الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

المهاجرون الأفارقة يواجهون مخاطر الصحراء... طمعاً في بلوغ أوروبا

المصدر: (رويترز)
المهاجرون الأفارقة يواجهون مخاطر الصحراء... طمعاً في بلوغ أوروبا
المهاجرون الأفارقة يواجهون مخاطر الصحراء... طمعاً في بلوغ أوروبا
A+ A-

 في مجمّع تملؤه الرمال ببلدة أجاديز الصحراوية بالنيجر، يدعو شيخ لمجموعة من المهاجرين الأفارقة بالسلامة في رحلتهم عبر الصحراء الكبرى طمعاً في الوصول لأوروبا.


يعطي مهرّبهم إشارة يسارع بعدها المهاجرون باعتلاء سيارة "تويوتا هيلوكس" بيضاء متدافعين من أجل ضمان مكان على رحلة تقطع 1200 كيلومتر إلى مدينة سبها في جنوب ليبيا في طريق محفوف بمخاطر قطاع الطرق وشمس الصحراء القاسية.


يتكدس 19 رجلاً في الشاحنة للإنطلاق في الرحلة التي تستغرق 3 أيام. أما من يجلسون على الطرف فتتدلّى سيقانهم على دعامة خشبية طويلة وضعت لمنعهم من السقوط من السيارة، خصوصاً في ساعات الليل.


وبعد غرق نحو 2,000 مهاجر في مياه البحر المتوسّط بين السواحل الليبية والإيطالية هذه السنة، سعت الحكومات الأوروبية لتشديد الحراسة البحرية للحد من تدفّق سفن المهاجرين القادمة من ليبيا التي تعيش في فوضى واسعة منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.


إلا أن المنظّمة الدولية للهجرة مازالت تحذّر من احتمال هلاك أعداد كبيرة من المهاجرين خلال قطعهم رحلة الصحراء الطويلة من النيجر.. نقطة الانطلاق الرئيسية لأبناء غرب أفريقيا الراغبين في عبور المتوسّط.


وعلى الرغم من أن النيجر أقرّت قانوناً جديداً صارماً للتصدّي لتهريب البشر، يتوقّع فرار نحو 100 ألف شخص من الفقر المدقع في بلادهم طمعاً في حياة أفضل بأوروبا وعبورهم حدود النيجر هذه السنة.


كان المهاجر حسيني إسماعيل (16 سنة) يضع وشاحاً أزرق على رأسه اتقاء لقيظ الشمس بينما كان ينتظر اعتلاء شاحنة. قال "الأمر مخيف بعض الشيء لكن لابد لي أن أتغلّب على الخوف لأن العيش يحتاج شجاعة". 


وحين يرخي الليل سدوله، تنطلق الشاحنة عبر بوّابات مجمع المهربين المعدنية وتتّخذ طريقاً متعرجاً عبر شوارع أجاديز الخلفية الرملية عبوراً بمجموعات من الرجال يصلون العشاء جماعة. وتمر الشاحنة بلا أي عوائق من نقطة تفتيش شرطية على مشارف البلدة وتختفي وسط ظلام الصحراء الشاسعة.


والمخاطر جمة، قال محمد الذي يقود إحدى شاحنات نقل المهاجرين إن قطاع طرق من الطوارق حاولوا إيقاف عربته الأسبوع الماضي وفتحوا عليها نيران بنادقهم الكلاشنيكوف حين رفض التوقّف، مما تسبّب في إصابة مهاجر في ساقه.


ومن باب الاحتياط، تسير عشرات الشاحنات خلف قافلة عسكرية تتّجه شمالا كل يوم اثنين باتجاه واحة ديركو.


وبعدما لفظ 92 مهاجراً، معظمهم من النساء والأطفال، أنفاسهم الأخيرة عطشاً حينما تعطّلت سيارتهم على الطريق إلى الجزائر عام 2013، شدّدت سلطات النيجر الإجراءات على ممرّات التهريب لفترة قصيرة ما لبث بعدها هذا النشاط الرائج أن عاد بهدوء.


قال ريسا فيلتو رئيس بلدية أجاديز: "الصحراء دائماً مقبرة المهاجرين وسط صمت وعدم مبالاة تامة. يحدثنا المسافرون عن جثث وهياكل يجدونها في طريقهم دوما."


لا عمل سوى التهريب
طالما كان التهريب أسلوب حياة في أجاديز. شوارعها تمتلىء بسيارات مسروقة من ليبيا ومعظم حدودها بلا حراسة وسكانها يتحدثون همساً عن قوافل المخدرات التي تقطع الصحراء.


والقانون الذي صدر هذا الشهر بعد ضغط من المانحين الأوروبيين ينصّ على أحكام بالسجن لمدة تصل إلى 30 سنة على من يتربحون من تهريب البشر.
لكن مع انهيار السياحة بسبب انتشار نشاط الجماعات الإسلامية المسلّحة في منطقة الصحراء الكبرى، يقول المهربون إنه ما من شيء آخر يمكن التعويل عليه لكسب الرزق.


ودفع القانون مهرّبي أجاديز لإخفاء نشاطهم، لكن ما من علامة تدل على تراجع وتيرة تدفّق المهاجرين.


وقال داود حسيني (34 سنة) الذي يدير مجمعاً للمهاجرين: "مجمعات التهريب؟ ليس بالإمكان عدّهم على أصابع اليد. الكل يعمل فيها لأنها الشيء الوحيد الذي يعمل".  وأضاف: "نوفّر للناس مكاناً ليستريحوا فيه قبل الرحيل. وبمجرّد أن يتجمّع عدد يكفي لملء شاحنة نستدعي سائقاً". 


ويدر تهريب البشر ملايين الدولارات على أجاديز. وقد دفع الـ30 شخصاً لذين غادروا مجمع حسيني 150 ألف فرنك أفريقي (250 دولاراً) لكل واحد منهم للسفر إلى سبها الليبية.


وأضاف أنه بإضافة تكاليف الطعام والسكن والرشى، يدفع المهاجرعادة نحو 250 ألف فرنك أفريقي لمجرد الخروج من النيجر.


كما قال الأمين بانداوجو، وهو شاب عمره 17 سنة من بوركينا فاسو، إنّ أفراد الشرطة يبتزون المهاجرين عند نقاط التفتيش في الرحلة من نيامي عاصمة النيجر إلى أجاديز، إذ يطلبون ما يصل إلى عشرة آلاف فرنك أفريقي للسماح لهم بمواصلة الرحلة.


وعلى الرغم من أن أبناء غرب أفريقيا يحق لهم التنقل بحرية في النيجر، يرفض كثير من المهاجرين إظهار بطاقاتهم خشية أن تصادرها الشرطة.


على شاشات التلفزيون، شاهد بانداوجو مهاجرين يموتون في البحر... ومع هذا، يفضّل المخاطرة بحياته على الفقر المدقع في بلاده. يقول: "رأينا هذا لكن ماذا يمكننا أن نفعل. لكل منا قدر مكتوب. ولا تدري نفس بأي أرض تموت". 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم