الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أسبوع التصميم في بيروت من وجهة نظر إيطالية

بياتريس أبي اللمع
أسبوع التصميم في بيروت من وجهة نظر إيطالية
أسبوع التصميم في بيروت من وجهة نظر إيطالية
A+ A-

أسبوع التصميم في بيروت أصبح حدثًا سنويًّا منتَظرًا في عالم التصميم، ليس في المنطقة فحسب بل إن فعالياته استقطبت عاملين في هذا المجال من مختلف أنحاء العالم. وإن دلالة كلمة تصميم لا تقتصر فقط على التصاميم الحسّية كالأزياء وتصاميم المنتجات والتصاميم الغرافيكية بل أنها أيضاً تشمل كل ما هو ابتكار في طريقة العمل الخلاّق في مختلف المجالات من عمل المؤسسات وطريقة معالجة التحديات اليومية. فكما صرّحت دورين توتيكيان، المديرة المنظّمة لهذا الأسبوع في البيان الصحافي قائلة إنها تثق في قيمة التصميم، وهي أكثر بكثير من الجماليات فقط. في هذا الإطار قُسم الحدث، الذي سيستمرّ على مدى ستة أيام ابتداءً من الأول من شهر حزيران، بين عدة مناطق من مدينة بيروت الكبرى فجرى حفل الإفتتاح في أسواق بيروت ومنطقة الصيفي، أما اليوم الثاني فحصة الجميزة وسرسق من النشاطات التصميمية، ويليها في الأيام القادمة الأشرفية فالحمرا وفردان، ومن ثم مار مخايل والكارنتينا، والحصة الأخيرة لبرج حمود ومنطقة الجسر الواطي. الفعاليات قُسمت بين الندوات وورش الأعمال فضلاً عن الحفلات في المتاجر التي هي على علاقة مع هذا المجال فأطلقت مجموعات خاصة للحدث بالتعاون مع مصمّمين ناشئين كما المخضرمين منهم.


كان للنهار لقاء خاص مع Andrea Tosi عميد العلاقات الدولية للتعاون والإبتكار في جامعة Instituto Europeo di Design IED، الذي وصل الى بيروت مساء السبت خصيصاً لحضور نشاطات أسبوع التصميم، و لكي يلقي محاضرة في إطار التصميم للابتكار في مجال إدارة الأعمال. فلفتَه عددُ المشاركين الذي هو على إزدياد كما أنه أشاد بالتصاميم المعروضة لا سيما للمصمّمين اللبنانيين الناشئين الذين عرضوا ابتكارات من وحي عناصر ثقافية لبنانية ميّزتها عن الأفكار الأوروبية فكانت عنصر جذب للحاضرين والتوّاقين من خارج لبنان الى كل ما هو جديد ومختلف.
كما أكّد على أهمية التصميم في لبنان كثروة وطنية إن طُوِّر بشكل صحيح، فيكون مصدر دخل للقطاع الإبداعي اللبناني بشكل أوّلي ولكن بصورة أهم فإنه قالب يُحدّد الخطوط العريضة التي تبلور هوية لبنان في وحي التصاميم المرئية، فيبرز إبداع مصمميه على الخارطة العالمية. وشدّد أيضاً على أهمية توحيد نفحة الوحي وراء التصاميم فتكون الهوية اللبنانية طاغية ومتعارف عليها عالمياً كما هي الحال مع التصاميم الإيطالية أو الفرنسية على سبيل المثال. وأكدّ على غنى لبنان من ناحية تعدّد أوجهه الثقافية التي هي نقطة انطلاق أساسية لتحديد تلك الهوية. أما عن التجربة الإيطالية التي تشكّل أساس خبرة المصمّم الاستراتيجي، يؤكد أن لبنان بأفراده المبتكرين في مجال التصميم والذين اكتسبوا خبرات من الخارج أصبحوا الآن بأعداد تكفي لخلق نظام ذاتي مبنيّ على الإبداع. ولكن النقطة الأساسية الآن هي الجمع ما بين الأفراد لخلق مجموعة موحّدة مبنية حول مفهوم التصميم اللبناني. وإن هذا التوحيد لا يكتمل إلا بمبادرة من السلطات في القطاع العام التي من واجبها تنشئة هذا القطاع لضمّه الى القطاعات الأخرى التي يُعرف بها لبنان كالقطاع المصرفي وفن الأكل والحياة الليلية النابضة. وإن لاقى هذا القطاع الدعم الكافي بتوحيد هويته، لدى لبنان الإمكانية الكافية ليثبّت مكانته على خارطة التصميم العالمية.


وبسؤاله عن إعطاء بيروت ثلاثة أوصاف طاغية لم يتردّد Tosi بوصف عاصمة لبنان بالنابضة فقد شعر بحيوية المدينة ونشاط سكانها في الليل كما في النهار. أما الصفة الثانية فهي أنها مدينة شبابية وديّة وقد غمرته الضيافة اللبنانية كما أنه شعر بحفاوة الشعب وقرب أفرادها بعضهم من بعض. أما الصفة الثالثة فوصف بيروت بالمجزّأة بعض الشيء نسبةً للسير فيها على الأقدام بخاصةً مقارنةً بمدينة ميلانو الإيطالية الذي هو من سكانها. كما أن عناصرها المتناقدة من الأديان المختلفة والمظاهر الهندسية الفريدة خلقت هذه التجزئة ولكنه يضيف أن هذا العنصر يمكن الاستفادة منه كعامل يُغني من ناحية الوحي وراء التصميم لفرادته نسبة إلى البلاد الأخرى المعروفة بهذا المجال. وقد أشاد Tosi أيضاً بمكانة بيروت في مجال التصميم في الشرق الأوسط واعتبرها صلة الوصل بين أوروبا والدول العربية. كما أنها تضاهي دبي من ناحية الإبداع المحلي الذي يتفوّق فيه لبنان في مجاله نسبةً الى ثروته الشبابية الخلّاقة.


كما أنه أُعجب بوحدة الشباب اللبناني الصاعد وبعلاقتهم المتينة ونيّتهم الصادقة في التعاون لا سيما في هذا المجال. أما شخصياً فمهمّته في لبنان تقضي أيضاً في خلق تعاون مع عدّة جامعات لبنانية لغاية تطوير برامج مخصّصة في التبادل الطلابي بين بيروت وأوروبا، فبذلك يتعرّف الطالب الأوروبي على التصميم اللبناني وفي الوقت عينه يكتسب الطالب اللبناني الخبرة الأوروبية في هذا المجال فيطوّر حين عودته هذا المجتمع الناشئ بأفكار مبتكرة.


إن فخر الصناعة اللبنانية بحرفيتها وتصاميمها وثروتها البشرية الخلّاقة، وضعت لبنان على الخارطة العالمية في هذا المجال. لكن الأهم يكمن في رعاية الدولة للشباب الموهوبين كي يستمرّوا في ابتكاراتهم تحت جناح موّحد ينقل هوية لبنان الإبداعية الى الخارج. فلنحافظ ونرعى تلك الثروة الوطنية كما سمّاها المصمم الإيطالي ونخلق مجتمعًا إنمائيًّا، على أسس التصميم، نفتخر بصورته الحضارية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم