الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الحرية الدينية والجنسية في المغرب... الى أين؟

المصدر: (أ ف ب)
الحرية الدينية والجنسية في المغرب... الى أين؟
الحرية الدينية والجنسية في المغرب... الى أين؟
A+ A-

تثير تعديلات واسعة للقانون الجنائي المغربي، اقترحتها وزارة العدل التي يرأسها وزير اسلامي، جدلا عميقا في المملكة بسبب استمرار العقوبات المتعلقة بالقضايا الأخلاقية، بل تشديدها، كما هو الحال بالنسبة للعلاقات خارج نطاق الزواج أو الافطار العلني في شهر رمضان.


وتولى مصطفى الرميد وزير العدل والحريات المنتمي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي، رئاسة لجنة متخصصة طيلة شهرين ادخلت تعديلات واسعة وخرجت بمشروع جديد للقانون الجنائي المغربي الذي لم يعرف مثل هذه التعديلات منذ 1962.


وقد اثارت هذه التعديلات نقاشا وجدلا واسعين في المملكة.


وأوضح مصطفى الرميد، خلال لقاء وطني الاثنين في العاصمة الرباط، ان صيغة مشروع القانون الجنائي الجديد "ألغت في المجموع أربعين مادة وأضافت 187 أخرى فيما تم تعديل وتتميم 576 مادة".


ومن بين أهم التعديلات التي تضمنها المشروع الجديد مواد تنص على تجريم "التعذيب" و"الإبادة الجماعية" و"الاتجار بالبشر" و"الإثراء غير المشروع" و"الفساد" و"التحرش الجنسي".


وبالنسبة لمصطفى الرميد فإن مشروع القانون الجنائي الجديد "تعبير عن التقدم الملحوظ على مستوى الحريات واحترام حقوق الإنسان" في المغرب، مؤكدا ان هذه التعديلات "تحترم" النص الدستوري المعتمد في صيف 2011 عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية في سياق الربيع العربي.


وشدد الرميد، الفائز لأول مرة في سنة 2011 بالانتخابات البرلمانية بعد حراك شعبي ودستور جديد، انه "من غير المسموح تحدي الهوية الإسلامية للدولة".


وإذا كانت هذه التعديلات الجديدة بالنسبة لوزير العدل المغربي "تواكب التطور الحاصل على مستوى الأنظمة الجنائية الحديثة" من خلال ادراج "العقوبات البديلة" للحد من اكتظاظ السجون، الا ان مسودة مشروع القانون الجنائي الجديدة لم تلق الإجماع والترحيب المنتظرين خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية والدينية.


وفي هذه المسودة قامت وزارة العدل، اضافة الى استمرار منع العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج، بتشديد الغرامات المتعلقة بهذه "الجريمة" وذلك برفعها الى 2000 يورو مع تحديد السجن بثلاثة أشهر على أقصى تقدير مقابل سنة في القانون القديم.


أما فيما يتعلق بالإفطار العلني خلال شهر رمضان فان مرتكبيه معرضون للسجن ستة أشهر مع دفع غرامة قد تصل الى 10 آلاف درهم (900 أورو)، ويمكن ان تضاعف هذه العقوبات في حال تكرار الفعل.


وأدرج المشروع الجديد لأول مرة جرائم من قبيل "ازدراء الأديان"، حيث تتراوح عقوبة مرتكبها ما بين ستة أشهر إلى سنتين سجنا، فيما تم الاحتفاظ بـ"جرائم" قديمة كالزنا والمثلية الجنسية والتبشير وشددت فيها العقوبات المالية.


أما عقوبة الإعدام فما تزال عقوبة سارية المفعول في مسودة المشروع الجديد، رغم حفظ الحالات التي تطبق فيها الى ثماني حالات فقط، في وقت لم تفعل فيها السلطات هذه العقوبة منذ سنة 1993، وفي وقت تشهد فيه المملكة مطالب حقوقية قوية لإلغاء هذه العقوبة نهائيا.


وأثار استمرار "جرائم الأخلاق" المذكورة اضافة الى العقاب على من يفطر علنا في رمضان والاحتفاظ بعقوبة الإعدام حفيظة الكثير من النشطاء الذين اطلقوا على شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاغ "القانون الجنائي لن يمر".


كما انضمت بعض الأصوات السياسية للاحتجاج على تجريم العلاقات الجنسية الرضائية خارج اطار الزواج، كما هو حال البرلمانية اليسارية ووزيرة الأسرة السابقة نزهة الصقلي، التي وصفت استمرار العقوبة ب"غير الواقعية" متسائلة "هل سنضع كل الشباب في السجن؟".


أما المحامي والناشط عبد الرحيم الجامعي فاعتبر في ندوة عمومية ان "القانون الجنائي هو أهم قانون بعد الدستور ويجب ان يعكس رؤية المجتمع خلال الخمسين سنة المقبلة"، موضحا ان مسودة المشروع الجديد "سجلت تراجعا" في نسختها الحالية في مجال الحريات.


وبدوره فتح الإعلام المحلي في المغرب النقاش حول الموضوع، حيث خصص مسؤولو النشر ورؤساء التحرير في بعض الصحف افتتاحيات متعددة للموضوع.


وفي افتتاحية ليومية "أوجوردوي لوماروك" الناطقة بالفرنسية بعنوان "أبدا، لا تقل أبدا" في اشارة الى موقف وزير العدل الرافض للنقاش حول هوية الدولة الإسلامية، دعت هذه الصحيفة الى توسيع النقاش والتشاور، معتبرة أنه "ضروري" رغم ان موقف الوزير "ربما يعكس رأي عدد كبير من الناس، بل أغلبية" 35 مليون مغربي.


وتضيف اليومية انه "قبل 50 أو 60 سنة من كان يظن ان المغرب سيقوم بثورة حول العديد من القضايا التي ظلت لزمن تدخل في باب التابوهات (المحرمات)؟"، حيث أعطت اليومية المثال بمدونة الأسرة التي أفردت للمرأة المغربية الكثير من الحقوق سنة 2004 رغم موجة الرفض المحافظة.


أما بالنسبة ليومية "التجديد" المقربة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي، فانتقدت بشدة من وصفتهم ب"المتطرفين" الذين يريدون تحرير القانون على مستوى الأخلاق "وفرض اختيارات مرفوضة، بدعوى القيم الكونية".


وحذرت هذه اليومية من امكانية انتشار "الفوضى" اذا تم تبني قوانين تعاكس "القيم الدينية والخاصة" للمغاربة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم