الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل الغرامات المرتفعة وحدها تحدّ من الحوادث...ماذا عن حال الطرق؟

المصدر: "النهار"
سمير صباغ
هل الغرامات المرتفعة وحدها تحدّ من الحوادث...ماذا عن حال الطرق؟
هل الغرامات المرتفعة وحدها تحدّ من الحوادث...ماذا عن حال الطرق؟
A+ A-

ما إن دخل قانون السير الجديد حيز التنفيذ حتى بدأت الأصوات المعترضة تعلو على الغرامات الباهظة جداً تجاه المخالفين، ولا سيما ان المواطن لمس سعي المؤسسات الرسمية وأجهزتها الأمنية الى فرض القانون الجديد بجانبه "المربح" لا "المصلح" لأوضاع السلامة المرورية تمهيداّ للحدّ بجدية من حوادث السير على الطرق اللبنانية. فهل المشكلة في القانون الجديد أساساً كي يكون التطبيق "مبعثراً" أم في فهم المواطن لمتطلبات السلامة المرورية؟!


إذا انطلق أي مواطن لبناني بمركبته من بيروت سالكاً أياً من الطرق المؤدية نحو أي من المناطق البعيدة قد لا يجد أياً من الإرشادات المرورية الضرورية لضمان وصوله بسلامة فضلاً عن غياب الإنارة الليلية أو الإضاءة الفوسفورية، ناهيك بتداخل العديد من مواقف المحال التجارية في نقاط معينة مع مسارب الأتوتستراد مع ما ينتجه ذلك من إرباك للسائقين الذين يضطرون لتوقفات مفاجئة على طرق مفترض أنها سريعة! وهنا لا يمكن أن ينسى المواطن ضرورة تحزمه بخريطة للحفر والزفت المائل على الطرقات الدولية والداخلية نتيجة غياب الصيانة وتقاذف الصلاحيات بين المعنيين.



من هنا ينطلق نقيب مكاتب السوق حسين غندور في رفضه لتطبيق القانون الجديد لأن "القانون الجديد هدفه الحد من حوادث السير بحسب ما قيل. ولكن أين قاعدة البيانات التي تحدد الجهة المسؤولة عن الحوادث وأسبابها؟ هل المشكلة في القانون القديم أم في الطرق أم في مكان آخر؟".
واضاف:"القانون الجديد الذي قيل أنه لخدمة المواطن وشرّعه نواب الأمة الذين يمثلون الشعب حمّل مسؤولية الحوادث القاتلة الى المواطن من خلال الغرامات المرتفعة لسبب بسيط جداً هو أن المواطن هو الذي حفر الحفرة للقيام بالأشغال ولم يرقعها لاحقاً، كما ان المواطن هو الذي قطع الكهرباء عن اعمدة الانارة وهو الذي تأخر بوضع الإشارات الضوئية والتوجيهية والتخطيط على الطرق؟ كل هذه الحقوق هي من مسؤولية المواطنين وليست من مسؤولية الدولة ومؤسساتها التي اختصرت حقوقها بجباية الضرائب والرسوم والغرامات".


 


الاستدامة
إلا أن أمين سر جمعية "يازا" والمتخصص في إدارة السلامة المرورية كامل إبرهيم رأى أن" المواطن لم يرَ من القانون إلا الغرامات وتناسى ما يحمله القانون من إصلاحات، كما أنه لا يجوز الربط بين أوضاع الطرق وتطبيق القانون الجديد. فالقانون القديم كان نافذاً ولم تكن النقابات وغيرها تتحدث عن السلامة العامة على الطرق وتتحجج بما تقوله الان؟ إذا كان الهدف هو تامين السلامة المرورية لا بد من الضغط لإنتاج التزام سياسي جدي من الحكومة للسير باستراتجية وطنية للسلامة المرورية يمكن البحث عن مصادر تمويلها بسهولة لاحقاً".
واعتبر ان "الطريقة المعتمدة في تطبيق القانون الجديد ستخفض عدد الحوادث مرحلياً كون القانون الان محور اهتمام الناس، ولكن الإستدامة بالحد من الحوادث لا يمكن تحقيقه دون خطة شاملة وخصوصاً أن الدولة المتمثلة بالحكومات المتعاقبة في الثلاث سنوات الماضية لم تحضر البنية التحتية للسير بالإصلاحات الواردة كما أن المجلس الوطني للسلامة المرورية الذي يرأسه رئيس الحكومة ويضم وزراء الأشغال والتربية والداخلية والعدل وغيرهم بالإضافة الى امانة السر المولجة متابعة التخطيط والتوجيه، لم يجتمع لوضع خطة متكاملة للسير بحيث تتحدد المسؤوليات ولا يبقى لأي وزارة أي إمكان لتقاذف المسؤوليات مع غيرها، كما أن اللجنة الوطنية للسلامة المرورية والتي تضم جميع النقابات وممثلي المجتمع المدني وغيرهم لم تجتمع بعد ولو مرة واحدة لمناقشة سبل تطبيق القانون الجديد".



القانون والواقع "الشاذ"!
يرى البعض أن القانون الجديد لم يحمل الى واقع السلامة المرورية سوى اطروحات نظرية لم تراعِ الأوضاع "الشاذة" على الطرق أولاً، فيما يرى آخرون أنه المفتاح الحقيقي للسير بخطة متكاملة تضمن السلامة المرورية تدريجاً، لكن كم من قانون أقره مجلس النواب وبقي تطبيقه الصحيح أسير الأوراق؟
أكد إبرهيم أن "قوى الامن الداخلي قامت بتدريب عناصر متخصصين بالسير ويبقى إنشاء وحدة المرور المتخصصة كما نص القانون. المطلوب إطلاق الإصلاحات الحقيقية المتضمنة في القانون، ومنها تحديث مناهج السوق بالتوازي مع تحسين مستوى إمتحان السوق بحيث لا يكون الحصول على رخصة القيادة سهلاً وبلا عناء، ثم تبدأ مهمة وزارة الأشغال والبلديات ضمن خطة وطنية عامة لصيانة الطرق وإعادة تأهليها لضمان السلامة المرورية بالتزامن مع التطبيق الجدي للقانون الجديد".
ولفت الى أن " كل هذه الإصلاحات إذا ما طبّقت ستكون في مصلحة مكاتب السوق وخبراء السير لأنها ستضمن أن يكون أي خبير أو صاحب مكتب حائزاً على المؤهلات العلمية المطلوبة كما أنها ستضمن لهم مردوداً مالياً لقاء تعليم المواطنين السوق بطريقة صحيحة ووفق القوانين بحيث تتحول المكاتب الى مدارس تعليمية ".
وفي المقابل يجزم غندور أن "قانون السير الجديد كما أقره المشترع لن يبصر النور في ميدان التطبيق لأن الواضح أن الذي سيطبق بالاسم هو قانون السير لكن ببعض بنوده الهادفة الى جباية الأموال من المكلفين لأن هذا القانون لا يمكن تطبيقه أساساً، خذ مثلاً النقاط، فكل سائق لديه 12 نقطة فيما هناك في لبنان 1400 نقطة سوداء تسبب الحوادث على الطرق كما أن الرادارات المتحركة ترسل المحضر باسم صاحب السيارة فكم من سيارة يملكها شخص ويقودها أشخاص!؟ وهل بمقدور اللبناني بحسب توقعنا في حال تطبيق القانون الجديد تسديد زهاء 2000$ للحصول على دفتر سوق مع العلم أن المواطن لا ثقة لديه أن الأموال المحصلة ستكون لتأمين الخدمات على الطرق لاحقاً".



ونفى ابرهيم أن "تكون كلفة رخصة القيادة تصل إلى حدود الـ 2000$ خصوصاً وان القانون الجديد يضمن للراسب إعادة الفحص لقاء 20 $ فقط كما أنه لم يتم تطبيق نظام النقاط حالياً لعدم إنشاء السجل المروري ومكننة المحاضر".
صحيح ان إقرار قانون سير جديد كان ضرورة لتنظيم قطاع كبير تشوبه المخالفات على أنواعها في ظل وجود "السماسرة"، لكن الأكيد ان هذا القانون لا يمكن الإفادة منه في غياب خطة حكومية شاملة ترعى أدق تفاصيل السلامة المرورية وتضمن العمل بنفَس مؤسساتي كي لا تعاد تجربة الوزير بارود الذي بادر بمجهود شخصي سرعان ما تلاشى مع التغيير الحكومي. فهل يتحول ملف السير الى أولوية وطنية لا تعالج فقط بالاستعراضات الإعلامية؟
[email protected]
twitter:@samirsabbagh


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم