"شو عمبصير بطرابلس.. شو عمبصير؟"

"شو عمبصير بطرابلس .. شو عمبصير؟؟؟" أهزوجة ما إن أطلقها الفنان جوزيف عطية حتى التهبت أجواء معرض طرابلس بالأهازيج تردّدها، مصحوبة بالهتافات لتؤكد خيارها كمدينة مخالفة لما صوّرت به في فترة الأحداث.

كان ذلك خلال المهرجان الذي شهدته فيه طرابلس عرسًا وطنيًّا حشد الآلاف على مدى أربعة أيام متواصلة، أضيئت خلاله سماء المدينة في مبادرة من جمعية "الواقع" التي أرادت أن تغيّر الواقع فيها، فدفعت الناس للتمتّع بالفنون والرياضة على أنواعها، فأبعدتهم عن واقعهم الاليم، وأنستهم كل ما مرّ من ازمات، وأعادت صورة المدينة إلى حقيقتها كمدينة للحياة والفرح والفن والثقافة.

"مهرجان طرابلس السنوي 2015" تحت عنوان "لنركض لطرابلس"، الذي رعاه وزير العدل اشرف ريفي في معرض رشيد كرامي الدولي، تضمّن مسرحيات ونشاطات متعدّدة من ألعاب جديدة ومثيرة، كالصعود بالمنطاد. كما ظهرت في البرنامج الكثير من المبادرات الشبابية الكامنة التي أدّت أعمالا تدرّب الشباب عليها بدافع ذاتي، مثل الراب المصحوب بالكلام الانتقادي الساخر، والموسيقى الغربية، أم الشرقية، مع وصلات موسيقية، ورقصات تعبيرية شبابية، تحت حبال أشعة الأنوار الملونة، ورافقتها الموسيقى الصاخبة حينًا، والهادئة حينًا آخر، لتنقل الانطباع العام إلى ما يشبه المسرح "الهوليوودي" الذي لم يكن بعيدًا في السابق عن طرابلس، يوم واكبت صالات السينما فيها أهم الأفلام السينمائية العالمية، وأوّلها "الجميلة والوحش" على مسرح "زهرة الفيحاء" سنة ١٩٣٥، والعديد من المسارح المدرسية، وعروض المقاهي.

كما تضمّن الجزء الثالث منه ماراتونًا تحت عنوان "غيّر واقعك اركض للشمال" شارك فيه عشرة آلاف عدّاء من مختلف الفئات العمرية، لمسافات 2 كلم و5 كلم و10 كلم. وجاب المتسابقون شوارع المدينة الرئيسية في محيط معرض رشيد كرامي الدولي وساحة النور إمتدادا إلى البولفار ومنطقة البحصاص، ثم مستديرة السلام عند المدخل الجنوبي للمدينة. واتُّخذت تدابير أمنية وتنظيمية من قبل قوى الأمن الداخلي والصليب الأحمر اللبناني، حيث منع وقوف السيارات في الشوارع التي خصصت للماراتون. كما حلّقت طوافات عسكرية تابعة للجيش في سماء المدينة، وأطلقت قصاصات ملونة في السماء، وعلى طول المنطقة التي شهدت السباقات.

اما ليالي المهرجان فكانت صاخبة وحافلة بحفلات فنية، فبعد ان أشعلت الفنانة رويدا عطية ليلة الافتتاح بمجموعة من أجمل أغانيها، أحيا النجم اللبناني جوزيف عطية الحفل الثاني للمهرجان، لينطلق بذلك برنامج حفلاته الصيفية الذي يؤمل أن يكون حافلاً، ومبكرًا في انطلاقه هذا العام.

جوزيف عطية خاطب جمهوره الذي فاق كل التوقعات وملأ المدرجات قائلا: "شو عمبصير بطرابلس شو عمبصير؟ سأطلب من مدير المهرجان ان يمدّد المهرجان، ويدعوني مرة ثانية الى طرابلس"، مضيفا: "انا في غاية السعادة لانني في طرابلس بين هذا الجمهور العظيم، وسعيد ان افتتح موسم الصيف واولى الحفلات من طرابلس". ثم غنّى "ريحة طرابلس عمبتنادينا، يا ريس، وبترمينا من مينا لمينا، يا ريس".

وقدّم باقة من أجمل أغنياته وصولاً إلى أغنية عنوان ألبومه الجديد "حبّ ومكتّر" فردّد الجمهور كلماته معه وأغنية "لا تخلّيني"، وكرت سبحة اغانيه من "بتعمل بالناس"، الى "لا تروحي، حبيت عيونك"، "تم النصيب"، "لو غربوها"، "الحق ما بموت"، "تعب الشوق"، "ويلك"، "حابب شوفك"، "اكبر منن كلن"، "وينك"، "لبنان رح يرجع"، و"راجع يتعمر لبنان"، و"موهوم".

المطرب زياد البرجي ختم المهرجان بعد ان أشعل الشرارة لبركان زلزل المشاعر لتهتز الارض تحت أقدام الراقصين والمتجاوبين بالنبرات والاشارات مع صوته الشجيّ والالحان المميّزة، فغنّى جديده وقديمه، وقال لـ "النهار": "شاركت صباحًا بالماراتون، وكنت في غاية السعادة لمشاركة الناس في هذه المناسبة. هذه طرابلس تقوم من بين الركام، تولد وتعيش من جديد بعد آلام وأحزان وحروب مرّت عليها. وأقول ان جمعية "الواقع" تستحقّ أكبر وسام على عملها وجهودها وحقًّا غيّرت الواقع في طرابلس".

برجي اضاف:" هذه هي طرابلس التي يجب أن يعرفها كل العالم، طرابلس الفرح والحياة والمهرجانات الكبيرة، واشتقنا لطرابلس، لان الأحداث أبعدتنا عنها".

وعن جديده، قال: "سأشارك في مسلسل رمضاني وهو "سفينة نوح" وسأقوم بتصوير اغنية جديدة قريبا، اضافة الى حفلات عدة".

المهندس عباس سلوم مدير جمعية "الواقع" في الشمال، قال: "نحن هدفنا إزالة الآلام والحزن الذي عاشته المدينة، لنقول ان طرابلس تصرّ أنها تنهض من جديد، وريع المهرجان هو لاطلاق البطاقة الصحّية المجانية"، ومعلقا أن "الواقع" يزرع البسمة لكل مواطن لبناني".