الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سجلات وادي قنوبين تعود "سالمة" بعد غياب 50 سنة

طوني فرنجية
سجلات وادي قنوبين تعود "سالمة" بعد غياب 50 سنة
سجلات وادي قنوبين تعود "سالمة" بعد غياب 50 سنة
A+ A-

تشكّل سجلات الرعايا في الكنيسة المارونية أهم المراجع الإحصائية الموثقة لتاريخ لبنان الديني والاجتماعي والبشري. لقد أرّخت هذه السجلات مجمل الحركة السكانية في مختلف القرى والبلدات المارونية. وتعرضت الى الضرر والتلف والتشتت والضياع لأسباب كثيرة.


رعية وادي قنوبين، وهي واحدة من الرعايا المارونية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبطريركية، والمشمولة بهذا التنظيم الراعوي الدقيق محفوظاً في سجلاتها. وعلى غرار سجلات سواها من الرعايا تعرضت سجلات رعية وادي قنوبين لتلف بفعل عوامل الطبيعة القاسية التي تطبع الوادي، وبعضها ضاع في مسار الضياع التاريخي الطويل الذي اختفت معه كنوز ثمينة من تراث الكنيسة المارونية، وبعضها الآخر حفظ . في هذا السياق حفظت سجلات وادي قنوبين على أيدي الكهنة الذين خدموا الرعية. وتناقلوا السجلات الى عهد الخوري حنا لحود، الذي سافر الى اوستراليا سنة 1973 وسط ظروف الحرب اللبنانية، حاملاً معه تلك السجلات. تولى بعده خدمة الرعية الخوري حبيب صعب ولا يزال، وقد كوّن سجلات جديدة بدل تلك القديمة التي انتقلت الى اوستراليا.


لقد توالت محاولات الحصول على سجلات قنوبين واستعادتها من اوستراليا، ولكن بدون نتيجة. وفيما بوشر بجمع وتحقيق أوراق بطاركة قنوبين من رابطة قنوبين للرسالة والتراث بدعم رئيسها نوفل الشدراوي راحت الحاجة الى تلك السجلات تتضاعف. وخلال زيارة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اوستراليا في خريف سنة 2014، أعاد امين النشر والاعلام في رابطة قنوبين للرسالة والتراث، الزميل جورج عرب، تحريك عملية استعادة سجلات وادي قنوبين. وتحقق الأمر بتجاوب كلي من ولدي الخوري حنا لحود حسيب وجو، اللذين أكدا ان العائلة احتفظت بهذه السجلات حرصاً عليها، وادراكاً منها لقيمتها، ولم تسلمها سابقاً لأحد لانها لم تلمس جدية في أي عمل سابق متصل بوادي قنوبين. وبعدما لمست ما تحققه رابطة قنوبين للرسالة والتراث لم يعد عندها اي تحفظ على اعادة السجلات، وهكذا كان والسجلات باتت في الكرسي البطريركي في الديمان، ومع خادم رعية قنوبين الخوري حبيب صعب، ومع مختارها طوني خطار.


مضمون السجلات؟


في القراءة الأولى لهذه السجلات يمكن استخلاص المضامين التالية:
ـ تبدأ من سنة 1850 حتى سنة 1968، أي تؤرخ 118 عاماً من تاريخ الوادي الديني والبشري.
ـ أوائل أوراقها مدونة باللغة السريانية.
ـ أول كاهن دوّن في هذه السجلات كان الخوري بولس عبدو من قنوبين الذي خدم الرعية من سنة 1850 حتى 1866 .


وفق السجلات كانت تقام معظم الاحتفالات الدينية في كنيسة سيدة قنوبين، كما في كنيسة سيدة الكرم وبعض الاحيان في معبد القديسة مارينا.
وفي احصاء تقريبي وفق السجلات بلغ عدد العمادات خلال 118 عاماً 950 عمادة. وعدد عقود الزواج 250 عقداً. فيما سجلت 30 خطبة كنسية.
وسنة 1900 كان عدد سكان القرية 1346 شخصاً. أما سنة 1932 فقد تراجع العدد الى 841.


مدرسة قنوبين


بحسب هذه السجلات تعود مدرسة قنوبين الأولى في دير سيدة الكرم الى سنة 1913 حين أسـسها البطريرك الياس الحويك. وسنة 1932 كان عدد تلامذتها 41 تلميذاً منهم عشر بنات. كانت بإدارة الخوري حنا لحود. ودرست العربية والسريانية والفرنسية .
أما مدرسة قنوبين الثانية فتأسـست بمرسوم حكومي سنة 1961. وتولى ادارتها الاستاذ وديع لحود ، الذي درّس فيها وفي عدد من مدارس الجوار. واستبدل فيها الفرنسية باللغة الانكليزية التي كان يتقنها في ظاهرة علمية ملفتة. وبلغ فيها عدد التلاميذ في سبعينات القرى الماضية 76 تلميذاً وكانت قائمة أولاً في دير سيدة قنوبين ثم انتقلت الى بيت الاستاذ وديع الذي حملت المدرسة اسمه، ولا تزال آثار بيته في وادي قنوبين شاهدة عليها .
الى ذلك تضيء السجلات على واقع كنائس وأديار ومزارات وادي قنوبين وعلى موجوداتها من لوحات وصور ولوازم كنسية هي بمثابة كنوز غالية ضاعت غالبيتها وتبعثرت وسرقت.


المطران العمّار


المطران مارون العمّار النائب البطريركي، المشرف على رابطة قنوبين للرسالة والتراث، اعتبر استعادة سجلات وادي قنوبين عملاً ثقافياً كبيراً. وقال: أترحّم أولاً على الخوري حنا لحود، الذي حفظ هذه السجلات، وحملها معه خوفاً عليها. وثانياً أتوجه بالشكر لأولاده الاوفياء لجذورهم الذين لولا أمانتهم لضاعت هذه السجلات القيّمة. وأدعوهم كما أدعو عائلة الاستاذ وديع لحود الذي ارتبط اسمه بمدرسة قنوبين، الى العودة الى قنوبين حيث جذور هويتهم الروحية. كما أشكر رابطة قنوبين، ودعم رئيسها نوفل الشدراوي للعمل الشاق المضني المتعلق بجمع وتحقيق أوراق بطاركة قنوبين المبعثرة والمتشعبة، وسجلات قنوبين هي جزء منها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم