الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أقباط مصر يشيدون بالسيسي... وينتظرون الدعم

المصدر: "رويترز"
أقباط مصر يشيدون بالسيسي... وينتظرون الدعم
أقباط مصر يشيدون بالسيسي... وينتظرون الدعم
A+ A-

عندما أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإرسال طائرات حربية هذه السنة لقصف أهداف تابعة لـ"داعش" في ليبيا رداً على ذبح 21 قبطياً مصرياً، كانت تلك رسالة قوية للأقلية المسيحية في البلاد.


فقد شكا الأقباط طويلاً من تعرّضهم للتّمييز في ظل زعماء مصر المتعاقبين. وأشارت قرارات السيسي إلى أنه سيفي بوعوده أن يكون رئيساً لكل المصريين، وأن يعمل على توحيد البلاد بعد سنوات من الإضطرابات السياسية.


غير أن الأيام أثبتت أن مهاجمة المتطرّفين في الخارج قد تكون أيسر من تكبيل المتشدّدين داخل البلاد في مناطق مثل قرية العور.


ويمثّل الأقباط الأرثوذكس أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط اختباراً لتعهّد السيسي بالتسامح الذي يركّز عليه في دعوته للتصدّي عقائدياً للمتطرّفين الإسلاميين الذين يهدّدون أمن مصر.


ويقدّم السيسي نفسه على أنه مسلم معتدل من التيار الإصلاحي، عازم على التصدّي لما يصفه بأنه خطر وجودي يتمثّل في مجموعة من القوى الإسلامية. وكان قد أعلن، وهو قائد الجيش، عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة.


غير أنه في أماكن مثل قرية العور في وسط مصر والتي جاء منها 13 من ضحايا عملية الذبح التي وقعت في ليبيا، فإنّ الجيران المسلمين لا المتشدّدين المسلّحين هم الذين يمكنهم أن يجعلوا الحياة صعبة للمسيحيين.


ويقول المسيحيون في القرية إنهم تعرّضوا لهجوم من مسلمين أغضبهم قرار السيسي السماح ببناء كنيسة جديدة تكريماً للقتلى الذي سقطوا بأيدي مقاتلي "الدولة الإسلامية"، وذلك بعد أسابيع قليلة من الضربات الجوّية التي وقعت في شباط.


وألقى المهاجمون الحجارة وقنابل المولوتوف على ممتلكات للاقباط في العور التي تقع على ضفتي نهر النيل وأصيب عدد من الناس بجروح.


وكانت تلك الأحداث تذكرة بأن الأقباط الذين يمثلون نحو 10 في المئة من سكّان مصر البالغ عددهم نحو 90 مليون نسمة مازالوا عرضة للإستهداف رغم تأكيدات الرئيس وطمأنته لهم.


رموز قبطية
ظل التوتّر يغلي تحت السطح بين المسلمين والأقباط لسنوات في مصر، لكن العلاقات بين الجانبين ساءت في أعقاب انتفاضة 2011 التي أدّت إلى سقوط حسني مبارك.
فقد اكتسب دعاة مسلمون متشدّدون حرية لم يسبق لها مثيل على شاشات التلفزيون بعد الإنتفاضة، وهاجم بعضهم المسيحيين صراحة على الهواء. وجاء انتخاب الرئيس الإخواني مرسي ليزيد الإحساس بالقلق.
وعندما أعلن السيسي عبر التلفزيون عزل مرسي في منتصف عام 2013، كان الحدث منظماً بدقّة، بحيث يظهر أن رأب الإنقسامات من أولويّاته. فقد كان البابا تواضروس بابا الأقباط حاضراً. ودفع المسيحيون ثمن هذه الصورة.


فبعد أن قتلت قوّات الأمن نحو 1,000 من أنصار مرسي في شوارع القاهرة، تعرّضت عشرات الكنائس والممتلكات المسيحية في مختلف أنحاء البلاد بما في ذلك محافظة المنيا للهجوم والتدمير من جانب من قيل إنّهم أنصار "الإخوان".


ومن الممكن أن يعمل الإحساس الدائم بعدم الأمان واستمرار التمييز ضد الأقباط على تقويض مساعي الرئيس، لتصوير نفسه على أنه الرجل الذي يمكنه تحقيق الإستقرار لمصر والعالم العربي الذي يعاني من التشدّد الديني.


ومن المؤكّد أن السيسي بذل جهداً أكبر من سابقيه في احتضان الأقباط الذين يعتبرون أنفسهم من نسل الفراعنة. وفي كانون الثاني الماضي، أصبح أول رئيس مصري يحضر قدّاس عيد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، ما أدّى إلى تساقط دموع بعض المصلّين.


وقال مينا سامي، أحد أفراد رعية كنيسة أمير تادرس في مدينة المنيا التي احترقت عن آخرها في أعقاب عزل مرسي: "نشعر بأن لدينا رئيس. ونشعر أن عندنا جيش." كما قالت النائبة السابقة منى مكرم عبيد، إنّه رغم المطالب المشروعة بتحسين معاملة الأقباط، فمن المستبعد أن ينقلب الأقباط على السيسي. وأضافت: "هم يشعرون بقدر أكبر من الأمان."


سياسة الحصانة
رغم كل مساعي السيسي، يقول منتقدون إنه لم يفعل شيئاً يذكر لإصلاح المؤسسات أو تحدّي مظاهر التمييز المترسّخة.


وقال الباحث في واشنطن لدى معهد هدسون صمويل تادرس، إنّ استمرار معالجة الدولة للمشاكل القبطية من خلال الجهاز الأمني توّلد "ثقافة حصانة" تعمل على تفاقم العنف. وأضاف: "يقولون إن الأمور ستهدأ، لكن الواقع أنها لا تهدأ لأن الدهماء يفوزون بغنيمتهم. وكل مرة تلقي فيها بغنائم أكثر للدهماء، فهي تدرك أن التحرّك بمنطق الدهماء هو السبيل لحل مشاكلها."
وقبل أيام من أحداث العنف التي وقعت في العور في آذار، تصدّت مجموعة من المسلمين للمسيحيين الذين كانوا يعملون على توسيع كنيسة في قرية الجلاء القريبة.
وفي الحالتين قال سكان ونشطاء إنّ قوات الأمن تباطأت في التدخّل، وأجبرتهم على تقديم تنازلات للمهاجمين لمواصلة بناء الكنيسة في سلام. ويقول الأقباط إن هذا الأسلوب قديم من جانب الحكومة.


كما قال الأب تادرس ابراهيم راعي كنيسة الجلاء في غرفة رطبة تستعمل كقاعة مؤقتة للصلاة: "محاصيلنا اقتلعت وبيوتنا أحرقت وأهلنا أصيبوا. وتنازلنا عن كل ذلك مقابل بناء الكنيسة."


ويتابع رجال الشرطة السرية الوضع على مدار الساعة في قرية الجلاء بينما يواصل العمال العمل على العوارض الخشبية لبناء كنيسة جديدة من طابقين.


وقد وعد السيسي بأن تتولّى الدولة إعادة بناء الكنائس التي دمّرت بعد الإطاحة بمرسي غير أنه في ضوء بطء تدفّق الأموال يقول الأقباط إنهم اعتمدوا في أغلب الأحوال على التبرّعات.


ويقول البعض إن الترميم أصبح أسهل رغم بقاء القانون الذي ينصّ على ضرورة موافقة الرئاسة على بناء الكنائس الجديدة.
ورغم اتّهامات التمييز ضد الاقباط، فإنّ بعض الأقباط حقّقوا نجاحاً كبيراً وكوّنوا ثروات ضخمة وأصبح لهم نفوذ.


وتعد عائلة ساويرس الثرية ووزير المالية السابق يوسف بطرس غالي من بين الصفوة في مصر. لكن كثيرين يشكون من قاعدة غير مكتوبة باستبعادهم من المناصب العليا للخدمة المدنية والرئاسة والرتب العليا في الجيش والشرطة، بل والمناصب الجامعية العليا.


وخارج كنيسة عمرها مئات الأعوام في أحد أحياء القاهرة، يشيد ماجد غبريال الذي يعمل منذ 20 سنة في رسم الصلبان على أيدي المسيحيين، بالسيسي لكنه يظلّ حذراً.


ويقول غبريال قبل أن ينصح زوجين بأن طفلهما أصغر من أن يرسم له الصليب "الكل متوتر. فلا أحد يفهم ما قد يحدث غداً. وبإذن الله ستكون مصر بخير. لكن ليس الآن. بعد 10 سنوات على الأقل. وعلينا أن نصبر."


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم