الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

اختفى فجأة وانقطعت أخباره...فماذا حصل؟

سلوى أبو شقرا
اختفى فجأة وانقطعت أخباره...فماذا حصل؟
اختفى فجأة وانقطعت أخباره...فماذا حصل؟
A+ A-

يخطنَ آلامهن ومعاناتهن وأحلامهنَّ ومشاعرهنَّ على أقمشة بإبرٍ وخيطان على شكل رسومات تسرد حكايات وقصصاً. فالقلب الأحمر المحاك على قطعة من القماش محاطاً بتطريز أعمدة صغيرة يرمز إلى السنوات التي مضت وهي تنتظر حبيبها الذي تعرفت إليه بعد زيارته إحدى قريباته في السجن، ونشأت من خلف قضبانه علاقة حب، أعطتها الأمل من جديد بالحياة، ولكن بعد 5 سنوات على زيارة الشاب للسجن، اختفى فجأة وانقطعت أخباره وعادت الفتاة لتتخبط بيومياتها.


كل حقيبة تحمل قصة


تروي سارة بيضون مؤسِّسة Sarah's bag هذه القصة ممسكةً القماشة التي أصبحت لوحة أو حقيبة ضمن المعرض الذي انطلق في 2 حزيران 2015. تخبر سارة أنَّ "كلّ حقيبة تحمل قصة السيدة التي صنعتها، متميزة عن غيرها بأسلوبها الخاص". تدعم Sarah's bag قضية النساء المسجونات حيث تعمل على تحسين ظروف حياتهنَّ عبر تطريز حقائب تعود عائداتها كاملة إلى مؤسسة "دار الأمل" لتمويل برامج تهدف إلى إعادة تأهيل سجن بعبدا كتأمين مكيفات للغرف وتأمين بعض اللوازم الأساسية، وتأمين الدعم القانوني، إذ إنَّ بعض السجينات لا يمكنهن تكفل قيمة توكيل محام، وكذلك تأمين الدعم الطبي للسجينات.


تشير بيضون في حديث لـ"النهار" إلى وجود 50 سجينة بين سجني طرابلس وبعبدا يعملنَ في التطريز، وتحاول Sarah's bag مساعدتهنَّ في الحصول على مهارات وقدرات عمليَّة وكسب المال، وامتلاك مهنة بعد خروجهنَّ من السجن، حيث تعمل بعضهنَّ في Sarah's bag. "السجينات يواجهنَ رفض العائلة واتهام المجتمع، لكن يجب علينا إعطاؤهنَّ فرصة، إذ لكل شخص الحق في ذلك"، بحسب بيضون، "نقدم لهن فرصة للعمل من خلف القضبان ما يمنحهنَّ بالتالي سبباً للاندماج لاحقاً في المجتمع".



مواساة نفوسٍ حزينة


بدأت العلاقة بين Sarah's bag وجمعية "دار الأمل" عام 2000، لكنَّ الجمعية تأسست عام 1970 وترأسها حالياً السيدة هــدى قــرى، مديرة الجمعية. تحاول "دار الأمل" مواساة نفوسٍ حزينة وقلوب عانت ظلم القدر أو القضاء أحياناً. في عام 1996، بدأت الجمعية مُساعداتِها لإعادة تأهيل سجن النساء المركزي في بعبدا الذي بني سابقاً كمستوصف تابع للمستشفى الحكومي، فاقداً لأدنى الحاجات الضرورية لإمكانية العيش الكريم للإنسان. وواكبت طوال هذه السنوات مئات السجينات داخل السجن وبعد خروجهنَّ منه، معتمدةً على فريق عمل متعدد الاختصاصات، لتمكين السجينات وتنمية قدراتهن وتحسين صحتهن الجسدية والنفسية، ودعمهن لإعادة الاندماج في المجتمع بعد خروجهن من السجن.


تشرح السيدة قرى لـ"النهار" أنَّ "السجينات داخل السجن يخضعنَ لبعض الدورات التي تقدمها "دار الأمل" منها التدريب على فن التجميل النسائي، كيفية العناية بالأظافر، تعلم لغات، تعلم الكتابة". وتضيف: "تضم الجمعية 6 مُساعدات اجتماعيات، و3 معالجين نفسيين، ونتعاون مع محامين. نحن نعمل لحقوق السجينات ونستثمر قدراتنا في هذا السجن. ونحتاج إلى كوادر بشرية للمساعدة إذ إن أوضاع السجون في لبنان يرثى لها. قبل العام 2000، كان المساجين يقبعون في سجن طرابلس في غرف تحت الأرض وفي ظروف إنسانية صعبة، ومن ثم نقلت السجينات بمُساعدة "دار الأمل" من مبنى آيل للسقوط بغية إعادة تأهيله. وعام 2010 ساعدت الجمعية في إعادة تأهيل سجن زحلة للنساء بعدما كان المبنى غير لائق بتاتاً. وفي ضهر الباشق أنشأوا سجناً للأحداث في وقتٍ لا يحتاج هؤلاء إلى سجن بل إلى مركز لإعادة تأهليهم".


وفي هذا السياق، أطلقت "دار الأمل" كتاب "أقوال السجينات في قصص وخواطر" يروي أوضاع النساء في سجون لبنان (بعبدا، طرابلس، زحلة)، حيث وجدت السجينات متنفساً للتعبير عما يخالجهنَّ من مشاعر حرمان وألم وحزن يعانينه. ورافقت المقاطع المكتوبة رسومات عبَّرت من خلالها السجينات عن أنفسهنَّ، وأُرفقت بعبارات معبرة منها: "لا بد للظلم أن ينتهي"، و"اعتزل الناس تسلم منهم".



موقوفات بلا أحكام


سجن بعبدا يضم 85 سجينة موزعات على 5 غرف، غالبيتهنَّ وصلنَ إلى السجن جراء الفقر، أو الجهل، أو التفكك الأسري، أو قلّة التعليم، أو جرّاء ظروفٍ ضاغطة دفعت بهنَّ للجنوح نحو طريق مظلم، وداخل جدران السجن تعلمت السجينات الصبر والصلابة وازداد إيمانهنَّ. وتُجمِع "دار الأمل" و Sarah's bag على أنَّ دور السجون يكمن في إعادة التأهيل لا في أن يعيش الشخص مذنباً أمام نفسه والمجتمع. وهنا، يفتح ملف إنساني آخر لفتيات موقوفات منذ سنوات ينتظرنَ أحكاماً قضائية قد تكون مدتها أقل من السنوات التي أمضينها داخل الجدران، ما يطرح مسألة تأخُّر المحاكمات والبيروقراطية الإدارية والقضائية، في حين تمرُّ السنون وتلك النساء وعائلاتهنَّ ينتظرنَ في الخارج حيث السجن الأكبر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم