السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

معركة القلمون لا تزال محصورة... هل يحسمها "حزب الله"؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
معركة القلمون لا تزال محصورة... هل يحسمها "حزب الله"؟
معركة القلمون لا تزال محصورة... هل يحسمها "حزب الله"؟
A+ A-

بات واضحاً في السياسة أن النظام السوري و"حزب الله" يحاولان كسب ورقة القلمون، للّعب فيها على طاولة الحوار في حال جمع المجتمع الدولي الطرفين، خصوصاً بعد التقدّم المعارض الذي اعترف به الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد، وتزامناً مع جولة جديدة للمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا لتثبيت دعائم محادثات جنيف الجديدة.


اللبنانيون لا يهتمّون بذلك، بل هناك من يراهن على فوز أحد الطرفين، ويتابع المعركة وكأنها مباراة كرة قدم، وهناك من يتمترس خلف الشاشات لمعرفة تأثير هذه المعركة على لبنان وإمكانية تمدّدها نحو الداخل اللبناني، خصوصاً أن مجرد الحديث عن المعركة رفع من حجم الاحتقان المذهبي والتمترس الحزبي، والانقسام السياسي، وانتقل اللبنانيون من مدافعين ومهاجمين للسعودية في ملف اليمن، إلى مراهنين على حسم المعركة في القلمون لصالح "حزب الله" أو المعارضة السورية، وتدور أسئلة عسكرية بين المواطنين: هل بدأت المعركة فعلاً؟ من سيحسم؟ من الأقوى؟ هل تدخل "جبهة النصرة" إلى لبنان؟


المعركة بدأت ولكن...
وفي نظرة عسكرية إلى مسار المعركة، فإن العميد أمين حطيط يؤكّد أن "المعركة الشاملة لكل المنطقة لم تبدأ بعد، وما يجري هو معركة مواقع ضمن استراتيجية القضم المتدرّج، ومعركة لدفع الأخطار عن اتجاه معيّن، خصوصاً من الغرب لناحية بعلبك وبريتال أو الجنوب والجنوب الغربي لناحية دمشق وطريق المصنع - بيروت وهذا ما حصل، وتعتبر مرحلة من مراحل المعركة الكبرى".
في المقابل يرى العميد نزار عبد القادر أن "المعركة بدأت ونشهد بداياتها"، ومن المبكر في رأيه معرفة استعدادت "حزب الله" لخوضها إلى النهاية، ويقول لـ"النهار": "لا تزال المعركة محدودة ضمن جرود بريتال - عسال الورد، ولم تتمدّد في اتجاه الشمال، لأن تقدّم "حزب الله" لم يصل بعد إلى الطريق التي تصل يبرود برنكوس وصولاً إلى الزبداني"، مشدداً على أن "استكمال المعركة في منطقة طولها نحو 100 كلم وعرضها بين 12 و20 كلم، لا بد من أن يستند على محور طرقي، والمحور الوحيد الموجود على السفوح الشرقية لسلسلة الجبال هو (يبرود - رنكوس - الزبداني)".


تقدّم الحزب وردّ المعارضة
ويروي حطيط تفاصيل تقدّم "حزب الله" الخميس، قائلاً: "تمت عملية عسكرية خاطفة ومتقنة، نُفّذت خلال 6 ساعات، وأدّت إلى انهيار 8 مواقع للمسلحين، وقتل نحو 65 مسلحاً وهرب نحو 100 إلى مواقع بديلة خارج منطقة المعركة ومنهم من فرّ كلياً، تاركين آلياتهم"، موضحاً انه "كانت هناك منطقة فاصلة بين جرود بريتال التي يتمركز فيها حزب الله وجرود عسال الورد حيث الجيش العربي السوري، يتواجد فيها ارهابيون ولديهم مواقع ثابتة ومحصنة، والعملية التي نفذت أدت إلى سقوط هذه المنطقة، فاتّصلت مناطق انتشار الحزب بمناطق الجيش السوري والحزب أيضاً في عسال الورد".
ويعتبر أنه بهذه العملية "بات خط المواجهة، يبدأ بخط مستقيم في الجنوب باتجاه الشمال نحو جرود عرسال، بدلاً من شكل V بطول نحو 20 كلم، وتكون العملية قد قلّصت خط المواجهة وعدد مراكز المسلحين، وانحصر الأخيرون في مسافة تتراوح بين 4 و8 كلم، وتراجعوا إلى الوراء". وتعترف مصادر سورية معارضة بـ"الانسحاب من جرد عسال الورد والتمركز في جرد الجبة"، إلا أنها تنفي وقوع هذا العدد من القتلى في صفوفها، وتقول لـ"النهار": "جيش الفتح يسير على قاعدة التكتّم والسرّية في المعلومات، إلى حين الموعد المناسب للكشف عنها، وأخيراً أعلن هذا الجيش أنه بعد تسلّل حزب الله من جهة لبنان قام المجاهدون بالانسحاب تكتيكيا من جرد عسال الورد لصدّ تسلّل العدو واستنزافه من جديد"، وكشف في تغريدات له على "تويتر" أن "حصيلة المعركة حتى الآن هي مقتل أكثر من 60 عنصرًا من حزب الله وجرح العشرات واستشهاد 3 أخوة وجرح 2 وخسائر مادية بسيطة"، مشيراً الى أن "حزب الله يستخدم الأراضي اللبنانية ليتسلّل من خلف المجاهدين"، ومحذّراً اللبنانيين من أن "الحزب يريد جرّهم إلى حرب ليست حربهم وإنما خطّطت لها إيران".


هل يحسم "حزب الله"؟
إذا كان الهدف هو الحسم، فهل سينجح "حزب الله" في هذه المهمة بالقضاء على نحو 4000 مقاتل في الجرود؟ يجيب العميد عبد القادر: "أعتقد أن طموحات حزب الله كبيرة بناء على خطاب نصر الله الاخير، وأعتقد أن الحزب لا يمتلك العدد الكافي من المقاتلين لتغطية منطقة واسعة، لأنه لا يكفي أن يحتل قمة ذات قيمة استراتيجية، بل يجب إبقاء بعض القوى في المراكز التي تم احتلالها لمنع المسلحين من الالتفاف في الوادي واستعادتها، لهذا فإن المعركة ستكون مبنية على الكرّ والفر، ويمكن أن تستمر لأشهر طويلة، وتتحوّل إلى حرب استنزاف بالنسبة إلى الطرفين"، مذكراً بأن طبيعة أرض المعركة "تعتمد على المشاة للقتال لأن ليس في المنطقة طرق، وليس لدى الطرفين قوات مدرّعة أو مؤلّلة والأرض لا تسمح بذلك".
"إنها حرب طويلة ومكلفة في عدد الاصابات والقتلى، وبطيئة لسببين: الأول وعورة الأرض وارتفاع بعض قمم الجبال لأكثر من 2600 متر، والثاني لعدم وجود محاور طرقية تسمح بنقل التموين والامداد بواسطة الشاحنات مثلاً" بحسب عبد القادر، مستبعداً أن يكون "لدى النظام فائض قوة إلى جانب حزب الله، وقد يكون لديه وجود تمثيلي، ويقدّم للحزب المساندة المدفعية والجوية".
أما بالنسبة إلى العميد حطيط فيلفت إلى أن "حسم المعركة لا يعني القضاء على كل من وجد فيها، لأن هناك تجارب منها في يبرود وقارة حسمت المعركة فيهما خلال أيام ولم يؤدِّ ذلك إلى القضاء على الجميع، بل قتل من صمد في المعركة وهم قِلّة، فيما انسحب القسم الأكبر من المسلحين ".
لكن المسلحين من الطرفين محاصرون، فكيف ينسحبون؟ يجيب حطيط: "انسحاب مجموعات عسكرية كبيرة صعب، لكن الانسحاب الفردي ممكن لأن الأرض غير منضبطة وليست ضيّقة ولا يتواجد فيها عوائق، ويمكن التخفّي في شكل فردي أو مجموعات صغيرة".


من الأقوى؟
يسأل لبنانيون عن الأقوى في الميزان العسكري بين المعارضة و"حزب الله"، فيوضح عبد القادر أنه "في الحرب لا يمكن توقع نتائج المعركة، وهناك أمثلة عدة في التاريخ، يكون فيها أحد الأطراف متمتعاً بأرجحية كسب المعركة لكنها تنتهي بخسارته، لأن هناك دائماً في الحرب ما يعرف بـ"الشكوك" التي تساور القيادات والمقاتلين، وحسن القرار، وهو ما كان يسميه الرئيس السادات قبل حرب 1973: لكن ضباب المعركة منعني من اتخاذ القرار، وهذه الضبابية تمنع التنجيم والتوقعات".


"داعش" في المعركة؟
حتى اليوم لم تطلَّ "داعش" في المعركة إلا بدور واحد، لا يزال مستغرباً، إذ تؤكد مصادر سورية معارضة أن "خلافاً وقع منذ يومين بين داعش والنصرة، وبعد هجوم الاولى على حاجز للنصرة، تدخّل مشايخ ووجهاء القلمون لفضّ الاشتباك، لكن "داعش" اعتقلت 3 عناصر من النصرة لتعود وتطلق سراحهم تحت الضغط"، فلماذا لم يقاتل بعد "حزب الله" عناصر "داعش"؟ يجيب حطيط: "حزب الله يواجه كل ارهابي يعمل في منطقته بصرف النظر عن التسميات"، أما عبد القادر فيقول: "السبب أن الحزب يقاتل المكوّن الجديد "جيش الفتح" الذي لا يضم "داعش"، كما أن الاخيرة لديها نحو 1100 مقاتل في القلمون الشمالي وهي المنطقة الأقرب إلى القاع وليست محاذية للبقاع الاوسط، حيث تجري المعارك".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم