلينتون معروفة لدى الاميركيين أكثر من أي مرشح آخر جمهوري ام ديموقراطي، كما لديها موازنة لتمويل حملتها ومستشاريها المخضرمين، وابرزهم بطبيعة الحال زوجها بيل كلينتون.
لكن المشكلة الكبيرة التي تواجهها هيلاري كلينتون هي ازدياد عدد الناخبين من ديموقراطيين ومستقلين الذين يشككون في صدقيتها ونزاهتها وشفافيتها، وهي شكوك اذا ظلت مخيمة على المرشح بعد بدء المناظرات بين المرشحين والانتخابات الحزبية التمهيدية، يمكن ان تتحول الى عبء ثقيل من شأنه ان يقوض حملته. وأظهر استطلاع للرأي لشبكة "أي بي سي" الاميركية للتلفزيون وصحيفة "الواشنطن بوست" قبل ايام ان 41 في المئة من الاميركيين اعتبروها نزيهة وذات صدقية، في مقابل 52 في المئة قالوا انهم لا يثقون بها.
وقال 24 في المئة فقط ان لديهم انطباعاً قوياً وايجابياً عنها، في مقابل 39 في المئة قالوا ان لديهم انطباعاً سلبياً وقوياً عنها. وتتمحور اسباب هذه الانطباعات السلبية على سلوكها وسلوك زوجها، وتحديدا مسألة حصول "جمعية كلينتون" التي تجمعها وزوجها وابنتها تشلسي على تبرعات مالية كبيرة من دول اجنبية بينها دول عربية خليجية، او حصول بيل كلينتون على دفعات مالية كبيرة عن خطبه وذلك حين كانت زوجته وزيرة للخارجية، الامر الذي اثار تساؤلات عن تضارب المصالح . كما تدنت شعبية هيلاري كلينتون، بعد كشف استخدامها بريدا الكترونيا خاصا بها وغير خاضع لرقابة وزارة الخارجية لدى توليها الوزارة، ومحوها رسائل الكترونية كثيرة وصفتها بانها كانت شخصية.


المعسكر الجمهوري
وفي المقابل، يعني ازدحام السباق الجمهوري ان التصفية ستكون طويلة، والمناظرات حامية قبل ان يشطب المرشحون الضعفاء في الاسابيع والاشهر الاولى من السباق بعد ان تتبخر مصادر تمويلهم. والمرشحون المتقدمون نسبيا حتى الآن هم، الى السناتور بول، حاكم ولاية ويسكونسن سكوت ووكر (لم يعلن ترشحه بعد)، وجيب بوش، والسناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو الكوبي الاصل.
الاداء الاولي للمرشح (غير الرسمي) جيب بوش كان سيئا، وخصوصاً تخبطه في الاجابة عن سؤال عما اذا كان يمكن ان يأمر بغزو العراق لو كانت لديه المعلومات التي كانت لدى شقيقه جورج. في البداية ردّ بالايجاب، بعدما شعر بوقع الانتقادات حاول ان يتراجع، ولكن بتخبط ايضا، الامر الذي ادى الى تضاؤل نسبة التأييد له من 22 في المئة في اذار الماضي الى 10 في المئة اليوم.
وبعض المرشحين الجمهوريين يعرفهم الناخبون، وخصوصاً الاعضاء السابقون والحاليون في مجلس الشيوخ والحكام السابقون والحاليون للولايات أمثال السناتور تيد كروز والحاكم السابق مايك هاكابي وعضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام المعروف بدعمه القوي لغزو العراق، والمعني في الدرجة الاولى بالقضايا الامنية والاستراتيجية والذي قال اخيراً ان "العالم ينهار" الامر الذي شجعه على دخول السباق، وحاكم ولاية نيوجيرزي الحالي كريس كريستي، وعضو مجلس الشيوخ السابق ريك سانتوروم، ورجل الاعمال المعروف بضوضائه ومبالغاته دونالد ترامب، وجميع هؤلاء معروفون بمواقفهم القوية وحتى النابية من الرئيس باراك اوباما وسياساته، ومن المتوقع ان يوجهوا السهام السامة ذاتها التي وجهت الى اوباما، الى كلينتون. وبعض هؤلاء، ولا سيما منهم المتشددون جدا، قد يحققون مفاجآت في السباقات الحزبية التهميدية، لان الناخبين الحزبيين يريدون توحيد الحزب حول سياسة وبرنامج انتخابي قوي، ولان الناخبين المتشددين يصوتون دوماً، لا يستطيع المرشح الا ان يكون متشددا للحصول على دعمهم.
واذا حصل ووقع الاختبار على هيلاري كلينتون وجيب بوش، فإن ذلك سوف يحيد مسألة السلالات السياسية، ولكن اذا اختار الجمهوريون مرشحا غير بوش، عندها سوف تكون هيلاري كلينتون معرضة لانتقادات شنيعة تبدأ بالثروة التي جمعتها هي وزوجها، ولا تنتهي بليبيا او بالعراق. المرشحون الجمهوريون لن يعاملوا بعضهم بعضاً برقة، لانهم يتنافسون على مصادر التمويل ذاتها، ومعظمهم لن يكونوا قادرين على البقاء في السباق طويلاً نتيجة انحسار الدعم المالي.
في الاسابيع والاشهر المقبلة، سوف نرى السكاكين يشحذها المرشحون من الحزبين، وسوف نرى ونسمع المبالغات عن قدرة الولايات المتحدة على تغيير العالم، ولكن من المرجح ألا نرى أي بدائل حقيقية من سياسات اوباما في الشرق الاوسط وتكون قابلة للتنفيذ ولوقف نحر جيل بكامله من الشباب الذين يتساقطون على طول جبهة تمتد من ليبيا الى اليمن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم